سياسي سوري في واشنطن: الانسحاب الأمريكي يهدد جوهر استراتيجيات ترامب في المنطقة

واشنطن – NPA 
في حوار لـ”نورث برس”  مع عضو اللجنة الرئاسية في  مجلس سوريا الديمقراطية وممثله في واشنطن ، يقول السيد بسام اسحق: “بعد توتر العلاقات مع تركيا ورسم الولايات المتحدة استراتيجية عريضة للمنطقة تتركز على مكافحة نفوذ إيران، فإن المنطقة باتت محكومة بوقائع جديدة جعلت من وعد الرئيس ترامب غير قابل للتطبيق على أرض الواقع لأن الانسحاب بات يهدد جوهر استراتيجياته للمنطقة”.
ويؤكد أنه لا يتوقع للوضع في عفرين أن يتكرر شرق الفرات، حيث كانت أمريكا منذ البداية تعامل شرق الفرات بشكل مختلف عن غربه، الأمر الذي يؤكده تواجد نفوذ أمريكي حتى الآن في الشمال الشرقي من سوريا مع حرص أمريكا على خلو المنطقة من أي وجود إيراني أو تركي.
ويقول اسحق، إن إعلان الرئيس ترامب خفّ أثره لعدة أسباب ومنها هبّة قوية من كنائس أمريكية ذات ثقل ضد ترك أقليات في المنطقة مثل المسيحيين لتواجه مصيرها أمام فصائل تدعمها تركيا وتوصف بالتطرف، كما دافع البنتاغون عن ضرورة عدم قيام أمريكا بطعن حلفائها من قوات سوريا الديمقراطية بعد أن اختلطت دمائهم بدماء الجنود الأمريكيين. 
الحوار : 
نورث برس: إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا هو من أكثر الأخبار إشكالية التي نسمع متغيرات حولها، ما حقيقة المشهد كما تراه من واشنطن؟ 
تقديري الشخصي هو أن ترامب حين أعلن الانسحاب بشكل متسرّع كان متأثّراً بالمطالب الداخلية من القاعدة الشعبية الناخبة التي كانت من أولوياتها إعادة الجنود الأمريكيين إلى بيوتهم . 
قراره الآخر بإلغاء الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران، خلق من جانب آخر واقع جديد على الأرض يشرحه باستمرار للرئيس القادة العسكريين وأصحاب الخطط الاستراتيجية لسوريا وإيران. 
تتطلب السياسة الأمريكية ضبط الطموحات الإيرانية والتركية وخاصة الميليشيات التي تدعمها تركيا، وهذا يخلق مصلحة مع سكان الشمال السوري وبالتالي طرح ترامب لم يكن قابل للتطبيق على أرض الواقع. 
من جهة أخرى كان هناك رد فعل مؤثر من القاعدة الشعبية الانجيلية من أمريكا، فقد عبّرت عن قلقها حول مستقبل أقليات تعيش شرق الفرات مثل المسيحيين، أمام أي تهديد لتركيا بالاجتياح، ولذلك رأينا الانسحاب لا يتحقق في موعده، كما تقول رأينا رفض أمريكي للانسحاب الذي يراه كُثُر في أمريكا طعن وخيانة لقوات كانت الصديق الوحيد على الأرض السورية لأمريكا، وهذا قاد إلى صراع داخلي، ومجموعة كبيرة من الخيارات التي تقبلها الإدارة لعدم ترك المنطقة تتعرض لمخاطر تعود بالضرر على انجازات إدارة ترامب. 
نورث برس: ما الذي يضمن عدم تكرار سيناريو عفرين، التي تصلنا من سكانها المهجّرين أخبار مؤلمة يومياً؟ 
من البداية كانت أمريكا تعامل شرق الفرات بشكل مختلف عن غربه، ففي عفرين اتخذت روسيا وتركيا القرارات بسبب تواجدهم في المنطقة، بينما حتى اللحظة القوات الأمريكية موجودة شرق الفرات وتتمسك باستراتيجيتها العريضة للمنطقة التي لن تقبل بنفوذ إيراني أو نفوذ لنظام الأسد في شمال شرق سوريا وبالتالي الخيارات محدودة في شمال شرقي سوريا ومختلفة تماماً عن وضع غرب الفرات. 
من ناحية أخرى فإن إدلب في غرب الفرات، والتي سيؤدي أي انفجار فيها إلى حملات فوضى ولاجئين بشكل كبير، نرى أن أمريكا تسعى لإبقاء الأمر الواقع الحالي فيها مستمر لحين التوصل إلى حل سياسي شامل لسوريا، وهذه الخيارات مرتبطة ببعضها وتجعل تركيا أيضاً تلتزم بهذا الواقع. 
نورث برس: ماذا تسمعون في واشنطن عن “المنطقة الآمنة” بالشكل الذي تطلبه تركيا؟ 
من خلال لقاءاتنا مع القائمين على هذا الملف بالتحديد، أؤكد أنه لا قرار بشأن المنطقة الآمنة بعد، وخاصة ما يتعلق بالطلب التركي بالإشراف عليها. 
المباحثات جارية، ونعلم ويعلم الجانب الأمريكي أن ما تطلبه تركيا ليس سوى رفع شديد لسقف المطالبات للحصول على شيء يرضيها، إلا أن ما نقوله بصراحة للأمريكيين هو أن الشمال السوري هو منطقة لجوء تاريخية لسكان المنطقة من سريان وأرمن وعرب وأكراد هربوا من الاضطهاد التركي، وبالتالي هل من المنطق أن تعيدهم إلى السيطرة التركية وهم من الضحايا؟ 
الأزمات بين تركيا وأمريكا، سواء حول S-400  أو حول ذهاب تركيا إلى التعامل مع إيران، فإن السوريين في الحقيقة هم الحلقة الأضعف فيها، لكن ما يساعدنا في هذا المشهد، هو أن اقتراب تركيا من إيران يمد بحياة تجربة الشمال السوري، حيث يتأكد لأمريكا أن ترك المنطقة لخيارات تركيا أو روسيا يعني إفشال استراتيجية ترامب إفشالاً ذريعاً بتمكين إيران من أغنى المناطق السورية، وبالتالي تتأكد أمريكا أنه لا بدائل عن الأمر الواقع الحالي. 
نورث برس: قبل أشهر، قمتم والسيدة إلهام أحمد بعدد من اللقاءات المهمة في واشنطن، كيف تعاملكم الأوساط السياسية وهل تعتبر مجلس سوريا الديمقراطية صديقاً لها؟ 
في زيارة إلهام أحمد لمسنا تعاون كبير معنا ومع قسد وخاصة في الكونغرس الذي هو صوت الشعب الأمريكي، وهذا يعكس وجود رأي عام شعبي أمريكي يؤيد مكونات قسد ويدرك أنها  قارعت الإرهاب ونجحت. رأينا اهتمام كبير من الكونغرس بإفهامنا بأنهم لن يقبلوا بطعن الحلفاء اختلطت دمائهم بدماء الجنود الأمريكيين. 
وزارة الدفاع هي من المؤسسات المتعاطفة أيضاً معنا بشكل كبير، وتعرف ما قامت به قسد على الأرض، حيث رأينا من جنرالاتهم تثمين لإنجازات قسد واهتمام أكبر بعد إعلان الرئيس ترامب عن الانسحاب المفاجئ، وهذا كما رأينا أن آراء قيادات الدفاع أثرت كثيراً على تبطيئ وتغيير ماهية الانسحاب على أرض الواقع.