إدلب – نورث برس
قضى يوسف الصالح (57 عاماً) أياماً وهو يبحث عن شقةٍ يسكنها هو وأسرته في مدينة الدانا التابعة لإدلب شمال غربي سوريا، ليعثر مؤخراً على واحدة ثم يتفاجأ بإيجارها المرتفع للغاية.
ويعاني نازحون في مدن وبلدات شمال إدلب من الارتفاع الكبير في إيجارات المنازل مقارنة بمناطقهم التي نزحوا منها، وبالنسبة للدخل الذي يحصلون عليه من أعمالهم.
وتعتبر مدينة الدانا على الحدود السورية التركية، إحدى أكبر مدن محافظة إدلب، ويقطنها نحو /100/ ألف نسمة، وتستقبل نازحين من مختلف المناطق السورية التي شهدت اشتباكات بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة.
ولعدم عثوره على منزل آخر بأسعارٍ مناسبة، اضطر “الصالح، وهو نازحٌ من محافظة حماة، لاستئجار هذه الشقة الصغيرة التي تتألف من غرفتين اثنتين ومنافعهما بتكلفة /100/ دولار أميركي شهرياً.
“الاستغلال والجشع الذي رأيته لدى أصحاب المكاتب العقارية لم أرَ ولم أسمع بمثله في عمري، فبمجرد أن يسمعوا أنك نازح يرفعون الأسعار أضعافاً.”
وقال “الصالح” لنورث برس: “نحن مجبرون لدفع هكذا مبالغ لأن المناطق الأخرى في إدلب لم تعد آمنة.”
وتلجأ عائلات نازحة تجمعها قرابة إلى مشاركة السكن في منازل صغيرة بسبب عجزها عن دفع إيجار منزل مستقل.
وقال ملحم العمر (35 عاماً)، إنه اضطر للاستئجار بعد خروجه من مدينة أريحا جنوب إدلب بعد اشتداد القصف والتوجه نحو المناطق المتاخمة للحدود التركية.
وكان “العمر” يبحث عن شقةٍ إيجار لأسرته في الوقت الذي كان يسكن فيه مؤقتاً بمنزل أحد أقاربه الموجودين في مدينة الدانا.
ووجد، أثناء بحثه، شقة بإيجار /125/ دولاراً أميركياً للشهر الواحد، وهو ما رآه تكلفة مرتفعة جداً، فإيجارات المنازل في أريحا لم تكن تتجاوز /30/ دولاراً، على حد قوله.
وقال لنورث برس: “كنت مضطراً لاستئجارها وأسكنت معنا عائلة أخي حتى نتقاسم الإيجار معاً، رغم أن الشقة ضيقة ولا تتسع للأسر الكبيرة.”
ويبلغ عدد النازحين في إدلب وبلداتها ومخيماتها نحو مليون نازح بحسب “فريق منسقو الاستجابة”.
ويستمر توافد النازحين من مدن مناطق معرة النعمان وسراقب وجبل الزاوية وأريحا إلى المنطقة الشمالية في ظل الحديث عن معركة مرتقبة من جانب قوات الحكومة السورية.
ويستمر ارتفاع إيجارات المنازل في مدن ومناطق شمال إدلب وسط لجوء معظم النازحين إليها في ظل التصعيد العسكري بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة، بينما تتضاءل فرص العمل وينخفض مستوى الدخل للأسباب ذاتها.
أما جمعة الصوارني (33 عاماً) فقد استأجر، قبل أشهر بعد نزوحه من مدينة خان شيخون، منزلاً في ضواحي مدينة الدانا بـ/45/ ألف ليرة سورية.
وقال: “هذا السعر بسيط جداً مقارنة بإيجارات المنازل داخل المدينة، لكن بالمقابل أتقاضى من عملي لدى شركة لتصنيع المنظفات /80/ ألف ليرة سورية فقط شهرياً.”
ويخصص “الصوراني” أكثر من نصف راتبه الشهري لإيجار المنزل ويتدبر أموره المعيشية بالمبلغ المتبقي من الراتب، بحسب ما ذكره لنورث برس.
ويبقى الحال كما هو رغم إعلان حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام عدة مرات عن تنفيذ إجراءات لضبط تأجير المنازل للنازحين، في ظل الحالة الاقتصادية المتردية.
وقال عبد العزيز العمري وهو صاحب مكتب عقاري في مدينة الدانا: “الإيجارات كانت مرتفعة سابقاً ولكن مع تزايد حركة النزوح بات الوضع أسوأ.”
وأضاف لنورث برس: “كانت المنازل القديمة تؤجّر بـ /30/ دولاراً، لكنها وصلت الآن إلى /75/ دولاراً، والتي كانت تؤجر بـ /75/ وصلت إلى /150/ دولاراً.”