صناعة الحجر البازلتي في السويداء وغياب الدعم حكومي للتطوير والاستثمار
السويداء- نورث برس
يقول أصحاب معامل صناعة الحجر البازلتي في السويداء، جنوب سوريا، إن الحكومة لم تساهم في تطوير ودعم هذه الصناعة ولم تستثمرها بالشكل الصحيح وخاصة بعد أن تعرضت تلك المعامل إلى خسائر جراء توقف التصدير إلى الخارج خلال الحرب السورية.
وفي ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، قام بعض المستثمرين داخل السويداء بإنشاء معامل خاصة لنشر وتقطيع صخور البازلت واستخدامها في أعمال البناء والإكساء وبلاط للأرضيات والأرصفة.
دور حكومي غائب
وتضم مدينة السويداء وريفها حوالي 60 معملاً لصناعة الحجر البازلتي وتتبع جميعها للقطاع الخاص، ويطلق عليه السكان “الذهب الأسود” نظراً لأهميته الاقتصادية إذا استثمر.
وقال سامي حاتم (55 عاماً)، وهو مهندس جيولوجي يقيم في مدينة السويداء، إن استخدام الحجر البازلتي يمكن أن يتم استثماره بشكل أكثر جدوى من خلال إنشاء معامل صهر الأحجار المزودة بأفران حرارية معدة لها.
ويمكن أن تنتج تلك المعامل الصوف الصخري للعزل الحراري والصوتي، بحسب “حاتم”.
كما يمكن تصنيع أنابيب نقل البترول والغاز وبطانات عزل إشعاعي للأفران النووية وعزل صوتي للمعامل وأنفاق المترو ومحطات الإذاعة وألبسة ضد الحريق، وفقاً للمهندس الجيولوجي.
ورأى “حاتم” أن حكومة دمشق لم تستطع الاستثمار الصحيح في الحجر البازلتي، جراء “غياب الخطط الاقتصادية ومركزية القرارات المتخذة والتي أعاقت عملية التنمية في أطراف أخرى من غير العاصمة دمشق.”
ويمكن أن تدخل الحصويات البازلتية في المستقبل في صناعة وخلطات البيتون “والتي أثبتت جدواها من النواحي الفنية داخل مختبرات نقابة المهندسين بالسويداء، في تحقيق نتائج وميزات اقتصادية كبيرة غفلت عنها الحكومة بشكل تام.”
ويشتكي أصحاب تلك المعامل من غياب شبه كامل للدور الحكومي في الاستثمار بهذا القطاع وعدم إعطائها أي اهتمام أو دعم من حيث توفير القروض الصناعية لهم.
تصدير متوقف
وقبل الحرب السورية، كان تصدير إنتاج معامل صناعة الحجر البازلتي في السويداء يتم إلى الخليج العربي والعراق، لكنه توقف بشكل كلي بعد سنوات من بدء الحرب.
وقال خالد العاقل (54عاماً)، وهو صاحب معمل لنشر وتقطيع حجر البازلت غرب السويداء، إن تصدير البازلت المصنع إلى العراق كان وبحسب خبراء عراقيين: “أفضل بكثير من أحجار البازلت الواردة إليهم من الولايات المتحدة ودول أخرى من حيث نوعيته وقساوته.”
وقبل 2014، قام “العاقل” بتصدير “قسم كبير من إنتاج معمله إلى العراق ولكنه توقف بعد ذلك.
ويعتبر حجر البازلت في السويداء، ذا مواصفات عالمية فهو حجر بركاني صلب يدخل في تصميم الأبنية الحديثة والإكساء الخارجي ويستخدم في الأرصفة الطرقية.
وبعد توقف التصدير إلى الخارج، بدأ السوق المحلي في مدينة السويداء يستقبل كميات حجر البازلت، بينما يتم تسويق الفائض إلى دمشق واللاذقية وحمص.
وتواجه هذه الصناعة وفقاً لأصحاب معامل في السويداء معوقات تتلخص في الاضطراب الكبير في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية وندرة اليد العاملة.
بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف نقل حجر البازلت الخام من مناطق استخراجه داخل السويداء إلى المعامل، حيث يبلغ متوسط سعر النقلة الواحدة منه 65 ألف ليرة، وقد تصل إلى مئة ألف، وذلك بحسب بعد المقالع.
ومن المعوقات أيضاً، ارتفاع تكاليف الصيانة لمعدات النشر والتقطيع المتعلقة بالحجر البازلتي، وهذا ما ينعكس على زيادة تكاليفه وأسعاره داخل الأسواق.
أنواع متعددة
وتضم السويداء 39 مقلعاً لاستخراج الصخور البازلتية وتتركز في جبال السويداء وبلداتها الشرقية وأهمها محيط مدينة صلخد بريف السويداء الجنوبي الشرقي وبلدات شقا وبوسان بالريف الشرقي للسويداء.
وبحسب أصحاب معامل البازلت في السويداء، فإن وزن حمولة النقلة الواحدة من أحجار البازلت الخام إلى المعامل تقدر بأربعة عشر طناً.
وتنتج كل أربعة عشر طن من صخور البازلت سبعين متراً مربعاً من الحجر المصنع، حيث يبلغ سعر المتر المربع الواحد منه 65 ألف ليرة سورية.
وقال محمود الزين (47عاماً) وهو من سكان السويداء ويعمل في أحد معامل الحجر البازلتي وفي مناطق استخراج البازلت، إن الصخور البازلتية في السويداء تتكون من عدة درجات وذلك وحسب نقاوتها وخلوها من الشوائب الترابية.
وهناك ثمانية وعشرون نوعاً للحجر البازلتي في السويداء مرتبطة بعمق استخراجه، “فكلما زاد عمق الاستخراج حصلنا على أنواع أكثر جودة وقساوة.”، بحسب “الزين”.
وتزداد أسعار حجر البازلت كلما كانت أكثر قساوة، فمتوسط الليونة منها واللينة تكون في طبقات الأرض السطحية، ويظهر الحجر البازلتي الأكثر صلابة والأجود بعد الحفر على عمق عشرة أمتار وما هو أعمق من ذلك.
وذكر “الزين” أن أكثر المناطق أهمية من حيث استخراج الحجر البازلتي ذي النوعية الجيدة تتواجد في ريف السويداء الجنوبي الشرقي.