حوادث تخلي عن أطفال حديثي الولادة في إدلب وناشطون يحذرون من مخاطر مستقبلية

إدلب- نورث برس

بعد أن يئس جميل العلوش (35عاماً)، وهو من سكان مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، من العثور على عائلة الطفل الذي وجده قبل أشهر مرمياً في لفافة، قام بتسليمه لأخته التي قررت أن تكفله وتربيه وتعتبره كأحد أولادها.

وتكررت مؤخراً في إدلب المدينة حوادث تخلي أشخاص مجهولين ﻋﻦ أطفالهم حديثي الولادة، عبر رميهم بجانب الطرقات أو على أبواب المساجد.

لفافة على الطريق

 ورغم أن هؤلاء الأطفال يجدون غالباً من يكفلهم ويرعاهم، أو ينتهي الأمر بهم في دور رعاية الأيتام، إلا أنهم يعيشون محرومين من كافة حقوقهم المدنية، وﻓﺎﻗﺪين ﻟﻨﺴﺒﻬﻢ ﻭجزء من ﻫﻮﯾﺘﻬﻢ المجتمعية.

واستذكر “العلوش” ذهابه فجر العاشر من حزيران/يونيو الماضي إلى عمله في مخبز وسط المدينة، حيث عثر على طفل صغير في لفافة زرقاء، مرمياً إلى جانب أحد الأبنية.

 وأضاف لنورث برس أن الطفل كان يبكي بصوت خافت، “حملته وحاولت البحث عمن يعرفه، وعندما يئست من إيجاد أهله، أخذته إلى زوجتي التي قامت بتغيير ملابسه وإرضاعه.”  

وقال الرجل إنه استمر في البحث عن عائلة الطفل دون جدوى، فقام مؤخراً بتسليمه لأخته التي كفلته.

لا وثائق رسمية

وقالت مروة العمر (29 عاماً)، وهو اسم مستعار لامرأة من مدينة سلقين، إنها تنوي تسجيل طفلة استلمتها من مخفر شرطة سلقين على قيد زوجها.

وأضافت أنها قررت أن تربي الطفلة التي لم تتجاوز شهراً من عمرها بعد سماعها بأن شخصاً وجدها على باب أحد المساجد خلال شهر تموز/ يوليو، وسلمها لمخفر الشرطة.

 وترى المرأة أن الله أراد تعويضها مما حرمت منه، إذ لم تُرزق بأطفال منذ زواجها قبل عشرة أعوام.

وذكرت مروة في حديثها لنورث برس: “تم كتابة ضبط بالحادثة في المخفر، وحين علمت بوجودها توجهت إلى هناك مع زوجي، واستلمت الطفلة وتعهدت بتربيتها والعناية بها.”

وقالت أيضاً إنها في البداية أخذت ﺍلطفلة ﺇﻟﻰ طبيب أطفال للاطمئنان على صحتها، ومعرفة وصفة الحليب المناسب لعمرها، “وأطلقت عليها اسماً حلمت بتسمية ابنة لي به.”

ولا تملك هذه الطفلة أي دليل يشير إلى أنها ليست الابنة الحقيقية للعائلة الجديدة، “سوى صورة عن الضبط الأولي من مخفر الشرطة.”

وكشفت مروة أنها تنوي تسجيلها على قيد العائلة في حال سفرها لزيارة أهلها المقيمين في مدينة حماة، وذلك لعدم وجود سجلات للقيود المدنية في مناطق سيطرة المعارضة.

وكان فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، وهي منظمة إغاثية محلية، قد كشف عن تسجيل ما بين أربع وثماني حالات تخلي عن أطفال حديثي الولادة مجهولي النسب شهرياً في إدلب شمال غربي البلاد.

كما وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، في تقرير صادر في آب /أغسطس الماضي، ما لا يقل عن /43/ حالة تخلي عن أطفال حديثي الولادة في محافظات سورية، ما بين منتصف العام 2019 وحتى تموز الماضي.

وحذرت المنظمة من ازدياد حالات التخلي عن الأطفال حديثي الولادة في مناطق مختلفة من محافظة إدلب وريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أنها أصبحت “ظاهر” منتشرة في تلك المناطق، وعازية ذلك إلى تفشي الفقر لاسيما في مخيمات النزوح، وانتشار زواج القاصرات .

مخاطر مستقبلية

وقال سمير التيزري (45 عاماً)، وهو محام من معرة النعمان، إن أسباب تخلي بعض الأمهات عن أطفالهن يعود إلى “تولد أطفال أيتام مجهولي النسب نتيجة الزواج من مقاتلين غرباء، أو الإنجاب خارج إطار الزواج بسبب علاقات غير شرعية أو استغلال نساء في أعمال غير أخلاقية.”

وأضاف أن الفقر والحالة المعيشية المتردية والغلاء الفاحش ووفاة الكثير من الرجال، إلى جانب غياب الجهات الداعمة والمساندة من منظمات محلية ودولية، هي أسباب أخرى تؤدي لظهور هذه الحالات.

وشدد “التيزري” على أن ﻫﺆﻻﺀ الأطفال سيعيشون مجهولي النسب لعدم ﻭجود أي قيود لهم في سجلات الأحوال المدنية، “وسيواجهون مصائر مجهولة نتيجة عدم تمكنهم من الحصول على الجنسية أو حتى أوراق ثبوتية، إلى جانب حرمانهم من حقهم في التعليم.”

ولفت إلى أنهم “قد يتعرضون للاستغلال، مثل إجبارهم على العمالة المبكرة، أو تجنيدهم ضمن الفصائل العسكرية، علاوة على التنمر والتمييز ووصفهم باللقطاء.”

أما عن العائلات التي تتكفل برعاية هؤلاء الأطفال، قال المحامي سمير التيزري إن “الدين الإسلامي يحرم التبني، لكن يمكن تعويض ذلك بالكفالات التي تنص على إيجاد أسرة بديلة للطفل تعوضه عن الأسرة المفقودة، وتؤمّن له الرعاية المطلوبة.”

إعداد: حلا الشيخ أحمد- تحرير: حكيم أحمد