سكان في السويداء ودرعا: الأجهزة الأمنية لها مصلحة بتخريب النسيج الاجتماعي بين الجارتين

السويداء- نورث برس

يقول سكان من محافظتي السويداء ودرعا، جنوبي سوريا، إن الأجهزة الأمنية الحكومية والمرتبطة بالنفوذ الإيراني لها مصلحة في خلق الفوضى والفتنة بين الجارتين.

ومنذ بداية الحرب السورية، تشهد المحافظتان حوادث خطف متبادلة، زادت وتيرتها خلال العامين الماضيين ووصلت بعض حالات الخطف إلى إطلاق النار ووقوع قتلى.

عصابات مسلحة

وقال حكمت راوند 58) عاماً) وهو اسم مستعار لأحد وجهاء محافظة السويداء، فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن الأجهزة الأمنية الحكومية عملت على خلق عصابات مسلحة في كل من السويداء ودرعا لتقوم بعمليات الخطف المتبادل والقتل بحجة الحصول على الفدى المالية.

ولكن جوهر الموضوع “هو إحداث فتنة وعداوة بين سكان الجارتين (السهل والجبل)”، بحسب “راوند”.

ورأى أن أعمال تلك العصابات تجعل “التواصل بين الطرفين صعب المنال في أي تنسيق أو تعاون لترتيب بيت الجنوب السوري.”

واتفق قاسم الحناوي (79 عاماً) وهو من سكان مدينة السويداء مع سابقه في أن هناك من يحاول باستمرار إحداث شرخ في طبيعة العلاقات بين الجارتين، لكنه لم يحدد تلك الجهة، واكتفى بالقول إنها “ستبوء بالفشل.”

ورأى أن ما يحصل من أحداث بين السويداء ودرعا هي بفعل “أياد آثمة، أرادت الشر بسكان الجنوب.”

وأشار “الحناوي” إلى أن “علاقات الود والإخاء بين الجارتين مازالت قائمة رغم ما شابها في الآونة الأخيرة من توترات عابرة لن تدوم طويلاً.” حسب قوله .

لكن أحد المكلفين بالتسويات والمصالحات بين درعا والسويداء قال في تصريح سابق لنورث برس، إن “بعض عمليات الخطف قد تكون بدوافع انتقامية وتصفية لحسابات وأحداث سابقة بين سكان من المنطقتين”.

والأسبوع الفائت، عاد التوتر ليظهر من جديد بين السويداء وريف درعا على خلفية إطلاق نار من رعاة أغنام من مدينة بصرى الحرير شمال درعا على حارس أحد الآبار في بلدة القريّا، غربي السويداء.

وكان ظهر التوتر بين السويداء ودرعا العام الماضي، عندما أقدم اللواء الثامن بقيادة “أحمد العودة “التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، على السيطرة على أجزاء من البلدة، ليعاود فيما بعد الانسحاب.

تبادل تجاري متوقف

ويعود “الحناوي” بذاكراته إلى ما قبل الحرب السورية، “كانت مضافات السويداء مشرعة أبوابها أمام زائريها من أبناء السهل، فتربطنا مع أهل درعا علاقة تاريخية قديمة.”

وتجمع السكان في المحافظتين التي تمتد بينهما حدود إدارية طويلة تصل إلى 140 كم، علاقات اجتماعية واقتصادية تأثرت بعد انتشار ظاهرة الخطف والقتل بين الطرفين.

وبحكم التداخل الجغرافي، كانت المحافظتين تتبادلان البضائع والمحاصيل الزراعية والمواشي، لكن عمليات التبادل التجاري بين الجبل والسهل توقفت بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة نتيجة حوادث الخطف والقتل على الطرق التي تربط الجارتين.

وقال محمود الدعبل ( 60 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد تجار مدينة السويداء فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن العلاقات التجارية والاقتصادية بين السويداء ودرعا كانت متميزة قبل عام 2013.

وكان سوق الهال في مدينة درعا ما قبل ذلك يشهد ازدحاماً من قبل تجار السويداء الذين كانوا يرتادونه لشراء الخضراوات وجلبها إلى مدينتهم (الطماطم الحورانية المشهورة والبطاطا وباقي صنوف الخضراوات التي تشتهر بها سهول حوران).

كما أن تجار درعا كانوا يقصدون السويداء لشراء التفاح بأنواعها والكرمة ودبس العنب وأنواع أخرى من الفواكه التي تشتهر بها السويداء.

وكانت منطقة إزرع بريف درعا الشرقي تضم قبل سنوات سوق المواشي والذي يعرف باسم سوق الحلال، “كان تجار درعا والسويداء يرتادونه”.

وأضاف التاجر أنه وبسبب ممارسات الخطف والقتل والسلب التي تعرض لها العديد من أبناء درعا والسويداء “أحجم التجار عن القيام بأي عمل اقتصادي كان سابقاً حيوي ومتنامي، وأغلقت هذه الأسواق جميعها بين الجارتين.”

ومنذ ستة أعوام، يقيم منصور محمد (42 عاماً) وهو تاجر أثاث ومواد إكساء داخلي ينحدر من ريف درعا، في مدينة السويداء، “خلال هذه الفترة شعرت  بمدى الرغبة الشديدة من قبل أهالي السويداء بضرورة عودة العلاقات القديمة والطبيعية بين الجارتين من تبادل الزيارات ومشاركة الطرفين في الأفراح والأتراح.”

وشدد “محمد” على ضرورة جلوس وجهاء وعقلاء درعا والسويداء مع بعضهم وإيجاد الحلول المناسبة “كي تعود العلاقات كما كانت سابقاً ولتقطع الطريق على جميع المخططات التي ترسم للجنوب السوري لأن مصيرنا واحد.”

وأضاف، “لابد من أن يدرك سكان الجنوب السوري في السهل والجبل حجم الخطر الكبير الذي يهدد السلم الأهلي بينهما والهادف إلى بث الفرقة والشقاق بين أبناء المنطقة الواحدة بهدف تنفيذ أجندة خارجية.”

إعداد: سامي العلي- تحرير: سوزدار محمد