الأمة الديمقراطية

خلال السنوات القليلة الماضية، منذ أن باتت “الإدارة الذاتية” تمثل الواقع السياسي في منطقة شرق الفرات وعفرين (قبل الاحتلال التركي)، دخل مصطلح “الأمة الديمقراطية” في القاموس السياسي العملي، على أرض الواقع. لكن في المقابل زوّد هذا المصطلح قسماً من أكراد سوريا بمادة جديدة للتندر والسخرية من جهة، وتبريراً لعدم التفكير في الوقائع الجديدة. كان هذا القسم، وما زال، ينتمي إلى تيارات حزبية عديدة، وحتى مستقلة بالمفهوم الحزبي، ما يجمع من طروحات هذه الكتلة المتنوعة، أنّ فكرها السياسي هو الذي صاغته الحركة الكردية الكلاسيكية التي لم تطور أي مقاربة للحل منذ عام 1957، عدا إضافتهم في السنوات الأخيرة مادة للنقاش الشعبي وهو استخدم “الكورد” بدلاً من الأكراد، ومؤخراً صار النقاش يمتد أحياناً عشرات التعليقات الجادة والمتقنة، ما إذا كان يصح أن نكتب “الكُرد” بضم الكاف بدلاً من “الكورد”، ويكون الموقف النقدي لهذه المجموعة من “الأمة الديمقراطية” هو استخدام تعبير “الأمة الخنفشارية”. الواقع أن هذا الأسلوب ليس سخرية بالمعنى المتعارف عليه، بل الأدق أنه يمثل كل ما لدى هذه الفئة من مستويات نقدية.    

للحركة الكردية في سوريا تلك تاريخ نضالي في الحد الأدنى، مقارنة بأقرانهم في أجزاء كردستان الأخرى في العراق وتركيا وإيران، لأسباب موضوعية أولاً، وهو عدم إمكانية المقاومة المسلحة، وعدم صلاحية البيئة السياسية لممارسة نشاط فاعل وعلني، لكن مع ذلك، بقيت البرامج الحزبية، من حيث سقفها العالي نظرياً، تتطلب مقاومة مسلّحة أو تدخلاً خارجياً مخصصاً لتحرير الكرد في سوريا حتى تجد محاولة التطبيق. هذا العجز ترجمه الواقع سريعاً ومبكراً، فمرسوم التجريد من الجنسية عام 1962،  ثم مشروع “الحزام العربي” ونقل مجموعات عربية من محافظة الرقة إلى قلب المنطقة الزراعية الآهلة بالكرد مباشرة، هما أخطر عمليتين للهندسة السكانية على أسس عنصرية قامت بها الحكومة المركزية في دمشق. مع ذلك، لم تستطع الحركة الكردية الاحتجاج على هذا الإجراء، لا بطريقة مسلّحة، ولا عبر محاولة تعطيل أحد هذين المشروعين بالنضال السلمي، وهذا العجز لا يمكن تحميله للحركة الكردية إلا في حال دخل الأمر المناكفة الفارغة كتلك السائدة هذه الأيام بمنطق حزبي، لأن مقاومة من هذا النوع، في فترة الحزام والتجريد من الجنسية، تفوق ما يمكن أن يتحمله الكرد من تبعات لاحقة، وقد أظهرت انتفاضة القامشلي عام 2004 حدود التمرد الكردي على السلطة. المقاومة في مثل تلك الظروف تعني الاستمرار في إحصاء القتلى من جانب واحد. وقد كانت الانتفاضة مختبراً لخطر الصدام الأهلي الكردي العربي،  وبدا الوضع هشاً للغاية، ومن نتائج ذلك أن نقاشات جديدة بدأت تدور حول المخاطر ، واحدة منها أنّ مَكمَن الخطورة ليس النظام في حد ذاته إنما الأخطر من النظام هي الخلايا المدنية المحتمية بسلطة النظام والمتداخلة سكانياً وعمرانياً مع الكرد. كانت القراءة المستمدة من جذور الحركة الكردية الخمسينية (1957) هروبية في إعادة تقييم المخاطر السياسية والاجتماعية للنضال في هذه البيئة بعد 2004، واكتفت بتحميل مسؤولية طلائع التوترات الأهلية في الحسكة وسريكانيه (رأس العين) للنظام السوري، ونفت أصالة وجود مثل هذا التوتر الاجتماعي غير المعهود، المستعر بفعل سقوط نظام صدّام حسين. يمكن استثناء الزعيم الراحل للحزب الديمقراطي التقدمي، عبدالحميد درويش، كسياسي انشغل بقراءة المجتمع أكثر من قراءة السياسات، وأسس خطوط اتصال اجتماعية كانت محل تندر وسخرية أيضاً من قبل المجموعة المذكورة العالقة في التاريخ النظري، لكنها فاعلة واستباقية لاحتواء أي صدام ذو طابع أهلي. كذلك بالنسبة لحزب الوحدة الديمقراطي، بقيادة محي الدين شيخ آلي، الذي أعاد قراءة الواقع السياسي وعمل على الانطلاق من زمن مختلف عن عام 1957.

هذه المجموعة التي تضم مثقفين ونخباً محسوبة على الحركة الكردية، مستمرة في أسلوب “ماذا عن” بدلاً من تقديم إجابات، تتحرك وفق برنامج لفظي، إذ هذ تريد “كردستان سوريا” ولا شيء آخر، كيف ؟ ليس مهماً. من أين إلى أين؟ يمكن تحويل اللفظ إلى لون على الخريطة لتظهر “كوردستان سوريا” (الواو مهمة في كوردستان). هي حركة علقت في عبادة رموز الشكل التقليدية في القومية، من العلم إلى الألوان، ومصطلحات اللفظ مثل كردستان سوريا، وهذا مصطلح واقعي وموجود لكنه إشكالي في امتداداته، لو لم يكن واضحاً في يوم من الأيام، وقول ذلك لا يعني فتح الباب أمام بعثيي الأمس واليوم، ودواعشهما، لرسم خرائطهم الاحتلالية، سواء نظرياً من خلال ضخ إعلامي ومعرفي مزيف، أو ميدانياً عبر الهجمات المسلّحة، سواء كانت على شاكلة أدوات مثل داعش أو المجموعات المسلحة العاملة لدى الجيش التركي او التجمعات البعثية المتناثرة.

الأمة الديمقراطية في مستوى من التعريف هي التخلص من البرامج السياسية الاستيلائية باسم القوم، ومنع محاولة رسم الحدود حيث لا تصلح فيها حدود أو جدران. لا تصلح بحكم الواقع العملي، وبحكم أن “الدولة الأمة – القومية الأحادية” لا تصلح لسوريا برمّتها، من دمشق إلى حلب وامتدادا إلى الجزيرة، بما في ذلك روجآفا الذي هو جزء من شرق الفرات وواقع اجتماعي وجغرافي موجود لكن هذا الجزء، روجآفا، هو أقوى حين لا يكون مختنقاً، إنه كيان منفتح ومتداخل مع الفرات والجزيرة الدنيا على مسار الخابور. لذلك، فإن تجاوز الكيان القومي شرق الفرات، مقدمة نضالية وضرورة لتجاوز الكيان السياسي القومي العروبي في سوريا وبناء دولة ليست وطنية شعاراتية، إنما دولة تدير التنوع والتعدد القومي، على عكس الطروحات الاحتيالية المدعاة زوراً بـ”الوطنية” التي تريد فقط إبقاء الهيمنة الأحادية المركزية تحت اسم آخر، والتي تكاد هذه الدولة الوطنية المتخيّلة أن توجز الحق الكردي في إقامة الأعراس والغناء باللغة الكردية.

الأمة الديمقراطية ليست “ديمقراطية تغلبية – أغلبية”. هي ديمقراطية من حيث أنها لا تسمح بطغيان فئوي، وتقييدية بحيث لا تسمح بانحراف سياسي في مستوى تمرد فئة قومية للاستيلاء على السلطة بالمنطق الاحتلالي، ورقابية من زاوية أنها تفرض بالقوة التعايش ضد أوهام الإلغاء والاستيلاء. هي أداة تنظيمية للتنوع، وليس استيلاء وهيمنة أحادية قومية.

يواجه هذا المشروع- المفهوم، اثنين من التحديات الرئيسية، الأول أن قسماً من الكرد أنفسهم يعتبرونه أداة حزبية، لا قومية، ومتعالية على القومية الكردية، بل متنكرة لها وتنخرها من الباطن (يقصدون بذلك حزب الاتحاد الديمقراطي) وأحياناً بعض المتحمسين يعتبرونها أداة تدمير للقومية الكردية ورموزها التي يقدسونها، ذلك أن هذه المجموعة لم تتحرر، ولم تحرر نفسها، من المفهوم النظري لـ”الدولة الأمة”، ويريدون للكيان السياسي الاجتماعي الحالي في شرق الفرات أن تصبح أداة هيمنة قومية، وأحياناً يطرحون سيناريو الاكتفاء بالمناطق الكردية فقط والانسحاب من المناطق المتداخلة والعربية، وهذه رؤية عدمية وأمية سياسية، ذلك أن لا مجموعة من مجموعات الجزيرة، الكرد والعرب، تسيطر على طرق مواصلاتها بمفردها، وهذه من أبسط المعضلات التي يرفض القوميون الاستيلائيون في الطرفين رؤيتها.

التحدي الثاني، هو المقاربة الافتراضية لمن يفترض أنهم نخبة سورية وطنية، أو هكذا يطرحون أنفسهم. فبالنسبة لمعظم ما يطرحون، الإدارة الذاتية هي أداة هيمنة قومية كردية على عرب الجزيرة والفرات، وشرطهم لمناقشة السلم الأهلي هو تجاوز “الإدارة الذاتية”، بمعنى تدميرها، من حيث أنه في نظرهم كيان عنصري قومي. إن حاصل التحدي الأول والثاني اجتمع في تلاقي نقيضين أحاديين، القومي الكردي والقومي العربي تحت مظلة سياسية واحدة متمثلة في الائتلاف الوطني السوري الذي يعد وصفة تدميرية للكيان السوري برمّته، حاضره ومستقبله، مثله مثل النظام.

“الأمة الديمقراطية”، خارج السخرية “الكوردية”، وبعيداً من خبث “الوطنية السورية”، ليست مشروعاً عابراً للقومية، متعالية عليها، ولا “لاقومية”، إنما إدارة التعددية القومية في حيز جغرافي لا يمكن تقسيمه بدون حرب تصفية على غرار حرب الإلغاء ضد الأرمن مطلع القرن الماضي. بتعبير الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، كانت الإبادة الأرمنية حصيلة جموح وحشي لمشروعين قوميين على أرض واحدة، ومثل هذه التجربة يجب عدم السماح بتكرارها، وهو نفسه ما تعمل دولة الاحتلال التركي على تكراره في كل جولة توحش.

 متطلبات الكيان القومي بديهية، أولها توفر الانسجام القومي. في كيانات عديددة مثل تركيا، حين لم يتوفر النقاء القومي، قامت بفرضه عبر ترحيل مليون يوناني أرثوذكسي إلى البلقان، واستيراد مليون مسلم من هناك، وإبادة الأرمن كلياً، وتفكيك الكرد وتوزيعهم على امتداد تركيا دون قتلهم فيزيائياً، وهذه النجاة تكتب – للمفارقة – لضياء كوك ألب، إلى حد كبير، المنظّر الكردي للطورانية، الذي أقنع – لسبب ما – القادة المتوحشين للاتحاد والترقي أن القومية الكردية قابلة للاندماج عبر استخدام منظم للعنف الجسدي في موازاة الإبادة الثقافية، وإلا كانت الفرصة متاحة أمام تلاميذ الاتحاديين، ومجموعة مصطفى كمال، لتنفيذ التطهير العرقي الشامل، بدلاً من العمليات الإبادوية الجزئية.

يكتب الفضل لمشروع الأمة الديمقراطية هذا في أن حكماً ذاتياً في منطقة متنوعة ومتداخلة بشكل خطير لم تشهد أي حالات عنف جماعي طيلة سنوات تقزم النظام في منطقة الجزيرة، وحتى بقاءه في المربعات الأمنية واحدة من أساليب إدارة التوتر واستيعابه من قبل قوات سوريا الديمقراطية، خاصة الشريحة الإلغائية المحتمية بالنظام، والتي تعتبر من حقها إشعال حرب أهلية إذا انفردت الإدارة الذاتية بالحكم. المقارنة بين ما جرى في انتفاضة القامشلي، خلال أيام معدودة، عام 2004، من نهب وسلب وهجوم عصاباتي على أحياء وشخصيات كردية، وبين سنوات من إدارة التعايش بين قوميات متعددة، مع توترات أعلى مما كان في 2004، يكشف ما أنجزته هذه الإدارة وجناحها العسكري على صعيد تجنب حرب أهلية راهنت عليها قوى إقليمية عديدة وفشلت.

الأمة الديمقراطية هي التي يريد أردوغان تدميرها عبر التخلي عن قرار سيادي تركي استراتيجي في تفعيل منظومة صواريخ “إس 400” الروسية. صواريخ إس 400 مقابل أن تحل مجموعة “النهج القومي الكردستاني” محل “الأمة الديمقراطية”، ذلك أن كياناً قومياً في هذا المثلث الجغرافي سيكتب موته وموت من يمثله حتى بدون تدخل خارجي، لأنه كيان شكلي أساساً، فاقد للمعنى لدرجة أن مسألة رفض التعليم باللغة الكردية تكاد تتحول إلى أيديولوجيا لهذه المجموعة.

هذا الثمن التركي المعروض من قبل تركيا مقابل تدمير الإدارة الذاتية، بسلبياتها غير القليلة، ليس توهماً ولا مبالغة، ذلك أن إدارة كيان متعدد القوميات، ولو كان بحجم وأسلوب الإدارة الذاتية الحالية، هو في نظر محتل شديد المركزية وشديد الأحادية، كالكيان التركي، إدارة مصممة لاغتيال الدولة الاحتيالية المسماة الدولة الأمة في تركيا وسوريا وإيران، وما يماثل هذه النماذج، والأكثر أن نموذج الإدارة الذاتية يعد بمثابة انقلاب داخلي إداري على نموذج الدولة التركية وشكل الحكم التركي على شعوب كردستان وأرمينيا والأناضول وإيجة. و”الأمة الديمقراطية” كمشروع ما زال في طور البناء، غير مفخخ بتناقضاته الداخلية، وهذا ينقلنا إلى ملف التعليم والمناهج الكردية الخاص بالكرد، فالأمة الديمقراطية تعني في مستوى من التعريف تجذير الثقافات المحلية، بأداوتها المعرفية المتاحة، من الفنون إلى التعليم. هو بناء من الأسفل ليس لمشروع سري، إنما تصحيح الخراب الواسع الذي أحدثته سنوات الحصار على الثقافة الكردية.

في هذا الإطار، يهيمن نقاش يكرر نفسه كل فترة، عما إذا كان ينبغي للإدارة الذاتية فرض مناهج خاصة بها، فيها حيز واسع من اللغة الكردية، في المراحل الدراسية المتوفرة،” من الابتدائية وحتى التعليم العالي.

الجرأة التي تتحلى بها الإدارة الذاتية في طرح مبادئ مشروعها “الأمة الديمقراطية”، لن تحتاج إلى استغلال ملف التعليم من أجل التفاف شريحة كردية حولها، وإلا من الأسهل لها أن ترفع علم كردستان حتى تلتف حولها مجموعة “الشكل” الكبيرة، لكنها اختارت المضمون العادل والمتوازن للكرد والعرب والسريان. وربما اللغة السريانية لم يتم تدريسها أكاديمياً في المدارس، خارج الكنيسة، طيلة التاريخ، إلى أن قررت الإدارة الذاتية تشريعها.

من واجبات الإدارة الذاتية رعاية وتنمية الثقافات وفي الوقت نفسه عدم تمكين واحدة من حكم بقية المجموعات القومية، ليس لتجريب نظرية اجتماعية سياسية جديدة، إنما لتفادي تجارب دموية معاشة. إن عدم استيعاب هذا البعد في نموذج “الأمة الديمقراطية” سينتج عنه طرح يعتبر الإدارة الذاتية تستخدم ملف التعليم كابتزاز سياسي لخصومها “القوميين”، أي المجموعة العالقة في 1957. على أنه  ينبغي عدم إغفال أن هناك شريحة تعارض التعليم باللغة الكردية مع إدراكها لأهمية تشريعها محلياً، لأنها لا تحتمل أن ترى “الإدارة الذاتية” المتهمة لدى هؤلاء بأنها “غير كردية” – وهذا صحيح من حيث أنها إدارة جامعة وليست قومية – تنال شرف هذه الخطوة.

ما هي غاية السياسة؟ في الأمة الديمقراطية غاية السياسة تمكين المجتمع من حماية نفسه وتمثيل نفسه، عسكرياً وثقافياً واقتصادياً. ليست الغاية بناء الدولة القومية، إنما رعاية التعايش بين قوميات متساوية في الندّية وشروط البقاء وقوة الثقافة. مع ذلك، هذا لا يرضي الكثيرين ممن وجدوا أنفسهم، لأسباب حقدية وحزبية، بين ليلة وأخرى، وقد تحولوا من دعاة “كوردستان سوريا” إلى “لا مستقبل بدون الاحتلال”.

في كانون الثاني 2010، قبل الربيع العربي، وحين كان الرؤساء العرب المخلوعون والمهددون بالخلع فيما بعد، ما زالوا يلقون النكات في اجتماعات الجامعة العربية، وكل الأمور على ما يرام، ولم تكن داعش قد ظهرت، ولم يتم غزو شنكال، ولم يكن وارداً حتى تخيل ما حدث لاحقاً من مأساة، نشر محامو عبدالله أوجلان إفادة له بعد لقائهم به. كان مما قاله تحذير طلب من محاميه إيصاله لكل من الرئيسين جلال طالباني ومسعود بارزاني، قال بالحرف:

“نظراً لتلطخ الجميع بالدولة القومية لا يتمكن الحل من التطور، فلهذا السبب يمكن أن تحدث مجزرة جماعية في جنوب كردستان، يمكن أن يتعرَّضوا لمجزرة جماعية، أحذرهم.. على طالباني وبارزاني الحذر”. بالنسبة لأوجلان، فإن كارثة إجرامية مثل ما جرى في شنكال (سنجار) كانت مسألة وقت فقط إذا لم يتم الاستعداد لمنعها مسبقاً، وهذا يستدعي أولاً توقعها حتى يتم الاستعداد، وهو ما لم يحدث. يبقى أن ما تنبأ به أوجلان ليس مسنوداً لأسرار مخابراتية. استند إلى واقع انسداد الحل التعايشي وسيادة الحل التغلّبي الفئوي في منطقة شديدة التداخل، وهنا يكمن البعد الإنساني المسؤول للأمة الديمقراطية المشيّدة.

والحق يقال أنه في أيام الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، تحدث الرئيس مسعود بارزاني في إفادة صحافية غير اعتيادية، وكان هذا التصريح يستحق أن لا يخبو في زحمة الأحداث المؤلمة اللاحقة للاستفتاء. قال بارزاني: “نحن بحاجة إلى نشيد وطني جديد، وتغيير العلم ليشمل رموز المكونات الأخرى أيضاً”. كان يريد تغيير علم كرستان واستبدال النشيد القومية المتجذر في وعي كل كردي، لأن الضرورة اقتضت ذلك.. ولو كانت متأخرة وبعد فوات الأوان.

الأمة الديمقراطية تعني إنجاز الأساسيات قبل فوات الأوان.