عمال طوارئ الكهرباء في دمشق يتقاضون رشاوى ويشيرون إلى رواتبهم
دمشق – نورث برس
يقول عمال لمكاتب طوارئ الكهرباء في العاصمة دمشق وريفها إنهم “مجبرون” على تقاضي رشاوى مقابل إصلاح أعطال في الشبكة، ازدادت مؤخراً نتيجة زيادة الأحمال عليها، بسبب انهيار قيمة دخلهم من رواتبهم لأدنى من نصف دولار أميركي يومياً.
وتجتاح الأسواق المحلية السورية موجة غلاء جديدة، تتزامن مع انهيار حاد لقيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، إذ بلغ سعر صرف الدولار الأميركي الواحد، يوم أمس السبت، 3900 ليرة سورية.
“خيارات قليلة”
ويعتقد حمزة العطار، وهو اسم مستعار لعامل في قسم طوارئ كهرباء ببلدة جديدة عرطوز غرب دمشق، أن تقاضيه رشاوى مقابل إصلاح الاعطال أمراً “غير غريب”، لأن “راتبي وتعويضات عملي لا تكفي عائلتي.”
وأشار العامل إلى أنه يحتاج لأضعاف راتبه لتأمين مستلزمات عائلته، “ساعات عملي الطويلة لا تسمح لي بإيجاد عمل آخر، وأنا أمام خيارات قليلة، الرشوة أو التسول أو نتضور أنا وأفراد عائلتي جوعاً.”
ويبلغ متوسط رواتب الموظفين لدى مؤسسات الحكومة السورية 60 ألف ليرة (ما يعادل 15 دولاراً أميركياً).
وخلال الأعوام الفائتة، اتجه غالبية موظفي دوائر الحكومة لأعمال إضافية عندما تسمح ساعات دوامهم الفعلية وإمكانية التغيب عنها بذلك.
بينما ترك آخرون الوظيفة ليتمكنوا من إيجاد مصدر دخل آخر لمهنة تستطيع مواكبة الأسعار في الأسواق بشكل أفضل من الوظيفة الحكومية.
لكن “العطار” وموظفين آخرين مجبرون على الالتزام بساعات دوامهم كاملة، خاصة مع ازدياد الأعطال في الشبكة نتيجة قلة ساعات التغذية والتحميل الزائد عليها.
ويواجه هؤلاء كل من يتهمهم بالفساد بسؤالهم عن طريق آخر لتدبر أمور عائلاتهم المعيشية وسط الغلاء.
“أولوية” للراشين
ولا يخفي سرحان العابد (38 عاماً)، وهو صاحب مكتبة في ضاحية دمر غرب دمشق، قيامه في كل مرة بتقديم “مال” لعمال الطوارئ مقابل إصلاح العطل بسرعة، “حصلنا على أرقام العديد منهم، فنتواصل مع العامل المناوب شخصياً ليأتي ويصلح العطل.”
ورأى “العابد” أن العمال “غير ملامين، فجميعنا نعلم سوء وضع العمال المعيشي.”
وذكر ربيع المسالمة، وهو اسم مستعار لعامل في قسم طوارئ كهرباء بحي التضامن جنوب دمشق، لنورث برس، أن الكثير من سكان الحي باتوا يملكون رقمه هاتفه الشخصي ويتواصلون معه لطلب إصلاح الأعطال.
وأشار إلى أنه يأخذ قائمة بالأعطال من الموظف المسؤول عن تسجيل الشكاوى، إلا أنه يعطي “الأولوية” في الإصلاح لمن يتواصل معه مباشرة.
وأضاف “المسالمة”: “أعطوني راتباً يكفي لإطعام أولادي وتعليمهم وتقديم الرعاية الصحية لهم، وسأعيد كل مبلغ أخذته كرشوة لصاحبه.”
ولم تنقطع الشائعات عن زيادة أجور محتملة منذ تحدث حسين عرنوس، رئيس الوزراء السوري، خلال جلسة لمجلس الشعب في أيلول/ سبتمبر الماضي، عن أن زيادة الرواتب ستكون “قولاً وفعلاً”، وهو ما لم يترجم على أرض الواقع إلى الآن.
لكن تلك الشائعات لم تعد “حالمة ومغرية”، على حد تعبير موظف حكومي، فالحديث عن احتمال زيادة بنسبة 40 بالمئة مثلاً، يواجه الآن بالقول إنها لن تساوي ثمن نصف صفيحة زيت نباتي.
استجابة متأخرة
وقال وائل ورد (23 عاماً)، وهو طالب جامعي يقيم في أشرفية صحنايا جنوب دمشق، إن وضع الكهرباء متردٍ، حيث أن ساعات الوصل القليلة والانقطاعات والأعطال المتكررة زادت من أعباء الدراسة عليه.
ويضطر “ورد” للجلوس في المقاهي أو المكتبات العامة لتتسنى له الدراسة.
وذكر، لنورث برس، أنه يتواصل مع مكتب طوارئ الكهرباء عند حدوث عطل، “إلا أن الإصلاح لا يتم قبل يوم واحد على الأقل وقد يصل إلى أربعة أيام في بعض الأحيان. “
وأضاف، “العمال يلبون من يعرض عليهم رشوة مقابل الإصلاح ويهملون الباقي.”
وتصل ساعات قطع الكهرباء إلى 16 ساعة يومياً في الريف القريب من العاصمة، وتزيد عنها مع الابتعاد عن مراكز المدن.
وتتردى الشبكة الكهربائية في دمشق وريفها، نتيجة اعتماد مواد ذات قابلية تحمل أقل (ألمنيوم)، وسط اعتماد السكان على الكهرباء كمصدر للتدفئة والطبخ بسبب غياب وسائل التدفئة والغاز المنزلي.
وقال مهندس في فرع كهرباء جرمانا جنوب العاصمة إن مؤسسة الكهرباء لا تقوم بأي “عملية صيانة حقيقية للشبكة، بالإضافة إلى نقص الكوادر.”
وأشار إلى “الاستعاضة عن أكبال النحاس ذات الخصائص الفيزيائية المناسبة بأكبال من الألمنيوم ذات الخصائص الأضعف، وعن المنصهرات في علب التوزيع بوصلات من الألمنيوم. “