السويداء – نورث برس
تتسبب أعطال في أجهزة طبية لغسيل الكلى بمشافي السويداء، جنوبي سوريا، بتدهور حالة مرضى وتكاليف مرتفعة لمن يضطر للتوجه للعاصمة دمشق، وذلك بسبب عدم توفر كادر مختص بصيانة تلك الأجهزة منذ أكثر من عامين.
وتقول مصادر من داخل القطاع الصحي في السويداء إن الهجرة بسبب الحرب وترك الوظائف هرباً من الخدمة العسكرية الإجبارية في صفوف القوات الحكومية وعدم اكتراث وزارة الصحة هي أبرز أسباب غياب المختصين بصيانة الأجهزة الطبية.
“فاتورة باهظة”
وقال إسماعيل المتني (58 عاماً)، وهو اسم مستعار لمريض كلية في السويداء المدينة، إن أبناءه اضطروا الأسبوع الماضي لإسعافه ليلاً إلى العاصمة دمشق نتيجة خروج أجهزة في مشافي السويداء عن الخدمة وإشغال الأخرى.
وأضاف، لنورث برس، أنه اضطر لاستدانة المال لتغطية تكاليف غسيل الكلية في مشفى جراحة الكلية الخاص بدمشق، بالإضافة إلى ثمن الأدوية وأجور المواصلات.
ويعاني “المتني” منذ عام من قصور كلوي شديد استدعى إجراءه غسيل كلية أسبوعياً في قسم الكلية بمشفى زيد الشريطي الحكومي في مدينة السويداء.
لكنه دفع هذه المرة 350 ألف ليرة سورية لجلسة مدتها خمسة ساعات، بالإضافة إلى 25 ألفاً أخرى ثمن الأدوية ونحو 50 ألف ليرة لأجور المواصلات، ما جعل فاتورة الجلسة الواحدة تتجاوز 400 ألف ليرة سورية، على حد قوله.
وقال مصدر من داخل المشفى الحكومي بمدينة السويداء، اشترط عدم نشر اسمه، إن سبب المشكلة هو عدم وجود مهندس مختص بصيانة الأجهزة الطبية، “وتؤدي عدم فاعلية الأجهزة إلى حدوث حالات اختلاج وإغماء لدى بعض المرضى أثناء وبعد الجلسات.”
وأضاف أن “الفلاتر والخراطيش والمحاليل الملحقة بجهاز غسيل الكلى داخل المشفى الحكومي بمدينة السويداء، ليست بالسوية المطلوبة, إلى جانب ضيق القسم والحاجة للصيانة في أعمال الكهرباء.”
نداءات أطباء
وقال عمر عبدي، وهو اسم مستعار لطبيب يعمل داخل قسم الكلية في المشفى، إن المشفى يقدم خدمة جلسات الغسيل لأكثر من 115 مريضاً وبشكل دوري وبمعدل جلستين أو ثلاث جلسات لكل مريض أسبوعياً.
ودفع “ضعف أداء الأجهزة الطبية الخاصة بغسيل الكلى” الأطباء والمختصين العاملين في قسم الكلية لإطلاق “نداءات استغاثة إلى مديرية صحة السويداء من أجل تأمين معدات وأجهزة طبية مستعجلة للقسم”، بحسب الطبيب.
وأضاف أن القسم يضم 17 جهازاً لغسيل الكلى، لا تعمل منها سوى أربعة أجهزة بشكل فعلي بسبب الأعطال المتكررة الناتجة عن الاستخدام اليومي.
من جانبه، كشف مسؤول طبي حكومي في مديرية صحة السويداء عن أن أعمال الصيانة كانت تتم بموجب عقد صيانة مركزي وزاري مع الشركة الصائنة, “لكن الأمر توقف منذ نحو عامين، ولا يوجد حالياً أي عقد لصيانة الأجهزة.”
وقامت إدارة المشفى الحكومي بالسويداء بتكليف رئيس قسم التمريض السابق بأعمال الصيانة، بعد فصل مهندسين مختصين بسبب عدم التحاقهم بصفوف القوات الحكومية وفق التجنيد الإجباري، بينما هاجر آخرون إلى خارج البلاد، بحسب المصدر.
“عقود مركزية”
وأضاف المسؤول الطبي الحكومي أن نحو مئة كتاب أُرسلت إلى وزارة الصحة الحكومية بدمشق لتعيين مهندسين لصيانة الأجهزة، “لكن لم نتلقَّ استجابة حتى الآن.”
وأشار إلى أن هذه العقود المرتبطة بالصيانة “مركزية مرتبطة بوزارة الصحة الحكومية بدمشق، ولا يُسمح لمديرية صحة السويداء بإبرام عقود محلية.”
ويبلغ الاعتماد السنوي المخصص لبند الصيانة لمديرية صحة السويداء 22 مليون ليرة سورية فقط، “وهي لا تكفي حتى لشراء مسكنات طبية ولمدة عشرة أيام للمشافي الحكومية الأربعة في السويداء وصلخد وشهبا ومشفى سالي في الريف الشرقي للسويداء.
وفيما يتعلق بتسجيل وفيات بين المرضى, قال المسؤول الحكومي إن الأمر “حالة طبيعية لدى مرضى القصور الكلوي، خاصة في موسم الحمات الراشحة والانفلونزا وانتشار جائحة كورونا.”
وأضاف أن هؤلاء المرضى يعتبرون من الفئات عالية الخطورة المعرضة للإصابة, ولا يمكن أن يعزى السبب إلى جلسات الغسيل الكلوي فقط رغم أهميتها.