محللون سياسيون: التصعيد العسكري الأخير في إدلب تغطية أزمات حكومية ورسائل روسية لتركيا

إدلب – نورث برس

يستبعد محللون وناشطون سياسيون أن يؤدي التصعيد العسكري الأخير في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، إلى عمليات عسكرية واسعة في المنطقة، معتبرين أن الأمر لا يتعدى ضغوطات روسية على أنقرة لتقديم تنازلات.

وشهدت منطقة إدلب، خلال الأسابيع القليلة الماضية، تصعيداً عسكرياً وقصفاً متبادلاً بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة.

 وتخضع هذه المناطق لاتفاق “خفض تصعيد” روسي-تركي في الخامس من آذار/مارس 2020، والذي نص على وقف جميع العمليات العسكرية في مناطق شمال غربي سوريا.

وأكدت مصادر ميدانية لنورث برس أن مواقع لفصائل المعارضة جنوب إدلب وأخرى في سهل الغاب غرب حماة، تمّ استهدافها بشكلٍ مكثف من قبل القوات الحكومية، بينما قصفت فصائل المعارضة مواقع خاضعة لسيطرة الحكومة السورية في أرياف إدلب واللاذقية.

“تغطية أزمات”

وقال المحلل العسكري العميد أحمد رحال، إن القوات الروسية تُصعد عسكرياً في شمال غربي سوريا بحجة محاربة الإرهاب، “لكن برأيي هي تضغط على تركيا بعد أن طلبت منها نقل النقاط التركية المحاصرة إلى شمال خط M-4.”

 “لكن قيام تركيا بإعادة تمركز نقاطها جنوب M-4، ووضعها على خطوط التماس مع قوات النظام، يجعلها نقاطاً قتالية وليست نقاط مراقبة”، بحسب “رحال”.

وأضاف المحلل العسكري والاستراتيجي، لنورث برس، أن “الأتراك يقولون أن سيطرة قوات النظام على طريق M-4 مستحيل رغم أنه مطمح مشترك للروس والنظام بعد السيطرة على جبل الأربعين وما تبقى من جبل شحشبو و جبل الزاوية.”

وأشار “رحال” إلى أن ما يحدث اليوم في محيط عين عيسى أيضاً ينعكس على الوضع في إدلب، “حيث يقابل ضغط تركيا على روسيا في تلك المنطقة، ضغط روسي على المعارضة و تركيا في جبل الزاوية.”

ووصف ما يحدث بـ”عملية شبك خيوط، ونوع من المماحكات السياسية لأدوات عسكرية، الغاية منها تغطية حالة أمنية واقتصادية متفشية لا يستطيع النظام حلها في مناطق سيطرته، وبالتالي يريد أن يصرف الأنظار عنها.”

رغم ذلك، يستبعد “رحال” أن تشن قوات الحكومة السورية وروسيا عملية عسكرية جنوب M-4، ويعتقد أن الأمر ضغوطات من أجل تقديم تنازلات، “لكن بالنسبة لروسيا، تركيا أهم من السيطرة على إدلب.”

رسائل روسية

ويتفق علي أبو الفاروق، وهو ناشط إعلامي يعيش في منطقة إدلب، مع “رحال” في أن التصعيد العسكري الأخير للقوات الحكومية “هو بتوجيهات روسية للضغط على تركيا للوفاء بوعودها، حيث شاهدنا أيضاً قبل أيام قيام القوات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم العسكرية باستهداف منطقة ترحين شرق حلب.”

واضاف أن الضغوط الروسية ربما تشمل “التحرك للتخلص من المنظمات الإرهابية على طول الطريق الدولي حلب-اللاذقية، لا سيما بعد استهداف دوريات روسية وأخرى تركية.”

لكن نصر اليوسف، الصحفي والمحلل السياسي السوري، قال إن “التصعيد الأخير لا يتعدى كونه مناوشات ومحاولات لجس النبض، وهذه أيضاً تشهد صعوداً وهبوطاً بالتزامن مع التحركات السياسية.”

ورأى أن الهدنة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان “مرشحة للصمود.”

وأضاف “اليوسف”، الذي يقيم في موسكو، أن الروس يحذرون تركيا من الذهاب بعيداً في الاتفاق مع الغرب أو الأميركان تحديداً، “يقولون لها إننا قادرون على أن نسبب لكِ نوع من الصداع، وخاصةً في الخواصر الرخوة.”

وأشار إلى أن “تصريحات شاويش أوغلو وأردوغان تدل على بداية ذوبان للجليد بين تركيا والغرب عموماً (..) وأي تقارب بين تركيا والغرب لن يكون مدعاة سرور لروسيا.”

إعداد: براء الشامي – تحرير: حكيم أحمد