“أرقام مرعبة وحلول غائبة” لتسرب أطفال من مدارس شمال غربي سوريا

إدلب – نورث برس

تنتشر في مناطق شمال غربي سوريا، ظاهرة بأرقام “مرعبة” تتمثل بتسرب الأطفال من المدارس، لا سيما في مخيمات النازحين على الحدود السورية ـ التركية.

ويعيش في إدلب وأريافها أكثر من مليون ونصف المليون طفل محرومين من التعليم، بحسب إحصاءات صادرة عن “وحدة تنسيق الدعم”.

وبلغ عدد الطلاب المتسربين من المدارس في مناطق سيطرة المعارضة، نحو 300 ألف طالب، من أصل 600 ألف طالب، أي بنسبة 50 بالمئة، بحسب فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة.

أسباب متعددة

وتعود ظاهرة تسرب الطلاب لعدة أسباب، أهمها سوء الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية التي يعاني منها سكان تلك المناطق.

وقال الطفل يعقوب العلي (14 عاماً)، وهو من سكان مدينة إدلب، لنورث برس: “تركت المدرسة لأساعد والدي في تأمين الاحتياجات المنزلية.”

ويعمل “العلي” في إحدى محال تصليح السيارات في المنطقة الصناعية بمدينة إدلب.

ويقول بلهجة حزينة: “أحلم بوضع الحقيبة على ظهري والذهاب للمدرسة مع أصدقائي.”

وأعاد سليمان المحمود، وهو مدير سابق لإحدى مدارس مدينة سراقب، أبرز أسباب التسرب المدرسي في إدلب إلى الانقطاع وتشتت الصفوف الدراسية خلال ظروف النزوح في السنوات العشر الماضية.”

وأدت عمليات النزوح المستمرة لبقاء طلاب في الصف الدراسي نفسه حتى عند الوصول لمرحلة الاستقرار الأمني النسبي، بحسب المدير السابق.

وأضاف “المحمود”: ” جلوس الطالب في صف مع زملاء أصغر منه عمراً بكثير يشكل هاجساً نفسياً يدفعه لكره المدرسة.”

ويترك آخرون دراستهم بسبب “الأوضاع المادية لذويهم، وانعدام مصادر الدخل، ناهيك عن التضخم السكاني في منطقة صغيرة تتفشى فيها البطالة”، بحسب “المحمود”.

وأجبرت تلك الأوضاع العائلات على عدم الاهتمام بمستقبل أطفالها، لعدم قدرتها على تأمين المستلزمات المدرسية لهم.

وروى جميل بيوش (22 عاماً)، لنورث برس، أسباب تركه للمدرسة قبل سبع سنوات.

وقال: “توفي والدي قبل سبع سنوات بقصف جوي استهدف مكان عمله في مدينة كفرنبل جنوبي إدلب.”

وأضاف: “خرجنا من المدينة وتوجهنا لمخيمات النازحين شمال إدلب، لأجد نفسي، حينها، ملزماً بتحمل أعباء المعيشة واحتياجات عائلتي.”

ويسكن “بيوش” مع عائلته في مخيم السلام على الحدود السوريةـ التركية، “وهنا اضطررت للعمل في أحد المقالع الصخرية بالقرب من بلدة دير حسان.”

ويتقاضى الشاب شهرياً مبلغ 50 دولاراً أميركياً، “لكن هذا المبلغ لم يعد يكفي شيئاً في ظل الغلاء الكبير الذي تشهده المنطقة.”

ويبلغ سعر صرف الليرة السورية في تداولات اليوم الثلاثاء، أمام الدولار الأميركي 4100 ليرة سورية.

أوضاع معيشية

وأرجع محمد حلاج، مدير فريق منسقو استجابة سوريا، لنورث برس، السبب الرئيسي لحالات تسرب الأطفال من المدارس في إدلب، إلى الحالة الاقتصادية المتردية.

وبحسب إحصاءات “وحدة تنسيق الدعم” فإن 51% من الأطفال خارج المدرسة ويعملون لإعالة أسرهم، 63% منهم يعملون ضمن أعمال تتطلب جهداً، و9% يعملون في أعمال تتطلب جهداً وتشكل خطراً على حياتهم.

كما أثرت موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها المنطقة منذ العام الفائت، على خلفية القصف المتواصل بين طرفي النزاع، إضافة لتهدم العديد من المدارس وخروجها عن الخدمة، على سير العملية التعليمية، بحسب “حلاج”.

وتم تسجيل نحو 56% من الطلاب دون كتب مدرسية، و43% تغيبوا بسبب المرض، و37% من المدرسين في المنطقة عبَّر لهم الأطفال عن عدم شعورهم بالأمان بسبب وجودهم ضمن المدارس، بحسب “وحدة التنسيق”.

وأشار “حلاج” إلى أن ظاهرة التسرب كانت قائمة من قبل ولكن بشكل أقل، “أما اليوم ومع سوء الأوضاع المادية، بدأت كل عائلة تبحث عن معيل آخر، حيث يلجؤون إلى عمالة الأطفال.”

إعداد: براء الشامي ـ تحرير: معاذ الحمد