محلل استراتيجي لـنورث برس: المنطقة مقبلة على نوع جديد من التطرف يقوده ضحايا الصراعات السابقة

واشنطن – هديل عويس – NPA 
قال الدكتور شهاب مكاحلة، كبير المحللين في مركز “ميديا للدراسات الاستراتيجية”, إن سوريا لديها إرث أحداث حماة، وأن عدد لا يستهان به من أبناء وأحفاد ضحايا أحداث المدينة شاركوا في قيادة المشهد المعارض في سوريا على سبيل الانتقام بخلفيتهم الدينية.
وصرح مكاحلة، لـــــ”نورث برس” أن في سوريا, الاستبداد والتمييز بين فئات المجتمع كان ضارباً للمجتمع وبنيته، وكان هناك نخب وطبقات بين المواطنين، نخبة حاكمة ونخب اقتصادية تقتات على دعم الفئة الحاكمة والعامة الذين يعانون من عدة تحديات, ومن ثم اندلاع الثورات العربية جعل السوريين يتأثرون”.
ويتابع “لم تتحقق الأهداف التي رسمتها الثورة السورية لأسباب كثيرة, منها انحرف شكل الثورة بسبب التدخلات الخارجية, وتغير أصحاب القضية نفسهم بعد مغادرتهم للبدل ومواجهتهم تحديات من نوع آخر, وبقاء فئات مختلفة بتوجهات دينية تدافع عن ذلك التحرك.”
وأضاف مكاحلة “أن سوريا لديها إرث أحداث حماة، وأن عدداً لا يستهان به من أبناء وأحفاد ضحايا أحداث المدينة شاركوا في قيادة المشهد المعارض في سوريا على سبيل الانتقام بخلفيتهم الدينية”.
وأوضح في السياق نفسه, كان هناك فئات قاتلت بالفعل لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي ولكن صوت الفوضى والعنف كان أعلى والحاجة المادية لعبت دوراً “في توجيه البعض نحو الإرهاب المغري مادياً.”  
ويكفي حديثه “ما حدث في سوريا أطاح بأحلام من أرادوا التغيير وخلق جيل آخر الآن، ناقم على الحكومة و ناقم كذلك على الثورة”، وما تحذر منه المنظمات المراقبة للتطرف أن هناك أجيال مختلفة من ضحايا انهيار سوريا تجتمع ولا يربطها بالضرورة دين معين ولكن معاناة من نوع مشترك من جراء موجات العنف السابقة. 
ولفت مكاحلة أن المنطقة مقبلة على نوع جديد من “التطرف” يقوده ضحايا الصراعات السابقة، “هذا أمر يكثر الحديث عنه وتركز عليه مراكز الأبحاث, ومراقبة التطرف”. 
تجاوز المرحلة 
قال مكاحلة لــ”نورث برس”, إن الإرهاب لا ينطلق من تجربة دينية معينة، بل يبدأ من تنشئة الطفل أو الشاب حتى سن المراهقة, مضيفاً أن تجربة ماليزيا وسنغافورة وغيرها كانت ناجحة لأن المناهج التعليمية غير قائمة على أسس دينية, فالدين مساند للعلم, وليس العكس, وهذه ليست شعارات نرفعها عن هذه البلدان التي تتمتع بنهضة صناعية واقتصادية, الشاب ينشأ على شعور عملي بالمواطنة وما يحتاجه البلد من استقرار ونهوض اقتصادي، والتمتع بوضع اقتصادي ومعيشي عالي, يجعل كل شاب مسهماً في الحفاظ على استقرار بلده ونهضته, لأنه مستفيد بالدرجة الأولى, والعكس صحيح.
في ماليزيا مثلاً؛ تنبهت السلطات لوجود “دعم خارجي لبناء مراكز دينية راقبوها فرأوا أن دعمها مسيس لأهداف معينة بعد خمس سنوات أغلقوا تلك المدارس لأنها تشكل عبئ على الأمن والمجتمع الماليزي”.
وأكد مكاحلة أن هذه التجارب تؤكد لنا “أن الإرهاب لا يمكن إلصاقهُ بدين معين أو مجتمع معين”, موضحاً أن “الإرهاب كإمساك قطعة معجون وتشكيلها بالشكل الذي نريده وهذا كله يتعلق بكيف نطور الفرد من الطفولة إلى المراهقة في مجتمعاتنا.”
وأضح مكاحلة إن الإرهاب بدأ في المناطق العربية منذ بدايات القرن الماضي, وتفاقمت حدته بعد حروب العرب مع إسرائيل, إضافة إلى محرضات خارجية أيضاً, لنصل إلى ما نصل إليه في فترة السبع سنوات الأخيرة.
وأشار أن الإرهاب الذي ضرب سوريا والعراق والأردن سببه أن الأجيال من (1960 حتى 1995) تربّت على مناهج دينية تشجع مبدأ التكفير والانتقام على أسس الانتماء الديني, موضحاً أنها أقحمت الدين في كل شيء مثل الفصل ما بين الجنسين وحتى فصل وتمييز بين الرجل والمرأة بداخل العائلة، الأمر الذي تفاقم لنرى بعدها ظهور مدارس دينية تنصّب نفسها وصية وواضعة لقوانين العلاقة بين الرجل والمرأة وتصرفات البشر كما باتت تصنف المسلمين وتقيم تدينهم وتحاكمهم, فباتت حياة جزء لا يستهان به من المجتمعات تنطلق من الدين.