عفرين – نورث برس
تجلس زينب أم عدنان (37 عاماً)، وهو اسم مستعار لخريجة جامعية، دون وظيفة في منزلها وسط مدينة عفرين، شمال حلب، بينما يعمل مستوطنون غير مؤهلون في مدارس مدينتها.
ولعلَّ أكثر ما يثير انزعاجها هو وجود مدرّسين وموظفين يعملون في مدارس عفرين “لا يتقنون حتى القراءة والكتابة بشكلٍ سليم”، حسب تعبيرها.
وتخضع منطقة عفرين لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها منذ سيطرتهما عليها في آذار/مارس 2018، ويتبع قطاع التعليم للحكومة السورية المؤقتة المدعومة تركيّاً.
وقالت “أم عدنان” لنورث برس إن إدارة المدارس في عفرين تقوم بتوظيف طلابٍ من الثانوية العامة ممن ليس لديهم خبرة في التدريس “وتتجاهل أصحاب الكفاءات.”
وأضافت أن القائمين على إدارة المدارس يعملون على توظيف أشخاص تربطهم بهم علاقات شخصية، “ناهيك عن مكاتب تقوم بتزوير الشهادات.”
وتساءلت: “كيف سينجح هذا الجيل إذا كان مدرّسوه هم طلاب ثانوية عامة لا يهمهم غير رواتبهم نهاية الشهر بينما يجلس أصحاب الاختصاصات في منازلهم؟”
وقالت دراسة نشرها برنامج مسارات الشرق الأوسط العام الماضي، إن تركيا فرضت تغييراً ديمغرافياً هادئاً عبر إحلال سكانٍ عربٍ جدد من النازحين محلّ سكان المنطقة الكرد.
وتفاجأ سامر الصالح (41 عاماً)، وهو خريج كلية التاريخ بجامعة حلب ومن أهالي عفرين، بقرار فصله قبل فترة من مدرسة يعمل فيها وسط المدينة.
وقال لنورث برس: “عملت لفصلٍ دراسي في إحدى المدارس وفي الفصل الثاني تفاجأت بقرار تعيين أحد أقارب مدير المدرسة لملء الشاغر الذي نتج عن قرار فصلي، رغم أنه طالب جامعي سنة أولى من ريف دمشق.”
وبعد استفسارٍ وتقصي عبر أصدقائه المدرّسين، تبيّن لسامر أن قريب مدير المدرسة والموظف محلّه، حصل على شهادة مزورة لإجازة جامعية في التاريخ.
ودفع الحال بسامر إلى الكفِّ عن العمل بشهادته التي جهِد لسنواتٍ من عمره لتحصيلها والبدء بزراعة بعض الخضروات وبيعها في سوق المدينة دون البحث عن وظيفة.
وتسبّب الاجتياح التركي في عفرين عام 2018 بتهجير ما يزيد عن /300/ ألف شخص من سكان عفرين إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ومناطق الحكومة السورية.
وتراجعت نسبة السكان الكرد الأصليين في عفرين إلى /34.8/ بالمئة، بعدما كانت تتجاوز /97/ بالمئة قبل عام 2018، حسب بيانات أوردتها منظمة حقوق الإنسان في عفرين.
ومن جهته، قال رشيد أبو محفوظ (45 عاماً)، من سكان مدينة عفرين، إن الفصائل تقوم بتقليص دور السكان الأصليين وجعل المستوطنين متحكمين بمصير السكان داخل المنطقة.
وتابع لنورث برس: “المنطقة باتت بؤرة للفساد والمحسوبيات، حيث يتصرفون وكأنهم ورثوا الأرض والعمل والمدارس والمنظمات أباً عن جد.”
ووثّق تقرير أصدرته لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا والتابعة للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، ارتكاب الفصائل التابعة لتركيا جرائم حرب ضد المدنيين في منطقة عفرين.
وأضاف التقرير الأممي إن روايات متعددة تشير إلى أن ممتلكات الكرد قد نُهبت في جميع أنحاء منطقة عفرين واستولى عليها عناصر الجيش الوطني السوري على نحوٍ منسّق.