تل تمر- نورث برس
يستذكر الآشوريون في قرى الخابور بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا، الذكرى السادسة لهجوم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على قراهم، والذي نتج عنه دمار منازل وكنائس وهجرة معظم السكان.
وفي الثالث والعشرين من شباط/فبراير عام 2015، شن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هجوماً على القرى الآشورية في حوض الخابور.
وتمكن التنظيم من السيطرة على 11 قرية وخطف أكثر من 240 شخصاً.
كما أدى الهجوم، آنذاك، لنزوح آلاف السكان الآشوريين لمدن مجاورة ليهاجر معظمهم إلى خارج البلاد، إلى أن استعادتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي لمحاربة “داعش”.
“عائلات قليلة”
وقال إلياس عنتر، وهو رئيس المجلس الشعبي الأشوري لقرى الخابور، إن الهجمة خلفت قرى مدمرة ومهجرة، وأعداد قليلة من سكانها.
وأضاف أن قرى الخابور ذات الثقافة والعادات والتقاليد المميزة والتي كانت تحوي كتلة بشرية “حل بها دمار كبير، ولم يبقَ فيها سوى عائلات قليلة لا تتجاوز في بعضها أربع عائلات.”
وأشار “عنتر” إلى أن “الناحية الأمنية غير المستقرة في سوريا تجعل الآشوريين الذين هاجروا إلى الخارج يعيدون حساباتهم بخصوص العودة.”
وكان عدد الآشوريين في منطقة حوض الخابور و تل تمر قبل الأزمة السورية نحو ١٥ ألف آشوري، بينما يقتصر عددهم الآن على ألف شخص فقط.
ويسكن معظمهم في بلدة تل تمر وقرى تل نصري وتل طال وأم غركان و تل حفيان، بحسب دراسة أجراها الباحث السرياني بشير السعدي.
كما واستقبلت القرى الآشورية، كغيرها من قرى وبلدات المنطقة، أكثر من 1500 عائلة لنازحين من عفرين وسري كانيه (رأس العين) منذ سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها على قراهم وبلداتهم.
وللآشوريين مجلس عسكري هو “حرس الخابور” المنضوي في قوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب اللجنة الشعبية لحفظ الأمن الداخلي والمعروفة باسم “الناطورة”.
“كنائس مدمرة”
وطالت تداعيات هجوم تنظيم “داعش” طقوس العبادة في الكنائس والأنشطة الاجتماعية الخاصة بالسكان الآشوريين.
وأدى الهجوم لتدمير ثماني كنائس في قرى تل هرمز وتل طال وتل شاميران وتل جزيرة وتل طالعة وأبو تينة بشكل كامل.
بالإضافة لكنيسة السيدة العذراء في قرية تل نصري والتي كانت من أكبر الكنائس الآشورية وأشهرها في الخابور، بحسب مسح أجراه مجلس حرس الخابور الآشوري.
وكانت الصلوات تقام في الكنائس الآشورية في ٣٢ قرية، وتقرع أجراس الكنائس التي كانت تكتظ بالآشوريين أيام الآحاد.
أما اليوم، فتقام الصلوات في الأعياد فقط ، ويأتي الكاهن من مدينة القامشلي ليقيم الصلاة.
وقال عصام بارودة (٢٧ عاماً)، وهو خادم في كنيسة “مار شليطا” بقرية أم غركان، إنه يخدم في الكنيسة بمفرده، “بعد أن كان عدد الخدام يتجاوز الستة في كل صلاة.”
وأضاف: “كنا نزور القرى الآشورية لمعايدة الأهل والأصدقاء، الآن لم يتبقَّ إلا شباب قليلون، ليس هناك إلا كبار السن و النساء، و هذا أكبر تغيير يطرأ على حياتنا الاجتماعية.”
وأشار “بارودة” إلى أن التهديدات التركية مازالت تهدد الشعب الآشوري ومن تبقى منه في الخابور، “نتيجة الاستهدافات المتكررة للقرى الآشورية الواقعة على خطوط الجبهة مع الفصائل المدعومة من تركيا.”
وفي عيد الأكيتو، رأس السنة الآشورية، كان الآشوريين والسريان “يجتمعون بعشرات الآلاف في جبل عبد العزيز، حيث تعقد دبكات فلكلورية وتمتلئ الساحات احتفالاً.”
ويتمنى “بارودة”، الذي خسر غالبية أصدقائه بسبب الهجرة، ألا يهاجر من تبقى من الآشوريين “حتى نحمي كنيستنا وعاداتنا وتقاليدنا.”
انتظار وأماني
وقالت شوشان آتي (٥٧ عاماً)، وهي تتحدر من قرية تل هرمز التي دُمرت أثناء هجوم داعش وتسكن حالياً في قرية أم غركان، إنه لم يتبقّ من عائلتها سوى ابنها الوحيد وابنة خالتها.
وتعد تل هرمز من أكثر القرى تضرراً في الخابور، حيث تم تدمير كنيستها ونهب منازلها، بالإضافة لقيام مسلحي التنظيم بتفخيخ منازل القرية قبل خروجهم منها.
وكانت 120 عائلة آشورية تسكن القرية، لم تتبق منها سوى 30 عائلة، متوزعة على قرية أم غركان وبلدة تل تمر ومدينة الحسكة.
يقول رئيس المجلس الشعبي الأشوري لقرى الخابور: ” كلما أسير بجانب قرية تل هرمز، يتملكني البكاء، أتحسر على اجتماعاتنا، العادات و الطقوس بعد كل احتفال ديني و قومي، أتمنى أن يعود الآشوريون ليروا ما حل بقراهم.”