حلب – سام الأحمد – NPA
بدأت القوات التركية التي تسيطر على مناطق في ريف حلب الشمالي ببناء جدار عازل بين مناطق سيطرة قواتها التي تدعم فصائل درع الفرات وغصن الزيتون، ومناطق سيطرة وحدات حماية الشعب وقوات الحكومة السورية، بعدة محاور بالقرب من مدينة عفرين شمال غرب سوريا.
واستطاع مراسل “نورث بريس” التوجه للمناطق الفاصلة بين الطرفين ورصد عمليات بناء الجدار واللقاء مع بعض أهالي القرى المتضررين بشكل كبير من هذا الجدار.
وأفادت مصادر محلية من داخل قرية جلبل جنوبي عفرين (25 كم شمال حلب) عن بدء الجيش التركي وضع كتل خرسانية ضخمة وسط القرية بعد جرفه لعشرات من منازل المدنيين والمحال التجارية.
بطول 80 كم
الكتل الخرسانية التي وضعت وسط القرية ستشكل النواة الأولى للجدار العازل بحسب المصادر، فيما نشرت وسائل إعلام محلية أنباء مفادها بأن الجدار سيمتد لـ80 كم من قرية كفرجنة شرق عفرين مروراً ببلدات مريمين وآناب وقرى جلبل وكيمار وبراد (يوجد فيها مواقع مصنفة على قائمة التراث العالمي لليونسكو) شمال عفرين وصولاً لقرية باصوفان الإيزيدية غرب عفرين، حيث تبعد هذه القرى عن مركز مدينة عفرين بمسافات متفاوتة بين الـ10 إلى 20 كم.
تشير تركيا في سياق تصريحاتها الغير رسمية إلى إن الجدار يبنى لغايات “أمنية بحتة”، إذ سيمكنها من ضبط عمليات تسلل عناصر وحدات حماية الشعب إلى مناطق تواجد قواتها في عفرين.
في حين اعتبره الكثير من السوريين ولاسيما الكرد على وجه الخصوص استكمالاً لسياسية “التتريك التي تنتهجها أنقرة” في الشمال السوري.
وكانت تركيا قد بنت خلال الأعوام الثلاثة الماضية مشروعها المسمى بـ”السد التركي” والذي يعتبر ثالث أطول جدار في العالم وذلك امتد على كافة الحدود السورية التركية بطول 911 كيلومتر.
“عفرين تركية”
وكشف خلوصي آكار وزير الدفاع التركي قبل شهرين عن نواياهم الحقيقة في ملف عفرين قائلاً: “بأن عفرين تابعة للأراضي التركية وفقاً للميثاق الملي ولكن ظُلمت بالتنازل عنه بموجب اتفاقية لوزان 1923”.
وتتبادل المنطقتين بشكل متقطع قصفاً عشوائي سجل أضراراً بشرية ومادية، كما حصل في قريتي صوغانة وأبين المجاورات لجلبل، اللتان يراقب أهلها بناء الجدار بقلق حذر كونهما تقعان على خط التماس مع الجيش التركي ومقاتلي درع الفرات.
ويعيش حوالي 250 ألف مهجر من أهالي عفرين بريف حلب الشمالي متوزعين على 35 قرية و3 مخيمات رئيسية، وذلك لتخوفهم من العمليات العسكرية التركية التي راح ضحيتها حوالي 500 مدني وأكثر من 3000 مقاتل من وحدات حماية الشعب وفق ما ذكرت بيانات الأمم المتحدة والوحدات الرسمية قبل أكثر من عام من جهة، ولتخوفهم أيضاً من الانتهاكات التي تمارسها بعض الفصائل بحق المدنيين الكرد في عفرين.
ويعاني مهجري عفرين ظروفاً معيشية سيئة في مناطق نزوحهم، في ظل أملهم بالعودة لمنازلهم التي يقطنها مهجري حمص والمناطق السورية الجنوبية، الأمر الذي يعتبره أهالي عفرين المهجرين “استيطاناً” كونه على حساب وجودهم وممتلكاتهم.
ومع بناء هذا الجدار العازل يصبح مطلب المهجرين بالعودة لعفرين صعب المنال، وخاصةً مع تغير أكثر من 70 بالمئة من ديمغرافية المنطقة.
وتطور التواجد التركي في ريف حلب الشمالي شيئاً فشيئاً، فمن تدخله في الرابع وعشرين من آب/أغسطس 2016 عبر عملية درع الفرات، وصولاً لبناء الجدار العازل في عفرين، فلم يعد يقتصر على الجانب العسكري والأمني فقط، بل باتت الشركات التركية والمؤسسات الخدمية التابعة لأنقرة تعزز من حضورها عبر إزالة أي تواصل بين مناطق سيطرة الجيش التركي وباقي الجغرافية السورية.
فيما نُشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر قيام الفصائل بتفجير أبراج الاتصالات السورية بعد استلامهم تعليمات من الوالي التركي والتي تفيد بقطع الشبكة السورية عن مناطق السيطرة التركية واستبدالها بأبراج اتصالات تركية.
هذا وقامت أنقرة بفتح معابر غير رسمية بين مناطق سيطرتها في سوريا وأراضيها إلى جانب اقتلاع الآلاف من الأشجار لشق الطرقات وإقامة مناطق جمركية كبيرة في ساحات المعبر على سبيل المثال معبر حمام بجنديرس.
وأهلت تركيا العشرات من النقاط الطبية وعبدت الطرق الرئيسية وافتتحت مدارس للغة التركية وأدخلت فروعاً لجامعاتها لتدريس الطلاب السوريين في مدينة الباب.