محاصيل شتوية مهددة وإعادة نظر في مشاريع صيفية في الرقة بسبب أزمة المياه
الرقة – نورث برس
يتخوف مزارعون في الرقة، شمالي سوريا، من المخاطر المحدقة بالزراعة بعد تخفيض منسوب مياه نهر الفرات من قبل تركيا بينما يحذر مسؤول في مكتب الري من مغبة خروج السدود عن الخدمة.
ومنذ أكثر من شهر، عمدت تركيا إلى خفض منسوب نهر الفرات, مما خلف مشكلات خدمية أبرزها نقص الكهرباء، وتهديداً لموارد معيشية لسكان المنطقة.
محاصيل مهددة
ويتردد الفلاح عبود الحويش (٤٨عاماً), وهو مزارع في قرية مارودة، 8 كم شمال الرقة، على مكتب الري التابعة للجنة الزراعة في مدينة الرقة بشكل يومي للاستفسار عن أوضاع مياه الري.
وقال، لنورث برس، إن لديه حقلاً من القمح لم يسقه لانقطاع مياه الري عن قريته، “ومن خلال ترددي إلى مكتب الري تبين أن السبب يعود لحبس مياه النهر من قبل تركيا.”
ودفعت هذه الظروف مزارعين في ريف الرقة إلى إيقاف استعداداتهم لزراعة المواسم الصيفية لهذا العام.
كما أشار “الحويش” إلى أن ” الزراعة باتت مكلفة جداً في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، ولا نستطيع المقامرة بزراعة موسم مهدد بالتلف بسبب قلة مياه الري.”
ومنذ توقيع الاتفاقات الدولية عام 1987، لم تلتزم تركيا بشكل كامل بها، حيث قامت خلال فترات متلاحقة بقطع المياه تارة، وتقليل كميات المياه الواردة إلى سوريا والعراق تارة أخرى.
ويقضى الاتفاق بأن تسمح تركيا بمرور ما لا يقل عن 500 متر مكعب فى الثانية، على أن تمرر سوريا للعراق ما لا يقل عن 58 فى المئة من هذه الكمية إلى العراق بموجب اتفاق لاحق تم توقيعه.
ومطلع هذا الشهر، طالبت إدارة السدود العامة، الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية للتدخل من أجل الضغط على تركيا للعودة إلى الاتفاقيات الدولية بخصوص كميات المياه، “لأن الوضع الحالي يهدد بكارثة إنسانية وبيئية.”
معيشة عائلات
ويتفق عبد القادر العلي (٢٧عاماً)، وهو مزارع في قرية المظلة، 40 كم شمال مدينة الرقة مع غيره في أن زراعة المحاصيل الصيفية لهذا الموسم تعتبر مجازفة في ظل استمرار انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات.
وأضاف: “ما زال الخطر يهدد موسم القمح لهذا العام لأنه يحتاج من ثلاث إلى أربع ريّات لكي يصدر، بينما سيتلف المحصول تماماً في حال انقطعت مياه الري، وخاصة مع عدم هطول أمطار كافية هذا العام.”
ويواجه أرباب عائلات في الرقة، ممن يعتمدون في معيشتهم على الزراعة، صعوبات معيشية وسط الغلاء المستمر على خلفية انهيار قيمة الليرة السورية.
كما أن التجهيز لموسم القطن “مكلف جداً وقد تصل تكلفة الدونم الواحد الى 200 ألف ليرة سورية ما بين أسمدة وبذار وأيدي عاملة”, بحسب “العلي”.
ومن جهته، قال شيخ نبي خليل, وهو رئيس مكتب الري التابع للجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني، إن قناة ري البليخ تحتاج إلى ٩٠ متر مكعب في الثانية من مياه بحيرة الفرات, لتغطية المشاريع الزراعية.
ابتزاز دولتين
وقامت تركيا بتخفيض الوارد المائي إلى أقل من 200 متر مكعب في الثانية, مهددة بذلك القطاع الزراعي في الرقة بالانهيار “, بحسب مكتب الري في الرقة.
و بسبب الانخفاض في منسوب المياه في البحيرة, أوعزت إدارة السد للمسؤولين عن الري للتقنين بمياه الري.
وعلى مدى السنوات الماضية شكل منسوب مياه الفرات ودجلة أحد أبرز القضايا الشائكة المهددة للأمن المائي السوري والعراقي.
ويوم أمس الأحد، أنهى مؤتمر بغداد الدولي الأول للمياه أعمالها، بهدف تحقيق الاستقرار المائي لدول المنطقة والتنمية المستدامة للموارد المائية.
وقال رمضان حمزة, مدير معهد استراتيجيات المياه والطاقة في إقليم كردستان العراق وعضو هيئة التدريس في جامعة دهوك، إن حصول العراق لحقوقه المائية من تركيا, يحتاج لتدويل القضية.
واعتبر، في حديث لنورث برس، أن “المفاوضات الثنائية لا تجدي نفعاً.”
ويوم أمس الأحد، قال هيثم الجندي، وهو عضو اللجنة المركزية في حزب العمل الشيوعي، لنورث برس، إن “تركيا تستعمل المياه كورقة ابتزاز بالنسبة لجيرانها في سوريا والعراق.”
وكشف شيخ نبي خليل أن مكتب الري في الرقة تقدم بمقترح إلى لجنة الزراعة واتحاد الفلاحين لتخفيض نسبة الأراضي التي سوف تتم زراعتها بالمحاصيل الصيفية خلال الموسم المقبل.
وقال إن الظروف تفرض ذلك، “في حال لم يوضع حد للانتهاكات التركية.”