الهجرة.. هاجس يلاحق شباباً وأصحاب كفاءات في السويداء

السويداء – نورث برس

لا يزال هاجس الهجرة يشغل ذهن غالبية الشباب وخريجي الجامعات في السويداء، جنوبي سوريا، وسط عدم توفر ظروفٍ للاستقرار والعمل.

ورغم توفير الهجرة لظروف حياة أفضل لبعض من هاجروا، يرى سكان ومختصون بالشأن الاجتماعي أنها ستكلّف البلاد الكثير لتأهيل كوادر وطاقات جديدة بعد الحرب.

وقال محمود رافعة (52 عاماً)، وهو من سكان مدينة السويداء، إنه لم يقف ضد هجرة أبنائه الثلاث الحاصلين على شهادات جامعية إلى ألمانيا عام ٢٠١٧.

وأضاف لنورث برس: ” كنت أدرك أن انسداد آفاق العمل والظروف الاقتصادية القاهرة في محافظة السويداء جعلتهم يبحثون عن بلاد أخرى تأخذ بيدهم وتستثمر طاقاتهم.”

ولا ينكر “رافعة” معاناته مع زوجته بسبب بعد أبنائهما، لكنه يُحمِّل الحكومة السورية مسؤولية “عدم الأخذ بيد أبنائها وعدم استثمار كفاءاتهم للتطوّر في سوريا.”

/24/ ألف شاب

وقال مصدر من داخل دائرة الهجرة والجوازات في السويداء، طلب عدم الكشف عن هويته، إن عدد الشباب الذين تقدّموا للحصول على جواز سفر منذ عام 2011 وحتى الآن بلغ /24/ ألفاً.

وتراوحت أعمار أولئك الشباب طالبي الهجرة  بين /19/ و/39/ عاماً ، بحسب المصدر نفسه.

وأضاف المصدر لنورث برس: “الأعداد الحقيقة لمن هاجروا أكبر من ذلك، لأن المطلوبين للخدمة العسكرية يسلكون طرق التهريب إلى لبنان ثم يسافرون إلى أوروبا ودول أخرى.”

ولا يمكن للمطلوبين للخدمة العسكرية في سوريا الحصول على وثيقة توضِّح عدم ممانعة الحكومة لسفرهم، ما يمنعهم من الحصول على جوازات سفر نظامية.

ونزح داخلياً وخارجياً نحو /13/ مليون سوري منذ اشتعال الحرب، وهو ما يمثّل حوالي /60/ بالمئة من عدد سكان سوريا قبل عام 2011، حسب مركز “بيو” للأبحاث.

هاجس الغالبية

وقالت سلاف وهبة (40 عاماً)، وهي باحثة اجتماعية في السويداء، إن “فرص العمل والضيق الاقتصادي والهروب من الخدمة العسكرية دفعت الشباب إلى الهجرة.”

وتلك الأسباب هي خلاصة نتيجة دراسة شملت /100/ أسرة في محافظة السويداء، قامت بها “وهبة” وزملاء لها في مركز نور لدعم الشباب في السويداء (تابع لمنظمة الأمم المتحدة).

وتراود الرغبة في الهجرة ثمانية من كل عشرة شباب في السويداء، بحسب استبيان أجراه مركز نور في السويداء.

واعتبرت “وهبة” أن هذه النسبة تُعتبَر “مرتفعةً لمجتمع كالسويداء تنتشر فيه مفاهيم وعادات التمسّك بالعائلة والأرض والروابط الاجتماعية.”

وتحاول “وهبة” إيضاح الواقع من خلال نموذج شاب اسمه “وائل” شملته الدراسة.

كان “وائل” المعيل الوحيد لعائلته بعد هجرة أخ له ومقتل آخر في المعارك، فسخ خطوبته لأنه لا يستطيع تثبيت زواجه كونه مطلوباً للخدمة العسكرية الإلزامية، وهاجر عبر لبنان إلى هولندا.

“وحالة وائل تنطبق على معظم الحالات التي تناولتها أبحاث اجتماعية للمركز منذ ثلاث سنوات.”

خسائر

وقال الدكتور جهاد الزغبي ، وهو سوري من السويداء مقيم في ألمانيا وموظف في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF)، إن /40/ بالمئة من السوريين الذين تقدموا بطلبات لجوء في ألمانيا بين عامي 2013 و2020 هم من الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية وما فوقها.

وأضاف “الزغبي”، الذي يعمل أيضاً مع المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (DIW برلين)، عبر اتصالٍ مع نورث برس، أن دراسات غير رسمية تقدِّر القيمة الإجمالية لخسائر الحرب في سوريا بنحو /60/ مليار دولار.

 ولفتَ إلى أن تلك الخسائر تشمل كلفة إعادة تأهيل النخب والكوادر اللازمة لإعادة إعمار البلاد ، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية المباشرة وأخرى لحقت بمؤسسات الدولة.

إعداد : سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد