دمشق – نورث برس
تعتقد نساء في العاصمة دمشق أن المنظمات الإغاثية والنسوية لا تواكب احتياجات باحثات عن فرص عمل أو من هن بحاجة لدعم مشروعات صغيرة لتأمين دخل يعينهن على الصعوبات المعيشية
وخلال السنوات الماضية، شهدت العاصمة دمشق ازدياداً في عدد من يسعين للعمل من النساء بهدف تحقيق ربح مادي يلبّي حاجاتهنَّ وعوائلهن.
وبعد عشر سنوات من الحرب في سوريا، أصبح واضحاً مدى الحاجة للعمل مع نساء تعرضن للعنف والتمييز، بالإضافة لمن فقدن أزواجهنَّ وأبنائهنَّ.
ومنذ سنوات سبقت الحرب، وجدت منظمات حكومية ادعت اعتناءها بالمرأة، بعضها توقف وأخرى ما زالت تعمل ضمن نطاقها “الضيِّق وغير الفعّال”، بحسب منتسبات إليها.
وبعد العام ٢٠١٦، ازداد عدد منظمات غير حكومية تعمل من أجل قضايا المرأة، ولا توجد إحصائية دقيقة لها لأن بعضها تعمل في الخفاء بسبب الدعم الذي تتلقاه من دول وجهات خارجية.
نازحات في الداخل
وما تزال تغريد حامد، وهو اسم مستعار لنازحة من مخيم اليرموك تقيم في جرمانا، تتواصل مع منظمات للحصول على دعم لمشروعها الصغير.
لكنها لم تنجح، حتى الآن، في الحصول على مستلزمات لدار الحضانة الصغير الذي عملت على افتتاحه بعد نزوحها.
ولا تملك “حامد” إلا لوم نفسها الآن: “ربما هناك خطوات محددة عليّ القيام بها للحصول على الدعم أو أنني لا أملك العلاقات والمعارف.”
وأشارت إلى حصول بعض النساء من محيطها على “دعم صغير لمشروعاتهن من منظمات تعمل على تمكين المرأة اقتصادياً.”
وفي شباط/فبراير الماضي، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن 12.4 مليون سوري (ما يقرب من 60 في المائة من السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وخلال ما يزيد قليلاً عن عام واحد، أصبح 4.5 مليون سوري إضافي يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب البيان نفسه.
“صعوبات وعراقيل”
لكن عاملين في منظمات مجتمع مدني يقولون إن عملهم يتضمن أحياناً ورشات تدريبية لنساء بهدف تدريبهن على مهنة معينة.
بالإضافة إلى أن الدعم المحدد ببعض أدوات المهنة يكون مخصصاً للمتدربات أو وفق توفر شروط معينة في المشروعات المقدمة.
وقالت نبال سلمان، وهو اسم مستعار لعاملة في منظمة محلية تعمل في مجال دعم المرأة اقتصادياً، إن صعوبات كثيرة تعرقل عمل المنظمات ووصولها للسكان في دمشق.
وأضافت لنورث برس: “أبرز تلك العراقيل تكون في صعوبة الحصول على تراخيص عمل، وكذلك لا يمكن للمنظمات الوصول إلى عدد كبير من النساء المستهدفات، والإحاطة بجميع مشاكلهنَّ وحاجاتهنّ.”
وأشارت “سلمان” إلى أن هناك برامج محددة مسبقاً تَجري وفقها تدريبات عملية، “ومن الصعب الخروج عنها أو تجاوزها.”
ومع عدم قدرة المنظمات غير المرخصة على حمل عبء إيجاد حلول لنساء متضررات من الحرب نظراً للرقابة التي تفرض عليها، قد تظهر منظمة وتختفي في غضون أشهر، بحسب ناشطات في العاصمة دمشق.
“تدريبات مكررة”
وتعلن هذه المنظمات عن مسمى عريض لها مثل “منظمة نسوية تعنى بحقوق المرأة”، لكن التخصص يبدو غائباً، بحسب ناشطات، وقد تجد أكثر من منظمة تعمل على البرنامج نفسه.
وتقول نساء تواصلن مع هذه المنظمات إنهن مللن الورشات التدريبية والتوعوية المكررة حول التمييز والعنف والظلم ضد المرأة.
وقالت مرح الأحمد، وهو اسم مستعار لناشطة مدنية، إن أبرز المشكلات الأساسية التي تواجه المنظمات هو عمل كل منها على حدة، “فبالرغم من وجود عدد منها، إلا أنها تفتقد للتشبيك فيما بينها والعمل على برامج مختلفة.”
وأضافت أن التدريبات نفسها تقدم للنساء المستهدفات نفسهن أحياناً، كما ويبقى الجزء التوعوي النظري يأخذ حيزاً أكبر من التدريبات العملية، لأن الأخيرة تحتاج لدعم مادي أكبر.”
وأشارت “الأحمد” إلى نقص توفر مدربين متخصصين أو أكاديمين، إذ غالباً ما يتم الاعتماد على متدرب خضع لتدريبات سابقة.
ويتهم آخرون القائمين على عمل هذه المنظمات بأن المحسوبيات والعلاقات الشخصية تحكم موافقات منح الدعم او فرص العمل معها.
وإلى جانب التمكين الاقتصادي والورشات التوعوية، تتناول منظمات تعنى بالجانب النفسي بمعالجة آثار الحرب والعنف المنزلي.
لكن عدد المراكز التي تأوي نساءً معنفات في دمشق قليل جداً، فهناك مركزان في كشكول والطبالة وثالث في باب توما.
وتفتقد المناطق الأخرى لأي مراكز قد تساعد ضحايا العنف من النساء.
وقال خالد رضوان، وهو اسم مستعار لمختص في علم النفس عمِل لسنوات كمعالج نفسي في منظمة محلية تُعنى بالمتضررين نفسياً من الحرب، إن برامج عمل المنظمات وتمويلها كثيراً ما يحتّم قطع العلاج في منتصفه.
وأضاف: “وبالطبع في حال كان هناك علاج دوائي يتوقف أيضاً، ولا يحقق مثل هذا العلاج أي فائدة وربما يزيد من تفاقم المشكلة.”
ويعيد المعالج سبب ذلك إلى “عدم وجود برنامج مستمر لعمل أي منظمة.”