القاهرة – محمد أبوزيد – نورث برس
قالت إثيوبيا، السبت، إن أي نوع من التهديدات في النزاع القائم حول ملء وتشغيل سد النهضة أمر “خاطئ وغير مثمر وانتهاك واضح للقانون الدولي”.
ولم يورد البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء أبي أحمد عن سد النهضة ذكراً لأي شخص أو دولة بعينها.
لكن البيان جاء بعد ساعات من اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك وجها فيه الدعوة للوصول إلى حل ودي بين مصر وإثيوبيا.
وفي المكالمة التي أجريت أمام الصحفيين في البيت الأبيض، قال ترامب إنه أبلغ مصر أيضا بهذا.
وأضاف أن الوضع خطير وقد يصل إلى أن “تنسف” مصر السد.
وإثيوبيا والسودان ومصر في خلاف مرير على ملء وتشغيل سد النهضة المقام على نهر النيل. ولا يزال الخلاف قائماً رغم بدء ملء خزان السد في تموز/ يوليو.
وجاء في البيان الإثيوبي “لا تزال تتواتر بيانات بين الحين والآخر تحمل تهديدات عدائية لإخضاع إثيوبيا لشروط جائرة… هذه التهديدات والإساءات للسيادة الإثيوبية خاطئة وغير مثمرة وانتهاك واضح للقانون الدولي”.
وقال مكتب أبي إن المرحلة الأولى من ملء السد اكتملت في آب/ أغسطس.
وتقول مصر إنها تعتمد على نهر النيل في الحصول على أكثر من /90/ في المئة من الإمدادات الشحيحة من الماء العذب وتخشى أن يكون للسد أثر مدمر على اقتصادها.
“قطع الأموال”
وقال ترامب يوم الجمعة، إنه سبق وأن توسط في اتفاق لحل المسألة لكن إثيوبيا انتهكت الاتفاق مما يضطره لقطع أموال عنها.
وقال مكتب أبي، إنه حدث تقدم كبير في حل الخلاف منذ بدأ الاتحاد الإفريقي الإشراف على المفاوضات.
وعلى مدار السنوات الماضية، وتحديداً منذ العام /2011/ التزمت الأطراف المتنازعة بملف سد النهضة الإثيوبي (مصر والسودان وإثيوبيا) المفاوضات.
وشهدت تلك المفاوضات محطّات فشل أفضت إلى أن صار السد أمراً واقعاً تعتبره القاهرة والخرطوم يشكل تهديداً حقيقياً على مصالحهما المائية.
وظلّ الحديث مستمراً في الكواليس وبوسائل الإعلام عن “الخيارات أو الحلول الخشنة” لمواجهة ما وصف بـ”التعنت الأثيوبي”.
لكنّ على مستوى التصريحات والمواقف الرسمية كان يتم استبعاد تلك الخيارات، مع التأكيد على أن “المفاوضات والحلول السياسية والدبلوماسية والقانونية” هي المسارات الناجعة لحل الأزمة.
ورغم اتخاذ القاهرة خطوات قانونية للتصعيد في مجلس الأمن ضد أديس أبابا، فقد عادت الحلول الخشنة (العسكرية) للواجهة من جديد بشكل مباشر، بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال ترامب خلالها إن “القاهرة قد تفجر السد”، متهماً أديس أبابا بـ “خرق الاتفاق”، وأن مصر إن أقدمت على تلك الخطوة فلن يلومها أحد.
واكتفى وزير الري والموارد المائية المصري السابق، بالتعليق على تصريحات ترامب باعتبارها “تمثل شهادة من الولايات المتحدة الأميركية حول القيادة المصرية وسد النهضة.”
وجاء ذلك في إشارة إلى إدراك واشنطن لشرعية الموقف المصري في المفاوضات وفي ملف السد الذي يثير لغطاً واسعاً منذ طرحه كفكرة أوليّة قبل أكثر من عقدٍ من الزمن وحتى الآن بعد تنفيذه وبعد أن صار أمراً واقعاً.
“ضوء أخضر”
وطبقاً للوزير المصري الأسبق، فإن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنما تمثل “ضوءاً أخضر للقاهرة من أجل ضرب سد النهضة الأثيوبي”.
ويأتي ذلك رغم تأكيدات مصر على أنه “لا حلول عسكرية للأزمة مع إثيوبيا”، والتزام القاهرة بخط المفاوضات طيلة السنوات الماضية، ونفيها نفياً قاطعاً، أن يكون الحل العسكري مطروحاً.
ويُنظر لتلك التصريحات الأميركية باعتبارها “ضغوط على إثيوبيا”، وذلك بعد أن أحرجت أديس أبابا الإدارة الأميركية في شباط/ فبراير الماضي، عندما انسحبت من مفاوضات -بعد الموافقة عليها- برعاية وزير الخزانة الأميركية والبنك الدولي بخصوص سد النهضة.
ولم توقع أديس أبابا على وثيقة الاتفاق، رغم توقيع القاهرة بالأحرف الأولى عليها.
ضغوط أميركية
قال طلال إسماعيل، محلل سياسي سوداني، ، في تصريحات خاصة لـنورث برس، عبر الهاتف من الخرطوم: “تصريحات الرئيس ترامب هي بمثابة ضغوط ممارسة على إثيوبيا، للموافقة على اتفاقية مع السودان ومصر بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.”
ويأتي ذلك بحسب “إسماعيل”، على اعتبار أن القضية “دخلت فيها واشنطن بثقلها، ولم يتم التوصل لاتفاق بعد انسحاب الوفد الإثيوبي، وعلى رغم توقيع مصر بالأحرف الأولى على الاتفاقية برعاية أميركية.”
وأضاف: “الإدارة الأميركية حالياً تمارس ضغوطاً على إثيوبيا (..) أستبعد أن تلجأ مصر لحرب مع أديس أبابا، رغم أن الخيارات العسكرية من الاحتمارت الواردة لكن بنسب ضعيفة.”
وترى مصر أن الحرب بينها وبين إثيوبيا، تشكل تهديداً كبيراً للمنطقة، بحسب “إسماعيل”.
وأضاف: “لا أعتقد بأن مصر ستدخل هذه الحرب، ولكنها ستواصل جهودها في المفاوضات، وهو الطريق الوحيد لحل أزمة سد النهضة.”
أما الخيارات الأخرى، وفق المحلل السياسي السوداني، فهي ممارسة ضغوط من المجتمع الدولي، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية، على إثيوبيا، من أجل التوصل لاتفاق شامل بخصوص أزمة سد النهضة.