23 قرية شمال الحسكة ما تزال فارغة لاستهدافها من فصائل موالية لتركيا
تل تمر – نورث برس
في بلدة تل تمر شمال مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، يغلب الهدوء على عشرات القرى التي أضحت شبه فارغة من سكانها بعد تحولها إلى خطوط جبهة مع الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة الموالية له.
بينما تخشى العائلات القليلة المتبقية على مصيرها في ظل استمرار استهدافها بالقذائف من قبل القوات التركية المتمركز ة على مشارف قراهم منذ توغلها في منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض أواخر العام 2019.
وتنقسم خطوط التماس في ريف تل تمر إلى غربية وشمالية، على امتداد مسافة تقارب 40 كيلومتراً.
“إنها أرضنا”
وفي قرية أم الكيف، ثلاثة كيلومترات غرب تل تمر، وهي كبرى القرى التي باتت شبه خالية من سكانها على خطوط التماس، يتأمل إبراهيم الصالح من وراء سور منزله أبواب جيرانه الموصدة.
يقول إنه قرر البقاء عكس أقرانه الذين نزحوا جنوباً بحثاً عن ملاذ أكثر أماناً، “هذه أراضينا وأملاكنا ولن نتركها مهما كلف الثمن.”
وتبعد قرية أم الكيف عن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة مسافة أقل من كيلو متر واحد، وتضم أكثر من 300 منزل لم يبقَ فيها سوى نحو 30 أسرة.
وتتردد إلى مسامع الرجل الستيني دوي قذائف تسقط بالقرب من قريته بين الحين والآخر.
يقول لنورث برس: “القصف يتكرر دائماً، أطفالنا هنا مرعوبون من الصوت القوي، وعندما تنهال القذائف نهرع نحو العراء ونعود حين تتوقف.”
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2019، سيطر الجيش التركي رفقة فصائل سورية مسلحة موالية له،على مدينتي سري كانيه وتل أبيض، في هجوم تسبب بنزوح نحو 300 ألف شخص عن ديارهم.
ورغم إعلان أنقرة، بالاتفاق مع كل من واشنطن وموسكو، اتفاقيتين لوقف إطلاق النار أواخر العام 2019، إلا أن السكان المحليون يتهمونها بخرق الاتفاقات واستهداف قراهم بالقذائف والرصاص.
“أنا مخنوقة”
ولا يقطع هدوء قرية أم الكيف سوى صيحات الأطفال وضجيج الدراجات النارية التي يعتمد عليها كثيرون من سكان المنطقة للتنقل.
وأمام عتبة دارها الطيني، تستذكر السيدة أمينة العرنة (64 عاماً) تشتت عائلتها بعد نزوح أولادها لتبقى برفقة زوجها وأحد أبنائها، حالها كحال معظم سكان القرية المتبقين.
تقول “العرنة” وهي تحبس دموعها: “جميع هذه البيوت حولي هي لأولادي، لكن كما ترى لا أحد هنا الجميع نزح.”
وتضيف: “قريتنا كانت مكتظة بالسكان، لكن تناثر الجميع بين القرى الجنوبية والمخيمات في الحسكة بحثاً عن الأمان، بسبب إطلاق هؤلاء المرتزقة القذائف على القرية.”
تجول السيدة الستينية بناظريها على منازل القرية، “لم يبق من أترابي سوى القليل.”
وتقول: “أنا مخنوقة، فمنزلي الذي كان يمتلئ كل صباح بصيحات أحفادي الصغار فارغ الآن، بالكاد تسمع صوتاً ما في القرية.”
ومطلع العام الحالي، تسبب سقوط قذائف بشكل عشوائي على الخط الشمالي لبلدة تل تمر بانقطاع الكهرباء عن 28 قرية ولمدة أكثر من شهر.
بينما تنعدم الخدمات بشكل شبه كامل في القرى الغربية، نظراً لصعوبة وصول المؤسسات إليها لتمركز فصائل المعارضة جانب الطريق الدولي M4 القريب.
وأصبح الطريق الدولي M4 الخط الفاصل بين مناطق انتشار مسلحي الفصائل الموالية لتركيا والقوات الحكومية التي تمركزت بالقرب من خط التماس برعاية روسية.
23 قرية فارغة
وقال جوان أيوب، وهو الرئيس المشارك لمجلس بلدة تل تمر، إن 29 قرية تتبع إدارياً لبلدة تل تمر تخضع حالياً لسيطرة الفصائل، بينما فرغت 23 قرية من سكانها بعد تحولها لخط نار.
وأضاف أن “السكان المتبقون في قراهم متخوفون بسبب تكرر القصف، وتعرضت بعض المنازل للدمار وأحرق محاصيل المزارعين السنة الفائتة، بينما يعتمد القلة الباقون على تربية المواشي.”
وتسكن 4.200 عائلة من القرويين الفارين من ريف البلدة ومنطقة سري كانيه في مراكز إيواء وقرى على ضفاف نهر الخابور بمنطقة تل تمر، بحسب مجلس بلدة تل تمر.
أما بخصوص شكاوى سكان من نقص الخدمات، قال “أيوب” إن أغلب القرى على الخط الغربي لتل تمر كانت تابعة لمنطقة سري كانيه، لكنها باتت تابعة لتل تمر بعد الاحتلال.
وأشار إلى أن “أغلبها بعيدة ويصعب الوصول إليها، لكن هناك كومينات ومجالس تعمل على تأمين المواد الأساسية لسكانها وفق الإمكانات المتوفرة.”