سياسيون بشمال وشرقي سوريا: سياسات تركيا إحياء للعثمانية وتغطية على مشكلات داخلية

قامشلي – نورث برس

يرى سياسيون في شمال وشرق سوريا أن التدخلات التركية في الدول المجاورة تعود لرغبة في إعادة بناء السلطنة العثمانية من جديد، لكنها في الوقت ذاته تغطي على مشكلات داخلية تفاقمت منذ بدء التدخلات.

ويقول حسين بدر عضو اللجنة السياسية في حزب الوحدة الديمقراطي (يكيتي) إن لتركيا “أطماعاً توسعية على مستوى شرق المتوسط”.

فالتدخل تركيا مؤخراً في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان ودعمها المباشر بالسلاح والجنود للأخيرة، “أحد تداعيات فكرة إعادة إحياء السلطنة العثمانية”، وفق بدر

وكانت المعارك قد بدأت بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ  المُتنازع عليه منذ عقود في الـ27 من شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم.

وقال الرئيس التركي رجب طيب في الـ28 من الشهر الفائت إن “تركيا ستواصل الوقوف بجانب الدولة الشقيقة والصديقة أذربيجان بكل الوسائل الممكنة”.

 وبحسب سفير أرمينيا في موسكو فاردان توغانيان، فإن تركيا نقلت إلى أرض المعركة في قره باغ نحو /4000/ مرتزق من معسكرات التدريب في سوريا.

لكن مصادر أخرى تتحدث عن عدد لا يتجاوز المئات من المرتزق السوريين الذين وصلوا إلى جبهات أذربيجان ممن يتنمون إلى فصائل “السلطان مراد” و”سليمان شاه” وفرقة “الحمزات”.

وقال عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديمقراطي: “إن ما تفعله تركيا اليوم يعيد للأذهان الإبادة الجماعية التي ارتكبتها العثمانيون قبل مئة عام بحق الشعب الأرمني.”

وأضاف “بدر” أن “تركيا استهدفت عبر التاريخ أي قومية أو شعب لا ينتمي للدولة التركية مثل اليونان والسريان الأشوريين والأرمن والكرد.”

“ضوء أخضر غربي”

لكن “بدر” قال إن تركيا لا تستطيع “التمادي في عدوانها على دول الجوار إن لم تكن تملك موافقة من دول كبرى.”

“لا يمكن أن تستمر تركيا في انتهاك سيادة وخصوصية دول كسوريا والعراق وليبيا وأرمينيا إن لم تستلم بطاقة خضراء ولو كانت خفية من دول عظمى كروسيا وأمريكا وأوروبا.”

ويذهب متابعون إلى أن تركيا تحظى بدعم خفي من الولايات المتحدة التي تفرغت خلال فترة ترامب لمواجهة الصين وترك ساحات الشرق الأوسط بعد تراجع أهميته الاستراتيجية لأمريكا.

 ويرون أيضا أن ذلك يمنح تركيا دوراً لتنوب عن أميركا في مواجهة روسيا على أكثر من جبهة وهو ما يدفع أردوغان إلى التصرف دون أي خشية من تعرضه للمحاسبة.

“صرف أنظار

وقال “بدر” إن أردوغان يحاول صرف أنظار الشعب التركي عن المشاكل الداخلية بحروب وجبهات خارجية “هو يحاول تصدير أزمته الداخلية وإشغال الشعب التركي بصراعات إقليمية”.

ويرى مراقبون أن السياسات التركية الجديدة انعكست على حال الاقتصاد التركي خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير.

إذ تعيش الليرة التركية تراجعاً في سعرها إلى أكثر من /150/ بالمائة ما بين عامي 2015 و 2020، وفق إحصائيات اقتصادية.

 وتتزامن هذه الفترة في تراجع قيمة العملة التركية مع تخلي تركيا عن سياسة “صفر مشاكل” والبدء بسلسلة تدخلات بدأت في سوريا ولم تتوقف في ليبيا وأذربيجان والصومال واليمن، عدا خلافاتها في شرق البحر المتوسط.

 وتؤكد دراسات وتقارير اقتصادية أن أبرز أسباب هذا التراجع هو هروب الاستثمارات وتراجع السياحة وتبعات جائحة كورونا وسياسات أردوغان التي لا تطمئن المستثمرين.

ويتفق أحمد سليمان عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا مع سابقه حول أن تركيا تحاول من خلال تدخلاتها الخارجية التغطية على ما تمر به من أزمات داخلية.

“ضريبة كبيرة”

 لكن “سليمان” بخلاف “بدر” توقع أن  تدفع تركيا “ضريبة كبيرة نتيجة لهذه التدخلات والسياسات التي تتبعها”.

من جهته، قال عضو الهيئة التنفيذية لحزب الاتحاد السرياني حنا صومي، أن الدولة التركية ترى أنه ليس من مصلحتها أن تبقي على حضارة شعوب المناطق المجاورة.

 وأضاف “صومي” هي  “تحاول تشويه التاريخ والحضارة بتدميرها للمدن وتهجيرها وقتلها للشعوب الأصليين”.

  وأشار إلى أن القوات التركية دمرت كل الأماكن الأثرية والتاريخية بعد سيطرتها على منطقة عفرين عام  2018″وهذا ما يحدث اليوم في منطقتي رأس العين وتل أبيض.” 

إعداد: ريم شمعون- تحرير: سوزدار محمد