ألمانيا – NPA
خففت الحكومة الأمريكية, بشكل مؤقت, بعض القيود التجارية التي فرضتها الأسبوع الماضي على شركة هواوي الصينية, في خطوة سعت إلى الحد من تعطيل عمليات الشبكة الحالية وأجهزتها في أنحاء العالم.
وبالتوازي؛ ارتفعت الأسهم الأوروبية، الثلاثاء، بدعم من شركات التكنولوجيا التي عوضت بعض خسائر الجلسة السابقة، عقب تخفيف القيود الأمريكية على شركة هواوي الصينية.
غير أن هذه المعطيات الإيجابية لم تمنع استمرارية تصعيد النقاشات الدائرة في أروقة الحكومات والشركات الأوروبية بوجوب حظر شركة الهواتف الصينية.
الولايات المتحدة التي تشن حرباً تجارية مع الصين لا ترغب أن تحصر نطاق هذا المعركة بين الطرفين فقط، بل تريد أن توسع من دائرة الضغوطات التجارية على الصين من خلال حث شركائها في الاتحاد الأوروبي لعدم إعطاء شركة الهواتف الصينية العملاقة هواوي دورًا في بناء شبكة اتصالات 5G، معتبرة بأن الصين تريد أن تقسم التحالفات الغربية عبر التكنولوجية المرنة وليست من خلال الرصاص والقنابل، وفق تعبير وزير الخارجية الأمريكية مايك بامبيو في زيارته الأخيرة إلى لندن.
الاتحاد الأوروبي
وتقوم الدبلوماسية الأمريكية في إقناع شركاتها لدى الاتحاد الأوروبي، بأهمية حظر شركة هواوي من أسواق الهواتف الأوروبية، وتتمحور الحجة الأمريكية بأن المخاطر تتجاوز التنافس الاقتصادي الحر، بل تطال بصورة مباشرة بتلك العمليات التجسس التي تقوم بها الشركة ضد المنشآت الأمنية والعسكرية للدول التي تعمل فيها، سيما بعد إصرار الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا بأن شركة الاتصالات الصينية العملاقة تسعى من خلال خدمة الجيل الخامس من حزمة G5 من ممارسة التجسس ضد القطاعات العسكرية والأمنية لصالح الحكومة الصينية، نظراً أن غالبية شركات الاتصالات الصينية تعمل لصالح الحكومة الصينية.
وعلى الرغم من التردد الذي يشوب مواقف الاتحاد الأوروبي، غير أن الدبلوماسية الأمريكية على ما يبدو استطاعت أن تفرض على شركائها بضرورة حسم مواقفها بأسرع وقت ممكن.
ألمانيا
وعليه، تدرس الحكومة الألمانية في الوقت الحالي، ما إذا كان باستطاعتها استبعاد شركة التكنولوجيا الصينية هواوي من أسواقها الداخلية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، في الوقت الذي سارعت شركة “دوتشيه تليكوم” وهي أكبر شركة الاتصال في ألمانيا إلى مراجعة استراتيجية مورديها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي لمعالجة المخاوف المتعلقة بأمان معدات شبكة هواوي وغيرها من الأسواق الأوروبية فيما يخص إنشاء شبكة الجيل الخامس.
بريطانيا
في حين تعتبر بريطانيا سوقاً مهماً لشركة هواوي الصينية، إلا أن هذا لم يمنع الحكومة البريطانية, تحت الضغط من الولايات المتحدة الأمريكية, من الحد من دور شركة هواوي في بناء شبكات الجيل الخامس 5G، بعد أن وافق مجلس الأمن القومي البريطاني برئاسة رئيسة الوزراء تيريزا ماي على السماح للشركة التي تتخذ من الصين مقراً لها بالمشاركة في البنية التحتية لشبكات 5 G في البلاد، لكن مع منع وصولها إلى الأجزاء الأساسية في شبكة 5G..
وظهرت تداعيات هذا الأمر فوراً على سوق الاتصالات في بريطانيا، حيث نقلت صحيفة فايننشال تايمز بأن شركة الاتصالات البريطانية العملاقة “إي إي” أطلقت مشغّل في المملكة المتحدة يطلق شبكة الجيل الخامس، من دون تكنولوجيا هواوي، وأوضحت الصحيفة على لسان الرئيس التنفيذي لشركة بأنهم اضطروا إيقاف إطلاق هواتف الجيل الخامس من هواوي، لعدم توفرها على “ضمانة الخدمة” الضرورية لتقديم عقود طويلة الأجل. في الوقت الذي أوضحت هيئة الإذاعة البريطانية نقلاً عن وثائق داخلية لشركة (آرم) بأن الشركة البريطانية العاملة في تصميم الرقائق قررت تعليق عملها مع هواوي التزاما بالقواعد الأمريكية.
فرنسا
في الوقت الذي كان عدم الحسم النهائي يخيم على موقف كل من ألمانيا وبريطانيا، كانت الرؤية الفرنسية مرنة نسبياً خلافاً لنظرائها حيال الشركة الصينية، لا سيما مع تشديد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي بأن هدف فرنسا ليس حظر شركة هواوي أو إطلاق أي شكل من أشكال الحروب التكنولوجية.
وعقب هذا التصريح، أكد وزير المالية الفرنسي برونو لومير بأن عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي غير مستبعد من مشروع الدولة لنشر شبكات الاتصالات بالجيل الخامس بعد حظر الولايات المتحدة الشركة الصينية متعللة بسبب أمني. مضيفاً في تصريحات إعلامية نشرتها وسائل الإعلام الفرنسية :” لا نملك شبكة الجيل الخامس وسننشر (الشبكة الجديدة). ولكن كيف نريد نشرها؟ أولا، عن طريق ضمان سيادتنا واستقلالنا. ولهذا يجب علينا الحصول على كل الضمانات والحصول على أفضل مستوى تكنولوجي.”
وطالبت المفوضية الأوروبية من دول الاتحاد الأوروبي بمشاركة مزيد من البيانات، لمعالجة مخاطر الأمن السيبراني المتعلقة بشبكات الجيل الخامس، تمهيداً لوضع حظر فعلي على معدات شبكة الجيل الخامس التابعة لشركة هواوي. وهو موقف طالبت به كل من النمسا وبولندا بضرورة أخذ قرار أوروبي مشترك حيال الشركة الصينية.
من المرجح أن تواصل الدبلوماسية الأمريكية بشد الخناق على الشركة الصينية من بوابة أوروبا، سيما أن القطاع المخابراتي في أوروبا يشارك وجهة النظر الأمريكية نسبياً، كما أن المعلومات الواردة في كل من كندا وأستراليا وأمريكا بخصوص تجسس هوواي على المرافق الأمنية والعسكرية قد يزيد من تحشيد الرأي العام، ويشكل ضغطاً كبيراً على الاتحاد الأوروبي بغية حظر الشركة الصينية من سوق الاتصالات في أوروبا، مما سيشكل شرخا كبيرا في مسار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين.