شاب من بانياس ينجز مشروعه الخاص لتربية النحل قبل إنهائه الثانوية

دمشق – صفاء عامر – نورث رس

 

رغم أن ذاكرته لا تحمل سوى ذكريات عن النحل ولسعاته التي تسبب في إسعافه لأكثر من مرة أثناء طفولته، إلا أن ذلك لم يمنع قبله من التعلق بعالم النحل، لا بل استطاع في بداية شبابه وقبل إنهائه الثانوية إنجاز منحلته الخاصة بمساعدة من والده وعمه.

 

مصطفى عيروط (19 عاماً)، هو ابن ريف بانياس على الساحل السوري، استطاع بإمكانات بسيطة أن ينجز مشروعه الخاص بتربية النحل في سن مبكرة ليكون مصدر كسب وسط التدهور الاقتصادي في البلاد عموماً.

 

وكان في طفولته يراقب عمل عمه الذي كان يمتلك خلايا نحل تقليدية بجانب منزلهم في قريته "بستان النجار" ويجمع العسل منها، ما أشعل تعلق الطفل بعالم النحل وشغفه بجمع المعلومات عنه.

 

" تلقيت العديد من اللسعات وكنت أُنقل على إثرها للمستشفى إلا أن ذلك أثار فضولي وشغفي بها، وجعلني أبحث على الإنترنت عن النحل وتربيته, وكيفية تربيته، وتابعت أفلاماً وثائقية عنه".

 

وعثر في صباه على طرد نحل (فراخ ستصبح خلية جديدة) ضمن أحراش الغابة القريبة من قريته، وأسكنها خلية تقليدية، لكنها لم تمكث طويلاً حتى هربت.

 

ضياع الفرصة لم يثنِ "عيروط" عن إصراره على امتلاك خلايا نحل خاصة به، فاشترى والده /35/ خلية حديثة له في العام 2014، بما يقارب /350/ ألف ليرة سورية، لتكون بداية رحلته في عالم تربية النحل رغم صغر سنه آنذاك.

 

كما قام عمه بمساعدته في إدارة المشروع خلال السنوات الأولى، واستمر والده بتقديم التمويل الذي وصل لنحو مليوني ليرة.

 

مصطفى الابن البكر لوالده، صاحب مشروع أطلق عليه تسمية "عسل النحلة الذهبية"، ويملك الآن /65/ خلية يهتم برعايتها بنفسه، ولا يحتاج لمساعدة من أحد إلا من أبيه وأخيه الأصغر أثناء نقلها.

 

"أقوم بنقلها في أوائل الربيع إلى المراعي لجني أكبر كمية من العسل وفي الشتاء ننقلها للأماكن الساحلية حيث الدفء وأزهار الفول واللوزيات التي يساعد على الحفاظ على طوائف النحل الجديدة".

 

وكان إنتاج سوريا من العسل يبلغ قبل الحرب حوالي /3,000/ طن سنوياً، إلا أنه تعرّض لأضرار كبيرة لينخفض الإنتاج لـ /600/ طن فقط، لكن الإحصائيات خلال السنوات الثلاثة الأخيرة تشير لزيادة بنسبة 25 %، بحسب اتحاد النحالين العرب في سوريا.

 

ولفت "عيروط" للعراقيل التي تسبب له معاناة في مشروعه، منها صعوبة نقل خلايا النحل إلى المراعي في بعض المناطق الداخلية وارتفاع تكاليف النقل، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة في سوريا, وغلاء مستلزمات تربية النحل، بالإضافة لصعوبة تسويق الأعسال الطبيعية المتبلورة، "بسبب ضعف الإقبال على شرائها لعدم معرفة الناس مفهوم تبلور العسل الطبيعي".

 

ويعرف تبلور العسل بأنه تغير طبيعي في العسل السائل نتيجة عوامل عديدة, حيث يكون العسل سائلاً لزجاً عند نضجهِ ثم يأخذ بالتبلور تدريجياً إلى أن يتجمد.

 

ويضيف "عيروط" : "أعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق العسل الذي أستخرجه من منحلتي، فلي صفحة شخصية على الفيسبوك، وأضع بشكل مستمر كمية العسل المعروضة للبيع مع أرقامي، لأتلقى طلبات شراء جيدة، ما يشعرني بالسعادة لتحقيق الفائدة المادية والمعنوية من عملي".

 

ويبلغ إنتاج منحلته سنوياً ما بين /400/ و/600/ كغ، ليباع الكيلوغرام الواحد حالياً بحدود /15/ ألف ليرة سورية.

 

وقد تحوّل مشروع النحال الشاب إلى مصدر رزق له ولأهله، ليعتمد على أرباحه منه لتغطية مصاريف إتمام دراسته في الثالث الثانوي، فيما يطمح لتوسيع منحلته مستقبلاً وأن يصبح من أهم النحالين على مستوى البلدان العربية.