عاملات في الزراعة بريف القامشلي بأجور زهيدة بسبب استغلال قلة العمل
جل آغا – نورث برس
تقول نساء وفتيات يعملن في أعمال زراعية في بلدة جل آغا (الجوادية) بريف القامشلي، شمال شرقي سوريا، إن أصحاب مشاريع زراعية استغلوا حاجتهن للعمل في زيادة ساعات العمل مقابل أجور قليلة، بينما يقول مسؤول محلي إن هؤلاء العاملات وقعن ضحية استغلال بسبب عدم تنسيق ورشاتهن مع اتحاد العمال في البلدة.
وأدت الظروف المعيشية القاسية على خلفية الانهيار المستمر لقيمة الليرة السورية إلى ازدياد من يحتجن للعمل، بينما تسبب انحسار مساحات الزراعات المروية بقلة فرص العمل.
ويزداد الأمر صعوبة مع غياب معيلي بعض العائلات بسبب عقد من الحرب والهجرة وتدهور الظروف المعيشية، وهو ما يجبر الأم أو الابنة عادة لتولي المهمة.
ويتجاوز عدد العاملات ببلدة جل آغا وريفها 2.500 عاملة ضمن حوالي 25 ورشة، بحسب اتحاد العمال في البلدة.
أجور بخسة
وتقوم فطومة المحمود (60عاماً )، وهي من سكان ريف جل آغا، بتنظيم عمل ورشتها من خلال توزيع المهام على العاملات اللواتي يقمن بزراعة البصل للموسم الصيفي.
وقالت، لنورث برس، إن كلاً من عاملاتها تتقاضى 2.500 ليرة لقاء ست ساعات عمل ويبذلن كل الجهد كي لا يخسرن العمل، “فرص العمل قليلة ولا نصدق أن نحظى بها.”
وأضافت أنّ اقتصار الزراعة المروية على مساحات قليلة هذا العام دفع بمزارعين لاستغلال العاملات اللاتي تبحثن عن عمل،” كنا نعمل خمس ساعات سابقاً، ونعمل اليوم ست ساعات لقاء الأجرة نفسها.”
وفي مواسم سابقة، جمعت “المحمود” عاملات من قريتها، واختارت الأكثر حاجة للعمل، لكن تدهور الزراعات المروية أدى لانخفاض عدد عاملات ورشتها من 40 عاملة إلى عشر فقط حالياً.
وأشارت رئيسة الورشة، التي تعيل عائلتها بمفردها، إلى أن المبلغ الذي تتقاضاه وعاملاتها لم يعد يؤمن شيئاً في الأسواق حالياً.
احتياجات متزايدة
وتضم الورشات الزراعية عاملات ذوات ظروف خاصة، بسبب رعايتهن لأطفال صغار أو مرضى ضمن عائلاتهن.
وتترك إلهام السالم (٣٠عاماً)، وهي عاملة من سكان ريف جل آغا، خمسة أطفالٍ وزوجاً مريضاً ينتظرون عودتها.
” الحياة المعيشية صعبة و٢٥٠٠ ليرة لا تؤمن ولو جزء بسيط من احتياجاتنا.”
تشير إلهام إلى أنها أجرتها ليومين لا تؤمن ليتراً واحداً من الزيت اللازم للطبخ، “فكلّ شيء أصبح على الدولار.”
وتضيف بأسى حول عجزها عن تأمين احتياجات منزلها وأولادها: “حليب وأدوية ومواد تموينية والعامل لوحده ما يلحّق.”
وخلال العام الفائت، كانت ظروف العمل في تعشيب الكمون وتنظيف العدس من الحشائش وزراعة بذار البصل والثوم وحصاد تلك المحاصيل “أفضل”، بحسب عاملات في ريف جل آغا.
تقول “السالم”: “كان المزارع يبحث عن العاملة، أما اليوم فلا مساحات زراعية لاستيعاب العاملات.”
وقالت مريم الخليل (٣٥عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال، إنها جاءت مع بنات قريتها للعمل بهدف مساعدة زوجها الذي يعمل في مكابس البلوك.
“باتت المعيشة صعبة، واليوم الذي لا نعمل به لن نستطيع تأمين طعام لعائلتنا.”
وأضافت أنها لم تشهد غلاء أسعار كما هو الآن،” وحتى السنوات الأولى للأزمة والحرب كانت أرحم من هذه الأشهر الأخيرة.”
“الأجر منقوص”
ورغم مرور عقود على زمن الحياة الريفية الشاقة حين كانت هؤلاء النسوة أطفالاً، إلا أن التدهور المعيشي في السنوات الأخيرة زاد الأعباء على كثير من العائلات وأعاد الشقاء إلى حياتها.
وفي الأسواق يبدو الإجحاف في الأجور التي ذكرتها العاملات التي التقيناهن واضحاً، فأسعار الصرف تحكم كافة تسعيرات المواد الغذائية والأساسية.
وسجل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد، الثلاثاء في القامشلي، أكثر من 4.400 ليرة سورية، وهو ما يبدو مرعباً بالنسبة لعائلات ذات دخل محدود.
وقال شيروان سفو، وهو الرئيس المشارك لاتحاد العمال ببلدة جل آغا، إنّ أجرة العاملات في الورش الزراعية الموسمية حددت بألف ليرة للساعة الواحدة منذ موسم العام الفائت.
وأضاف “وهناك خطة لرفعها أيضاً حتى تتماشى مع الأوضاع المعيشية للعاملات.”
لكنه أشار إلى أن العاملات “يساهمن بالانتقاص من أجرهن المادي من خلال القبول بالعمل بهذه الأسعار.”
وكشف عن وجود خطة لجمع أصحاب الورشات الزراعية “الشاويش” للتنسيق بهدف حصول كافة العاملات على بطاقات لاتحاد العمال ومنع استغلالهن من قبل أصحاب المشاريع الزراعية.
ويعتبر “السفو” أن محاسبة أرباب الأعمال بسبب استغلال العمال واتخاذ الإجراء القانوني المناسب يصبح أيسر مع وجود تنسيق بين الاتحاد والعمال والعاملات عموماً.