“دمروا حتى المقابر”.. نازحون من سري كانيه في ذكرى الهجوم التركي على مدينتهم
قامشلي – نورث برس
في غضون لحظات تحولت النازحة ليلى بكو(39 عاماً) من سيدة كانت تتحدث بثقة عن حقها في “العودة” إلى أم تخفي الدموع عن أطفالها، ما أن تذكرت قبر والدها في سري كانيه(رأس العين).
كان الحديث يجري حول تعرض مقابر المدنيين للاعتداء من قبل فصائل المعارضة بالتزامن مع حلول الذكرى الأولى للهجوم التركي على منطقتي سري كانيه وتل أبيض.
ولا يخفي نازحو سري كانيه خشيتهم من تعرض قبور ذويهم للاعتداء خاصة بعد ظهور تقارير تتهم عناصر فصائل المعارضة بالاعتداء على مقابر لأسباب عدة.
وتنحدر السيدة من قرية علوك، شرقي سري كانيه، لكنها تقيم الآن مع زوجها وأطفالها الأربعة بصف في مدرسة “عبد الله القادري” بمدينة حسكة التي تحولت لمأوى لعشرات العائلات.
“لا أنساه أبداً” هي الجملة الأخيرة التي تفوهت بها “بكو” قبل أن تنسحب بهدوء وتختفي عبر الممر الطويل المكتظ بالنازحين.
وكان مركز توثيق الانتهاكات(مقره المانيا) قد نشر في العشرين من آب/أغسطس الفائت أن “فرقة المعتصم( وهي من فصائل المعارضة المسلحة لتركيا) حولت مقبرة في سري كانيه لمقر عسكري بعد تجريفها.”
وتعرضت قبور ومزارات عديدة بعضها للإيزيديين في منطقة عفرين للاعتداء والنبش خلال العامين الماضيين على يد مسلحي فصائل المعارضة المسلحة، وفق تقارير حقوقية.
إلا أن اتهامات أخرى طالت مسلحي فصائل المعارضة حول قيامهم بتحطيم شواهد القبور و سرقة حجر الرخام في بعض القرى بريف عفرين بغية بيعها.
ويقول خضر خابور، وهو نازح إيزيدي لنورث برس إن مسلحي المعارضة سرقوا سور مقبرة “جان تمر” الخاصة بالإيزيديين شرقي سري كانيه.
وأضاف أن المسلحين لم يكتفوا بذلك بل أقدموا على نبش قبور في المقبرة ذاتها.
ويشير “خابور” إلى أن ظاهرة نبش قبور الإيزيديين تعود إلى انتشار إشاعة تزعم أن الإيزيديين يدفنون مع موتاهم خواتم وسلاسل ذهبية، وهو ما ينفيه بشكل كلي.
وكانت وكالة”سبوتنيك” قد نشرت في أيار/ مايو الفائن تقريراً حول قيام فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا “بتحطيم شواهد وجرف قبور إيزيديين” في سري كانيه.
ولـ آزاد أيانة (44عاماً) شوق كما غيره من نازحي سري كانيه، “اشتاق لتمرير يدي على تراب قبر والدي وسقايته بالماء”.
لكن مدرس الكيمياء السابق يعلم أنه لا يستطيع العودة في الوقت الحالي، بعدما باتت صفته الأساسية “نازحاً” بحسب قوله.
ويضيف المهجر الذي يقطن أحد أحياء قامشلي حالياً “قبورنا محتلة كما مدينتنا”.
ولا تعلم ردن أوسو (40 عاماً) مصير قبر أبنها “الشهيد” الذي قضى ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية خلال معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
“لا يمر يوم دون أن أبكيه.. الوجع بات مضاعفاً”، تقول المهجرة التي أحرق مسلحو المعارضة منزلها بعد رؤية صورة أبنها معلقة على أحد الجدران.
أما زكي حجي (54 عاماً) فيقول إنه سيعتذر من قبور ذويه ما أن يعود إلى مدينته بعد غيابه الطويل عنهم.