لحظات أخيرة في مخيم الهول.. نازحون يستعدون للعودة إلى مناطقهم بريف بدير الزور

الهول – نورث برس

مع حلول ساعات الغروب، يواظب عبود على حزم أمتعة عائلته بحماس في سيارة كساها الغبار.

وينتظر النازح الخمسيني في “ساحة الاستقبال” شروق شمس الغد متمنّياً أن يكون آخر شروق يراه في المخيم.

وعلى بعد خطوات منه، يتصل شقيقه خضير العلي (42 عاماً) بأحد أقربائهم ويخبره أنه قادمٌ يوم غد.

ويطالبه مازحاً: “عليك بذبح خروف لأجل قدومنا”، فيما يردُّ عليه الآخر: “سعر الخروف وصل إلى المليون ليرة، سأذبح لك دجاجة”، ويضحك الاثنان معاً.

وكان عبود علي (51 عاماً) قد حزم أمتعته في أكياس بيضاء وأحكم إغلاقها، و الأمتعة ليست إلا “معونات” كان قد حصل عليها خلال إقامته بمخيم الهول، شرق حسكة.

وخَلفَ عبود وخضير، تقف مجموعة نساء يغطين وجوههن بنقاب أسود، رافضات الحديث للصحافة ومكتفيات بالقول: “الحمد لله سنخرج”.

منذ نحو عامين يقيم عبود مع زوجته وأولاده الأحد عشر ضمن المخيم، لكن اعتباراً من الغد سيبدؤون حياة جديدة.

وينحدر النازحان من قرية البوبدران التابعة لمدينة السوسة بريف دير الزور الشرقي.

ويقول عبود: “الحرب أوصلتنا إلى المخيم (…) منذ سنتين أقيم أنا وعائلتي هنا.” وكان قد انضمَّ لعائلته في المخيم بعد قدومه من لبنان.

ويقطن في مخيم الهول نحو /20/ ألف سوريٍّ ممن نزحوا من مناطق سورية عدة نتيجة المعارك المستمرة منذ سنوات في البلاد.

وما يزال “خضير” يتذكر خروجه مع عائلته المؤلّفة من ثمانية أشخاص من منزلهم قبل أكثر من سنتين حين كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل.

حينها كان تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” قد بات على أطراف قريته البوبدران.

وسيخرج الشقيقان بموجب كفالة عشائرية تعتمدها إدارة المخيم منذ نحو عام ونصف، وسيكونان ضمن الدفعة الـ/27/ الخارجة من المخيم.

وبحسب إدارة المخيم، تتضمّن الدفعة الجديدة /73/ عائلة مؤلّفة من /289/ شخصاً معظمهم من مناطق ريف دير الزور.

ويعبّر عبود عن سعادته لنورث برس: “سعيدون جداً بخروجنا من المخيم والعودة إلى منازلنا.”

بينما يقول شقيقه الأصغر: “نحن على وشك الخروج من المخيم وسعيدون لأننا سنعود إلى منازلنا وأراضينا لنعمل في الزراعة”.

ويقول الشقيقان إنهما محظوظان لأن منزليهما لم يدمّرا رغم المعارك العنيفة التي جرت بمنطقتهما.

ورغم أن موعد الخروج سيكون صباح يوم الاثنين، إلا أن “ساحة الاستقبال” ضمن المخيم تمتلئ شيئاً فشيئاً بالنازحين المتحمّسين للعودة إلى منازلهم.

ويستعد صلاح العلي (48 عاماً) للعودة إلى مدينة الميادين مسقط رأسه التي لم يرها منذ شباط/فبراير للعام ٢٠١٨.

وتسيطر قوات الحكومة السورية حالياً على مدينة الميادين، غرب نهر الفرات.

ويتذكر النازح رحلة نزوحه التي عبر فيها محطات عدة: “انتقلنا من الميادين نحو قرية بقرص ومن ثم الحوايج والطيانة التي لم تسلم من القصف.”

وكان عليه أن يتوجه بعدها إلى بلدة أبو حردوب ليقيم فيها لنحو شهرين، قبل أن يغادرها إلى الهول بعد اشتداد القصف عليها.

وأضاف: “غداً سنعود إلى الميادين (…) سعيدون للغاية ولست خائفاً من العودة إلى مناطق النظام لأنني لم أنتمِ إلى إيّ فصيل”.

إعداد: هوشنك حسن/جيندار عبد القادر – تحرير: جان علي