عمليات خطف واغتيال وترهيب.. صور لمخاطر عودة داعش في سوريا
الرقة – نورث برس
يرى محللون وعسكريون أن ازدياد عمليات الخطف والاغتيال والترهيب التي نفذتها خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا تشير مجدداً إلى مخاطر عودة التنظيم بصور جديدة، بعد فقدانه السيطرة على الأرض منذ هزيمته على يد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي قبل عامين.
ولا يكاد يمر يوم إلا ويعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فيه، عن عمليات تبنّيه في شمال وشرقي سوريا بشكل عام وريف دير الزور الشرقي، آخر معاقله بشكل خاص.
ولا تقتصر عمليات التنظيم، منذ بداية العام الجاري، على استهداف قوى أو مناطق دون أخرى، بل طالت سكاناً ومقاتلين في مناطق مختلفة من الجغرافية السورية، بدءاً من قوات سوريا الديمقراطية في الشرق وصولاً إلى قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة.
وكان دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية، قد أعلن أن التنظيم “هُزم بنسبة 100 بالمئة”، لكن العام الماضي شهد 600 هجوم في سوريا وأكثر من 1400 هجوم في العراق زعم تنظيم الدولة الإسلامية أنه نفذها.
وكانت “الخلافة” المزعومة للتنظيم قد امتدت، في ذروة نجاحها، عبر مناطق شاسعة من سوريا والعراق، قدرها مختصون بحجم بريطانيا تقريباً، لكن بعد سلسلة من الهزائم فقد مسلحو التنظيم آخر معاقلهم في آذار/مارس 2019.
عودة المخاوف
ووثقت نورث برس 66 عملية عسكرية تبناها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في شمال وشرقي سوريا منذ بداية العالم الجاري، منها ثمان عمليات في الرقة وريفها، وست عمليات بريف الحسكة، و41 عملية بريف دير الزور الشرقي، و11 عملية بالريفين الغربي والشمالي لدير الزور.
العمليات تسبب بمقتل 50 شخصاً، في حين نجا 16 آخرون من العمليات التي تبناها التنظيم، في الوقت الذي تعرض بعضهم لإصابات سببت لهم إعاقات جسدية.
كما وسجلت إدارة مخيم الهول، خلال شهرين من العام الجاري، 29 حالة قتل، بينها حالات نحرٍ بآلة حادة، بحسب تصريح خاص من إدارة المخيم لنورث برس.
ويتخوف محمد نور (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لعامل في مؤسسات الإدارة الذاتية يعيش في مزرعة تشرين، 35 كم شمال الرقة، من تصاعد الهجمات التي تبناها تنظيم “داعش” مؤخراً في الرقة وريفها.
وقال “نور”، الأب لأربعة أولاد، أن تسلل عناصر خلايا “داعش” في الثامن من شباط/ فبراير إلى حاجز قرية كبش غربي المحاذية لقريته وقتلهم ثلاثة عناصر من قوى الأمن الداخلي، أعاد ذاكرته إلى الأعوام التي سيطر فيها مسلحو التنظيم على الرقة.
وأضاف: “لم أذهب وقتها إلى الدوام بل رحت لأبحث عن قطعة سلاح أحمي بها نفسي وأطفالي.”
“خطوات استباقية”
وقالت كارولين روز، وهي محللة سياسية أميركية مختصة بدراسة الجماعات المتطرفة، إنه يتعين على CJTF-OIR (قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب)، إعادة تقييم عرض قوتها في كل من العراق وسوريا، لا سيما بعد التخفيض الكبير لأعداد الجنود ونقل القواعد في ظل إدارة ترامب عام 2020 رغم تزايد هجمات داعش.
وأضافت، في تصريح خاص لنورث برس: “يجب على التحالف الدولي اعتماد نهج أكثر استباقية ضد داعش، وتحويل بعض تركيزه من الدفاع عن حقول النفط الشمالية الشرقية وأنشطة الدوريات البرية في شمال وشرقي سوريا إلى خطوات استباقية ضد التنظيم.”
وتعتقد “روز” أن من “المحتمل أن يستمر تنظيم الدولة الإسلامية في تحقيق مكاسب مع استغلال الخلايا لضعف الوضع الأمني وفراغ السلطة في سوريا, ما سيعزز سيطرتها على البلدات والقرى الصغيرة في شرق ووسط سوريا.”
وقالت: “على التحالف الدولي الاعتماد على القوات المحلية الشريكة في مكافحة الإرهاب في المنطقة والقواعد المجاورة التي توفر الدعم التشغيلي واللوجستي والاستخباراتي الضروري.”
وشدّدت المحللة الأميركية على أن الجانب الوحيد الذي يمنع داعش من العودة، هو منع الخلايا من الوصول إلى المواقع ذات العمق الاستراتيجي، “من خلال الاغتيالات والهجمات المنخفضة إلى المتوسطة وعمليات العبوات الناسفة والمضايقات.”
تنظيم مشلول
وقال العقيد واين ماروتو، المتحدث باسم قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش والذي تقوده الولايات المتحدة، إن “داعش هُزمت إقليمياً، ولم تعد قادرة على احتلال أي أرض في العراق وسوريا بشكل مستدام.”
ووصف “ماروتو”، في تصريح خاص لنورث برس، حركة داعش في سوريا والعراق بـ “المشلولة”.
لكنه قال أيضاً إن التنظيم “يواصل ممارسة التمرد باستخدام تكتيكات الكر والفر، وعمليات الخطف واغتيال وترهيب القادة المحليين وقوات الأمن، وتوسعة نفوذه في المناطق الريفية.”
اقرأ ايضاً
- الخارجية الروسية: مع عودة نشاط “داعش” يزداد التوتر شرق الفرات في سوريا
- حوالات مالية كبيرة لنساء “داعش” في مخيم الهول تعزز مخاطر عودة التنظيم
- المخابرات الألمانية تحذر من مخاطر عودة عناصر داعش من سوريا و العراق
وأضاف أن داعش مرنة وما تزال تمثل تحدياً خطيراً، لكن الضغط المستمر من قبل شركائنا الأمنيين في سوريا والعراق، يمنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.
بينما قال كينو كبرئيل، الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية، إن الدعم لقوات سوريا الديمقراطية سياسياً وعسكرياً، كاف للقضاء على ما تبقى من داعش سواء مادياً أو فكرياً.
وأضاف أنهم مستمرون في عمليات مكافحة الإرهاب مع محاولة تقوية العلاقات مع سكان المناطق المحررة وخاصة في المناطق الصحراوية الحدودية، لمكافحة ما تبقى من خلايا تنظيم الدولة الإسلامية.
إعادة صفوف
وبحسب ما يرى مراقبون مهتمون بشأن الجماعات المتطرفة، فإن العملية العسكرية التركية عام 2019 على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، أتاحت الظروف لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية لإعادة تنظيم صفوفهم مجدداً.
هذه الظروف زادت الفرص والمخاوف من عودة التنظيم الذي يسعى جاهداً لتخليص عناصره وقادته وعائلاتهم من مخيم الهول والسجون التي تقع ضمن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية، حيث تحوي هذه السجون على آلاف الأعضاء، غالبيتهم ممن استسلموا وقبض عليهم في آخر معارك القضاء على التنظيم في الباغوز خلال مارس 2019.
وأواخر العام الفائت، أثار نشر منصات إعلامية مقرّبة من فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لتركيا صوراً قالت إنها “لعائلات عراقيين”، جدلاً واسعاً في على مواقع التواصل الاجتماعي ومُهَجَّرين من المدينة.
وقال أورهان كمال، وهو ناشط إعلامي يتحدر من المدينة، لنورث برس آنذاك، إن أدلة تشير إلى صلة هذه العائلات بـ”داعش”، خاصةً بعد نشر صورٍ لرايات التنظيم في المدينة خلال تظاهرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وفي شباط/ فبراير الفائت، ألقت قوات سوريا الديمقراطية القبض على مسؤول عن اغتيال الرئيسة المشتركة لمجلس بلدة تل شاير سعدة الهرماس ونائبتها هند الخضير، والذي قال إن عناصر التنظيم وعدوه بتلقي دعم من تركيا ونقله إلى هناك في حال تم كشفه.