سكان من الرقة يتهمون مجالس الأحياء “الكومينات” باتباع محسوبيات في عملهم
الرقة – نورث برس
يتهم سكان في مدينة الرقة، شمالي سوريا، بعض الرؤساء المشاركين لمجالس الأحياء (الكومينات) في المدينة باستغلال مناصبهم لخدمة معارف وأقرباء لهم وتفضيلهم على خدمة عامة سكان الحي، بينما يقول مسؤولون إنهم يمثلون حالة مجتمعية ويعملون طوعاً.
وتعرف الكومينات، بحسب هيكلية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بأنها أصغر خلية إدارية تتكون من عدة لجان وتضم سكان الحي أو القرية لإدارة أمورهم الحياتية بأنفسهم، حيث يتم تنظيم 800 إلى ألف شخص ضمن كومين واحد.
ومنذ آب/ أغسطس من العام الفائت وحتى الآن، تم فصل 36 رئيساً مشاركاً للكومينات في الرقة، “لاستغلال مناصبهم في عمليات فساد”، بحسب المجلس العام في الرقة.
“اتهامات بمحسوبيات”
وقال علي ياسين (60عاماً)، وهو من سكان حي الدرعية بالرقة، إن بعض الرؤساء المشاركين للكومينات يقومون بتغليب المعرفة الشخصية والمحسوبيات على الموضوعية، أثناء توزيع الغاز والمازوت وتوزيع السلال الغذائية الإغاثية.
وأضاف: “القائمون على بعض الكومينات جالسون من دون عمل ويؤخرون احتياجات الناس، وبعضهم لا يتعاملون بلباقة مع السكان.”
وتضم أحياء مدينة الرقة 74 كوميناً، بالإضافة إلى عدد آخر في القرى.
وتشرف عادة على توزيع الغاز ومادة مازوت التدفئة والمساعدات الغذائية، كما تعطي وثائق خطية تتعلق باستحقاق العائلة أو الشخص لخدمات عدة مؤسسات أخرى مثل إعطاء موافقات لاستئجار المنازل.
ويتهم “ياسين” وسكان آخرون بعض الكومينات “بوضع أسماء وهمية أثناء التنسيق مع المنظمات لتوزيع مساعدات غذائية، ويأخذون تلك الحصص لأنفسهم.”
ورغم أن الحديث عن المحسوبيات ضمن الكومين ولجانه قد يكون شائعاً في الأحياء، إلا أن الأمر لا يخلو من انطباعات مختلفة عن عمل تلك اللجان.
وقال عامر البشير (40عاماً)، وهو عامل من سكان حي الدرعية في الرقة، إن الكومين الذي يتبع له، “يقوم بعمله على أكمل وجه ونحن راضون عن عمله.”
ولم يمنعه ذلك من القول إن على القائمين على عمل الكومينات في الرقة يتحملون مسؤولية العمل بأمانة، وخاصة أن “المدينة مليئة بالنازحين واللاجئين.”
“متطوعون بلا أجر”
لكن خليفة سليمان (55عاماً) وهو الرئيس المشارك في كومين “الشهيد عزيز جيجان” بحي التعمير في المدينة، قال إنه لا يجني من عمله في الكومين، “سوى اعتماد بسيط لا يكاد يكفي مصاريف مراجعاتي للمجلس العام أو الورقيات التي أستخدمها في العمل.”
وأضاف: “أنا لا أتقاضى أي راتب مقابل عملي كرئيس مشارك لكومين، وأعتمد في معيشتي على التحويلات المالية من أبنائي خارج البلاد.”
ولا يتقاضى رؤساء الكومينات في الرقة أي رواتب ثابتة، لكنهم يعتبرون من مستحقي الإعانات الغذائية أثناء توزيعها، كما يحصل الأعضاء المشاركون في أعمال توزيع مواد الغاز المنزلي ومازوت التدفئة على 100 ليرة سورية عن أسطوانة الغاز و250 ليرة عن برميل المازوت.
ويشتكي “سليمان” من إزعاجات بسبب عدم التزام السكان بمراجعة مركز الكومين أثناء الساعات المخصصة، “يترددون إلى المنزل في مختلف الأوقات، رغم تخصيص مكان وزمان محدد للاستفسار وإنشاء مجموعات على تطبيق الواتس آب.”
كما يقول رؤساء كومينات آخرون في الرقة إنهم يتعرضون للكثير من الاتهامات بسبب عجزهم أحياناً عن إرضاء جميع السكان ضمن نطاق عملهم.
ورغم ذلك، لا يستبعد “سليمان” قيام بعض ممن وصفهم بـ”صاحبي الأنفس الضعيفة” من الرؤساء المشاركين بوضع أسماء وهمية في لوائح إحصائيات أحيائهم، عندما تطلب منهم منظمات توزيع مساعدات إغاثية.
ورأى أن “السبب الرئيسي في الفساد عند الكومينات هو عدم تخصيص راتب شهري لهم، فهم يعملون دون مقابل.”
“حالة مجتمعية”
وقال لؤي العيسى، وهو الرئيس المشارك للمجلس العام في الرقة، إنهم أثناء تشكيل الكومينات أبلغوا المرشحين بأنه “ليس لهم راتب مخصص من المجلس العام.”
وذكر أن لديهم خطة مستقبلية لتخصيص مواد تموينية شهرياً لرؤساء الكومينات وصرف مكافآت مالية لهم، “لكن ننتظر الدعم المادي لتطبيق ذلك كي نقوم بوضع مراقبين على القائمين على عمل الكومينات ومساءلتهم، ولا نستطيع تفعيل ذلك الآن لأنهم متطوعون.”
وواجه تشكيل الكومينات في الرقة بداية العام 2018 صعوبات وتحديات وذلك “لعدم استيعاب فكرتها بسبب البيئة العشائرية والعوامل الشخصية والمحسوبيات في المنطقة”، بحسب الرئيس المشارك للمجلس العام في الرقة.
ورأى “العيسى” أنهم لم يحققوا حتى الآن الهدف المرجو من تشكيل الكومينات، وهو “استيعاب الكومين على أنها حالة تنظيمية مجتمعية وإدارية ضمن الحي، وإدراك أنهم ليسوا مخاتير أو أشخاصاً ذوي صلاحية ذاتية في إقرار تقديم الخدمات والمعونات.”