حلب – نورث برس
تجلس صفيّة الدرج (70 عاماً) على الرصيف المواجه لمبنى “السورية للتجارة” في حي الزبدية بمدينة حلب، شمالي سوريا، منتظرةً استلام بضع كيلوغرامات من السكر مدعوم السعر.
وبات من المألوف في أحياء المدينة وأمام المؤسسات الاستهلاكية ومحطات الوقود والأفران رؤية مسنين ومرضى وحتى أطفال، وهم يتجمعون للحصول على خبز أو غاز أو احتياجات أخرى.
وتضطر العائلات للاعتماد على هؤلاء أثناء انشغال معيليها بالعمل طوال اليوم لتأمين مصاريف المعيشة في ظل التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد عموماً.
وقالت المرأة المسنّة، وهي تحمل بطاقة ذكية في يدها، إن السعي للحصول على المواد الأساسية بأسعارٍ أرخص “يعني الوقوف في طوابير وتحمّل المشاق بأنواعها.”
وتقوم صفيّة برعاية خمسة من أحفادها بعد أن لقي والدهم مصرعه في الحرب، وترى أنها مضطرة على تحمّل الشقاء رغم تقدمها في العمر.
وبالرغم من معاناتها من آلام في المفاصل تضطر للوقوف لساعات طويلة “لقد انتصف اليوم وأنا أنتظر، أقف هنا منذ السادسة صباحاً لاستلام ثلاثة كيلوغرامات من السكر.”
وتنتظر الجدة صفيّة مع آخرين للحصول على مخصصات من السكر بسعر /600/ ليرة للكيلو الواحد بدلاً من /1200/ حيث سعره في الأسواق، “لو كنت قادرة على الشراء من السوق لفعلت.”
وتشهد مناطق ومحافظات سورية تديرها حكومة دمشق منذ بدء الحرب على أعقاب الاحتجاجات الشعبية في آذار/مارس 2011، أزمات اقتصادية ومعيشية متفاقمة دون إيجاد حلول مناسبة.
وتشير تقارير دولية وتحذيرات للأمم المتحدة إلى تزايد نسبة الفقر في سوريا وتزايد أعداد من يحتاجون لمساعدات غذائية ورعاية صحية.
وأمام محطة الشيّاح في مدينة حلب، لا يملك السائق الستيني، أبو محمود مارتيني، خياراً آخر سوى الانتظار أمام المحطة ليحصل على الوقود، وذلك رغم أنه يعاني من مرض السكري.
وتشهد مدينة حلب، التي تخضع لسيطرة قوات الحكومة السورية، منذ فترة، أزمة بنزين حادّة، يرى السائق أنها جاءت لتكمل مسلسل الأزمات السابقة.
وتساءل “مارتيني”، المعيل لأسرة مكوَّنة من ثمانية أفراد: “هل يعقل أن يقف رجلٌ بعمري ومرضي كلّ هذه المدة ليحصل على /30/ ليتراً من البنزين؟”
ووصف حاله ومن يعانون في سبيل تأمين متطلبات معيشتهم: “علينا أن ننحت الصخر بأظافرنا وأسناننا لنعيش، فكلّ شيء بات صعب المنال!”
وقال “مارتيني” إن الحكومة السورية “نائمة” في ظل هذه المتاعب ولا تجيد سوى “محاولة تجميل الواقع القبيح عبر تصريحات ووعود كاذبة.”
وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، قد أعلن الشهر الفائت عن حكومة جديدة، أبقت على وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والاقتصاد والإعلام أنفسهم، مع تغيير وزراء آخرين بينهم المالية والكهرباء والصحة والتربية.
ورأى سكان من مدينة حلب، في تقرير سابق لنورث برس، أن الحكومة الجديدة “لن تغيّر شيئاً” وأنها محدودة الصلاحيات ولا يمكنها وضع حلول للأزمة المعيشية في البلاد مع تدهور قيمة الليرة والعقوبات الأميركية.
وقال عبد الكافي دندن (29 عاماً)، وهو خرّيج قسم العلوم في جامعة حلب: “نقف في طابور الخبز وطابور الغاز وحتى طوابير البنزين والسكر والرز ودفع الفواتير.”
وأضاف أن أكثر ما يؤلمه هو “رؤية مرضى وكبار السن أو الأطفال أو الأمهات وهن يحملن رضعاً ينتظرون أمام مؤسسة استهلاكية أو سيارة لتوزيع غاز.”