في حلب.. مصابو حرب عسكريون يسعون للهجرة بعد إهمال الحكومة السورية لهم

حلب – نورث برس

قال عسكريون مسرّحون بسبب إصاباتهم في مدينة حلب، شمالي سوريا، إنهم يسعون للسفر خارج البلاد بعد أن لم يلقوا الرعاية من الحكومة السورية التي لم تكترث بصعوبة ظروفهم المعيشية، حسب وصفهم.

وشهدت مدينة حلب خلال سنوات الحرب في سوريا هجرة أصحاب أموال، إلى جانب معارضين وعائلات ذات دخل محدود، لكن يبدو أن الظاهرة موجودة حتى بين من انضموا لصفوف القوات الحكومية.

وقال سامي سالم (29 عاماً)، وهو اسم مستعار لعسكري في صفوف القوات الحكومية سُرِّح قبل خمسة أعوام بعد إصابته في المعارك، إنه ينوي السفر إلى خارج البلاد من أجل تحسين وضعه المعيشي وإيجاد عمل يناسبه بعد فقدان قدمه.

وأضاف أنه مستاء كونه لم يعد قادراً على العيش داخل البلاد، “حتى بعد العزوف عن فكرة تأسيس عائلة.”

ولفت “سالم” إلى أنه مضطر للسفر بطريقة “غير نظامية” عبر دفع مبالغ مالية كبيرة، لأن الحكومة السورية لا تسمح له بالسفر رغم مرور سنوات على تسريحه.

وأدت الحرب الناتجة عن الأزمة السورية والتي بدأت على شكل اضطرابات شعبية في آذار/مارس 2011، إلى مقتل نحو /500/ ألف شخص، وفقاً لتقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ونزح داخلياً وخارجياً نحو /13/ مليون سوري منذ اشتعال الحرب، يمثلون نحو /60/ بالمئة من سكان سوريا قبل عام 2011، حسب مركز “بيو” للأبحاث.

ويرى مصابو حرب من عسكريي الحكومة السورية أن “تضحياتهم” قوبلت بعدم تقدير من قبل الحكومة التي قامت بتكريمهم أمام وسائل الإعلام، إلا أنها لم تمد لهم يد العون بعد أن فقدوا قدرتهم على ممارسة عمل يعتاشون منه.

وقال عبدالسلام محمد (31 عاماً)، وهو اسم مستعار لعسكري مصاب كان ضمن صفوف الحرس الجمهوري، إنه لم يعد يستطيع تلبية احتياجات طفليه بسبب ارتفاع المصاريف.

وأضاف أن القرارات الحكومية لم تسهم في تحسين المستوى المعيشي، كما أنها لم تقدم شيئاً للمصابين “الذين ضحوا بأنفسهم.”

ولفت “محمد” إلى أنه يتقاضى راتباً حكومياً يبلغ /48/ ألف ليرة سورية، إلى جانب /60/ ألف ليرة من عمل إضافي.

لكن ذلك لا يكفي لتدبر معيشة عائلته وتحقيق “أحلام” طفليه في مستلزمات مدرسية وألعاب أطفال.

ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل 25 دولاراً أمريكياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية وتطبيق قانون عقوبات قيصر ضد الحكومة السورية وداعميها.

وتذهب دراسة حديثة نشرها مركز فرات للدراسات في القامشلي، إلى أن الأسرة السورية المؤلفة من خمسة أشخاص تحتاج إلى /686/ ألف ليرة لتأمين احتياجاتها الشهرية من الطعام فقط حتى تعيش بمستوى عامي 2009 و2010.

يقول العسكري المتقاعد إنه يعتمد على مساعدة أقربائه له لاستكمال احتياجات أسرته، “وللأسف فإن السفر لبلاد الغربة أفضل من البقاء في بلد أنا مغترب فيه بعد إصابتي.”

وقال عبد الرحمن حسين (32 عاماً)، وهو اسم مستعار لمتسرح منذ عامين، إن تكريمه بعد إصابة تعرض لها لم يعوضه عما فقده، فهو لا يستطيع ممارسة أي مهنة بعد الإصابة في الحرب.

وأضاف: “أنا المعيل الوحيد لأخي الصغير وأختين تدرسان في الجامعة.”

ورغم تسريحه، لا يزال “حسين” يتخوف من طلبه للخدمة العسكرية الاحتياطية تحت مسمى “خدمات ثابتة”، لا سيما بعد أن تم رفض طلبه الحصول على “إذن للسفر.”

يقول إنه يسعى لتأمين تكاليف سفره للخارج لأنه لن يستطيع إعالة أفراد عائلته إن انتظر الحكومة.

إعداد: علي الآغا – تحرير: حكيم أحمد