من إدلب إلى قره باغ.. حين تزج تركيا السوريين في معاركها

قامشلي – نورث برس

تطور النزاع بين أذربيجان وأرمينيا على مناطق “ناغوروني قره باغ” منذ عدة أيام، والتي تُعرف أيضاً بـ”أرتساخ”، إلى صراع عسكري شامل تكبّد فيه الطرفان خسائر عسكرية فادحة.

و”أرتساخ” منطقة جبلية معترفة رسمياً على أنها جزء من أذربيجان، رغم أن غالبية سكانها من الأرمن.

ولم تحظى “أرتساخ” التي كانت تتمتع بحكم ذاتي بأي اعتراف دولي رغم أنها دولة بحكم الأمر الواقع حالياً، وتطلق على نفسها اسم جمهورية “أرتساخ”.

وتدّعي كل من أذربيجان وأرمينيا بأحقيتها في الإقليم منذ بدايات تأسيس كلا الدولتين.

وقال آرام شابانيان، وهو طالب بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية بمدينة مونتيري في المكسيك ويتابع الصراع في “أرتساخ”، إن “الأرمن مدعومون من روسيا بينما الأذريون مدعومون من تركيا.”

وأضاف أن الصراع التركي-الأرمني في “أرتساخ” خلق عداوة أشد من العداوة التي خلقتها مجازر العثمانيين بحق الأرمن بدايات القرن العشرين.

وورثت أرمينيا إبان انهيار الاتحاد السوفيتي الكثير من المعدّات والخبرات العسكرية من قادة وضباط كانوا ضمن وحدات الجيش الأحمر، ليتم نشرهم في أرتساخ كقوات حفظ سلام.

ورأى “شابانيان” أن تركيا تدخلت لوقف الخسائر التي تكبّدتها أذربيجان “عبر إمدادها بالمعدات والأسلحة.”

وبعد انتهاء الحرب الباردة في التسعينيات، كان هناك اتفاق عسكري رسمي بين تركيا وأذربيجان لدعمها عسكريا.

أرتساخ وإدلب

واعتبر مصطفى قربوز، وهو مختصٌّ في الإرهاب والنزاع العرقي والطائفي في الشرق الأوسط، أن الصراع في أذربيجان مرتبط ارتباطاً مباشراً بالحرب في سوريا.

ولفهم التطورات الأخيرة في منطقة “أرتساخ”، لا بُدَّ من متابعة المفاوضات التركية-الروسية في إدلب، وفق “قربوز”.

وقال قربوز إن الردع العسكري التركي قد انهار في إدلب وهناك تهديد وشيك بالهجوم الأخير من قبل الحكومة السورية “بدعم من موسكو.”

وأضاف أن من شأن عملية عسكرية كبيرة بدعم روسي في إدلب “أن تتسبب بتدفق ملايين اللاجئين إلى تركيا.”

“ومن خلال فتحها لجبهة أخرى لمواجهة روسيا، تعوِّل تركيا على كسب بعض النفوذ في أذربيجان من أجل إقناع روسيا بمنحها مزيداً من الوقت في إدلب”، بحسب “قربوز”.

مرتزقة سوريون في أذربيجان

وبدت الأمور مرشحة للتعقيد مع انتشار أنباء عن قيام تركيا، كما فعلت سابقاً في ليبيا، بتجنيد مرتزقة من فصائل المعارضة التابعة لها لمحاربة القوات الأرمينية وقوات “أرتساخ”.

ولم تستطع إليزابيث تسوركوف، الزميلة في مركز السياسة العالمية والخبيرة في الأزمة السورية، تأكيد أو نفي الأنباء.

 لكنها أضافت أن “عشرات المقاتلين من شمال غرب سوريا غادروا عبر تركيا نحو وجهة غير معروفة منذ حوالي أسبوع، وكانت الوجهة المشاعة هي أذربيجان وتركيا وقطر وليبيا.”

كما انتشرت منذ حوالي شهر، أنباء بين عناصر فصائل المعارضة المسلّحة التابعة لتركيا تناقلوها عبر تطبيق “واتساب” عن إمكانية التسجيل للذهاب إلى أذربيجان.

وغرّدت “تسوركوف” في حسابها على موقع “تويتر”، الأحد الفائت: “كثيرون سجّلوا عبر تطبيق واتساب، ويبدو أن آخرين قاموا بالتسجيل عبر مكاتب في المناطق التي تسيطر عليها تركيا.”

وأضافت أن إرسال المقاتلين السوريين إلى ليبيا قد يجري بعد اجتماعات مباشرة مع مسؤولين عسكريين أتراك، “ولكن لم تكن هناك اجتماعات من هذا القبيل فيما يتعلق بإرسالهم لأذربيجان.”

 ولكن من المحتمل أن تكون شركات أمنية تركية خاصة قد قامت بمهمة إرسال السوريين إلى أذربيجان، على حدِّ قول “تسوركوف”.

وأضافت: “حياة السوريين باتت سلعة”، وهو ما يراه “شابانيان” الذي لم يستطع تأكيد أو نفي التقارير.

ولكنه قال: “في حال صحّت الأنباء حول تورّط سوريين في الصراع، فإن مسؤولية مشاركتهم تقع على عاتق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.”

وقال أيضاً: “أعتقد أن أردوغان يريد ترسيخ موقعه كقوة مهيمنة إقليمية، وهو يعلم أنه إذا مات الكثير من الجنود الأتراك، فإنه سيفقد السلطة.”

وأضاف “شابانيان”: “لذا تبدو هذه الطريقة الرخيصة بالنسبة له هي الطريقة الأنسب لخوض الحرب.”

تقرير: لوكاس تشابمان – تحرير: جان علي