صناعة التنور في ديرك.. نسوة يفرحن بالتراث وأطفال يشدهم الفضول

ديرك – نورث برس

على أنغام أغانٍ تراثية تنشدها في قرية روباريا بريف ديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، تنهمك عونية إسكندر (62 عاماً)  في صناعة تنورين طينيين رفقة ابنتها وإحدى قريباتها وجارتها.

وتتشارك النسوة العمل في صنع التنور، فإحداهن تقوم بعجن الطين بيديها، بينما تقوم أخرى بتشكيل التنور وسط إنشاد أغانٍ كردية من فلكلور المنطقة.

وقالت “إسكندر” إنها توارثت طريقة صنع التنور الطيني من والداتها، “إذ لم يكن هناك مخابز آلية آنذاك، كنا نقوم بإعداد خبز التنور في منازلنا.”

وترى ربّة المنزل الستينية أنه يجب الحفاظ  على مثل هذه الأعمال التراثية، بعد أن اندثرت بعضها مع الزمن نتيجة عدم تعليمها للأبناء كصناعة السجاد اليدوي والتطريز وغيرها.

“أحاول جهدي ألا تضيع تقاليدنا القديمة، أحبُّ هذا النوع من الأعمال المنزلية التراثية.”

ويعتبر التنور الطيني من الأفران البدائية التراثية لصناعة الخبز في المنزل، وتفضّله كثير من العائلات إلا أن الجهد الذي يحتاج له خبز التنور يجعل الاعتماد عليه أمراً شاقاً لربّات المنازل.

وقالت كولي علي (55عاماً)، وهي قريبة عونية التي جاءت لمساعدتها، إن صناعة التنور عملية صعبة للغاية “لأنها تحتاج نوعاً خاصاً من التراب حيث يتم غربلته وجبله مع التبن.”

وتضطر النساء  لجلب التراب المخصص لصناعة التنور من أمكنة تتميز بترابها الأحمر.

وتحتاج  صناعة التنور الواحد لخمس تنكات تراب وثلاث تنكات تبن، كما يتم إضافة نحو كيلوغرامين من الملح الصخري، لتضاف بعدها المياه ويترك الطين لمدة يومين أو ثلاثة حتى يتماسك.

ومن ثم تقوم النسوة بعجن التراب وتقليبه بشكل جيد والبدء بصناعة التنور، حيث يفصل بين تشكيل كلِّ قسمٍ وآخر عدة ساعات لحين جفاف ما سبق وتماسكه.

ويستغرق صناعة التنور الواحد نحو يومين، بحسب “علي”.

وأضافت أن الأحجام المطلوبة تختلف بحسب رغبة ربّة المنزل وعدد أفراد عائلتها، إذ يصل طول قطر التنور لأكثر من خمسة أشبار.

وذكرت أن بعض النساء يمتهنَّ صناعة التنور ليكسبن من بيعه، ولكنها وقريباتها يصنعونه لإعداد الخبز لعائلاتهن.

وتساعد سميرة عتو (35 عاماً) والدتها عونية، وذلك لرغبتها في تعلّم صناعة التنور الطيني، “رغبت بتعلّم طريقة صناعة التنور لأنه من تراثنا.”

وتثير طريقة تشكيل التنور ومراحله وشكله والأدوات التي تستخدم في بنائه وما يرافقه من جهد وتعب، فضول الأطفال الذين لا ينفكّون عن طرح أسئلة حوله.

“يسألوننا ما هذا؟ كيف تصنعونه؟! كيف تعطونه هذا الشكل؟ تغمرهم السعادة بمشاهدة هذا العمل، لأنهم لم يروه من قبل.”

وتقارن “عتو” ما بين خبز التنور الطيني والخبز الذي يُصنَع في الأفران الآلية، ” بالتأكيد خبز التنور أفضل، من حيث طعمه ونظافته.”

وترى أن تقدم الآلات الحديثة لصناعة الخبز جعلت تحضيره أكثر سهولة، “لذلك يجد الجيل الجديد صعوبة في تعلّم إعداد خبز التنور، ها نحن نقوم بصناعتها أمامهم حتى تظلَّ في ذاكرتهم على الأقل.”

وأشارت “عتو” إلى أن صناعة التنور من الأعمال الصعبة، إلا أنهم بمساعدة الجيران والأهل استطاعوا إنجاز جزء كبير منه.

إعداد: سولنار محمد –  تحرير: سوزدار محمد