رواتب متدنية تدفع أطباء مقيمين في مشافي دمشق للعمل خارج إطار مهنتهم

دمشق – نورث برس

يقول أطباء مقيمون في مشافي العاصمة دمشق، إنهم لا يستطيعون التوفيق بين مستلزماته تخصصهم في المشافي لقاء راتب لا يكفي والعمل خارج المشافي وفي مهن لا تقرب الطب، وذلك لتدبر أمورهم المعيشية.

ويبدأ طلاب كلية الطب بعد تخرجهم التدريب على  الاختصاص، ويفرزون للعمل كمقيمين في مشافي وزارة الصحة أو التعليم العالي.

ويتقاضى المقيم، خلال خمسة أو ستة أعوام من التدريب راتباً شهرياً يصل إلى 50 ألف ليرة سورية (ما يعادل نحو 12 دولاراً أميركياً).

أعمال إضافية

ومنذ ستة أشهر، يعمل سليمان الخطيب، وهو اسم مستعار لطبيب مقيم، مع شركة أدوية كمروج لمنتجاتها بين أطباء وصيادلة المدينة.

وقال الطبيب الذي يختص في الجراحة بمشفى المواساة الجامعي: “لحسن الحظ، يقتصر نطاق عملي على المنطقة المحيطة بالمشفى حيث أستطيع أخذ إجازات يومية وساعية من المشفى.”

وأضاف، لنورث برس، أنه لا يدري كم من الأعوام سيقضيها في منزل مستأجر، إلى جانب اضطراره لاستدانة المال من معارفه أحياناً لتدبر تكاليف معيشته.

وبعد عشر سنوات من الحرب، يعاني مليونا شخص سوري من الفقر الشديد، بينما يسعى أكثر من 12 مليون إنسان جاهدين داخل البلاد لتأمين طعامهم، وفق بيانات نشرها برنامج الأغذية العالمي مؤخراً.

بينما بقيت الرواتب الحكومية تفقد معظم قيمتها مع انهيار العملة المحلية وبلوغها 4.120 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد يوم أمس الأحد في أسواق العاصمة دمشق.

يقول “الخطيب”: “لا أريد الراتب ولا أريد دوام المشفى.”

“حلول تحايلية”

ويقول أطباء مقيمون في مشافي العاصمة إن ضعف القدرة الشرائية للراتب الحكومي وحاجتهم لإتمام اختصاصهم يدفعهم للبحث عن تدابير تساعدهم، وقد تتضمن “حلولاً تحايلية.”

 ‏وقال علي وضاح (27عاماً)، وهو اسم مستعار لمقيم في مشفى الهلال الأحمر التابع للحكومة في شارع بغداد، إن مقيماً آخر يناوب عنه مقابل مبلغ مالي يصل لثمانية آلاف ليرة سورية للمناوبة الواحدة.

وأضاف أنه يلجأ لذلك ليستطيع العمل مع إحدى المنظمات المدنية في الريف الدمشقي، والتي يعتمد على عمله معها في تأمين مصاريفه.

لكنه يعتمد مؤخراً على إجازات شهرية بدون راتب أو إجازات مرضية، “لأن بيع المناوبات أصبح أكثر تكلفة مما يسمح به الراتب.”

وخلال العام الواحد من الدراسة التخصصية، يسمح للمقيمين بأخذ إجازة ثلاثة أشهر بدون راتب و15 إجازة إدارية و30 يوماً متفرقة كإجازات مرضية.

وأشار “وضاح” إلى  ‏أن  الشهر القادم هو آخر شهر يسمح له بالإجازات بدون راتب وأنه لا يعرف حقيقةً ماذا سيفعل بعدها لتجنب دوام المشفى، “الذي أصبح يعيق حياتنا بعد سنوات الدراسة والتعب.”

لا فرص للبعض

ولا يتمكن جميع المقيمين من إيجاد فرص عمل تتوافق مع دوامهم في المشفى ومتابعة دراستهم التخصصية.

وقد تصل ساعات عمل المقيمين في المشافي إلى 96 ساعة أسبوعياً بين دوام إداري ومناوبات ليلية وأثناء العطل.

وفي هذه الأثناء، يضطر فراس أبو إسماعيل (26عاماً)، وهو اسم مستعار لمقيم جراحة في الهيئة العامة لمشفى ابن النفيس بدمشق، للسفر يومياً إلى منزل ذويه في السويداء بعد انتهاء دوامه في المشفى.

يقول: “لا أستطيع تحمل تكاليف الإيجار والعيش في دمشق.”

‏وأشار إلى أنه يتشارك السرير مع صديقه، الذي استطاع أن يؤمن سكناً في المشفى، عندما تكون لديه مناوبة، وذلك لكي يوفر على نفسه أجرة الطريق إلى السويداء.

 ‏وأضاف “أبو إسماعيل: “أفكر بالندب إلى السويداء رغم أن المشفى فيها لا يرقى لمستوى مستوصف.”

وقال أمجد شميط (28 عاماً)، وهو مقيم في قسم الأذنية في الهيئة العامة لمشفى المجتهد، إنه يعجز عن تأمين مصروفه خلال المناوبات التي تستوجب حوالي ثمانية آلاف ليرة لوجبة ولشراء كمامات ومستلزمات.

وأضاف: “الوجبات المقدمة في المشفى لا تشبع، كما أن الكمامات التي يوزعونها في المشفى ذات جودة رديئة جداً.”

وأشار إلى أن ذويه ما زالوا يرسلون له احتياجات ضرورية ومبلغاً من المال.

إعداد: زيد موسى – تحرير: سوزدار محمد