التعليم في ريف إدلب الجنوبي.. قطاع متهالك ومعلمون دون رواتب
إدلب – نورث برس
يعاني قطاع التعليم في إدلب وريفها منذ سنوات من صعوبات كبيرة أدت إلى انقطاع آلاف الطلاب والطالبات عن التعليم، إضافةً إلى توقف عدد كبير من المعلّمين عن ممارسة المهنة.
ويربط معلّمون ومسؤولون إداريون تهالك قطاع التعليم وتوقفه في بعض مناطق محافظة إدلب بإيقاف الدعم من قبل الجهات المانحة والمجمّعات التربوية في الشمال السوري.
وبات الدعم اليوم يقتصر على ما تقدّمه بعض المنظمات الإغاثية، التي تدعم مدارس في مناطق إدلب وريفها الشمالي، فيما يغيب الدعم بشكل شبه تام عن ريف إدلب الجنوبي، وخاصةً مناطق جبل الزاوية.
ويقول معلّمون إن انقطاع الدعم من قِبل المنظمات الدولية والإغاثية عن مناطق ريف إدلب الجنوبي يعود إلى كونها تشهد عمليات عسكرية.
وتضمُّ مناطق جبل الزاوية قرابة /25/ ألف طالباً وطالبة يشرف عليهم /١٥٤٠/ مدرّساً منهم /٨٩٢/ مدرّساً يعملون بشكلٍ تطوعي، بحسب المجمع التربوي في مدينة أريحا.
وقال محمد عتيق، مدير المجمع التربوي في مدينة أريحا، إن عدد المدارس في جبل الزاوية يبلغ /٨٣/ مدرسة، منها /١٦/ مدرسة دُمِّرت بالكامل وست مدارس بشكل جزئي.
وأشار إلى وجود /٥٥/ مدرسة بدأ الدوام فيها بشكل فعلي وست مدارس فتحت أبوابها جزئياً، “حيث تعاني معظم هذه المدارس من انقطاع التمويل منذ أكثر من عام ونصف.”
وقال حسن الأسعد، وهو مدير مدرسة المغارة بناحية إحسم بريف إدلب، لنورث برس، إنهم حوّلوا مبنى المجلس المحلي في قرية المغارة إلى مدرسة ابتدائية كحل إسعافي نتيجة انعدام البدائل بعد تدمير مبنى المدرسة في شباط/فبراير الماضي.
وأضاف أن المبنى يتألف من غرف صغيرة مزدحمة بالطلبة دون أثاث أو ووسائل تعليمية، “ولا يملك المكان أيّاً من مقومات المدرسة.”
ويعمل الكادر التعليمي، بحسب “الأسعد”، بشكلٍ تطوعي منذ نحو عام ونصف، حيث تقاضوا آخر راتب لهم في نيسان/أبريل 2019.
ونوّه مدير المدرسة إلى أن المعلّمين يبحثون عن مصادر رزق لتأمين قوتهم، وأنهم يقدّمون ما يستطيعون تطوعاً للطلبة بما يتوافق مع أعمالهم الجديدة.
وكان أهالي قرية المغارة قد فضّلوا العودة إلى قريتهم بعد نزوحهم عنها، وسط مخاوف من الاستهداف والقصف المتقطع، ليجدوا أنفسهم أمام خطر يهدد مستقبل أولادهم بعد توقف التعليم للمرحلتين الإعدادية والثانوية.
وعن دور مديرية التربية والتعليم في إدلب، قال “الأسعد” إن تربية إدلب لم تقدّم أيّ شكلٍ من أشكال الدعم لمدرسة قرية المغارة طيلة السنوات الثلاثة الماضية.
“اقتصر دعهما على تقديم الكتب المدرسية التي تصل في نهاية العام بدلاً من أوّله.”
وأضاف أن التعليم اليوم يمرُّ بحالته “الأسوأ”، خاصةً في المرحلة الثانية منه، “إذ لم نستطع تأمين البناء اللازم، كذلك لم نستطع تأمين متطوعين من الكادر التدريسي.”
ولم يتسنّى لنورث برس التواصل مع مديرية التربية والتعليم بإدلب للتعليق على انقطاع الدعم عن مدارس في ريف إدلب الجنوبي.
ولا يختلف الوضع كثيراً في بلدة بليون المجاورة لقرية المغارة، حيث يصف حسام الخطيب، مدير مدرسة بليون المحدثة، في حديثه لنورث برس، الواقع التعليمي بـ”المأساوي.”
ويغيب الدعم، وفقاً لـ”لخطيب”، بشكلٍ كامل عن الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية، “فضلاً عن الأوضاع الأمنية التي تعيشها المنطقة لا سيما في هذه الفترة.”
وتعمل ثلاث مدارس اليوم في بلدة بليون، وتضمُّ هذه المدارس ما يقارب /400/ طالب وطالبة.
ويقتصر الدعم على ما تقدّمه إحدى المنظمات لمدرسةٍ واحدة فقط تضمُّ طلاب الحلقة الأولى، أما الحلقة الثانية والثانوية فلم تتلقَ أيّ شكلٍ من أشكال الدعم منذ العام الماضي، بحسب مدير مدرسة بليون المحدثة.
وفي بلدة إحسم، ذكر معلّمون لنورث برس، أن معظم الكادر التدريسي في المرحلتين الإعدادية والثانوية يقوم بعمله بشكل تطوعي في المدارس، “كما يساهم فيها أيضاً عدد من المتطوعين من قرى مجاورة.”
وحول الأسباب التي أدت لتدهور التعليم في إدلب، أشار خالد حاج أحمد، وهو مدرّس في مدينة أريحا، إلى أن العديد من المعلّمين توقفوا عن الذهاب للمدارس وممارسة عملهم بسبب انقطاع رواتبهم لأكثر من شهرين.
وأضاف “أحمد” أن بعض المنظمات التي كانت تدعم العملية التعليمية في إدلب توقفت عن دعم الحكومة المؤقتة بشكل كامل.
وهو ما أدى، بحسب قوله، لإضراب أكثر من /2800/ مدرّس يعملون في قطاعات تعليميّة مختلفة عن عملهم العام الفائت.