رسائل روسيا لتركيا: ما يزال لدينا الكثير من العمل في إدلب

إسطنبول – نورث برس

أثارت تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حول أنه “لا يزال لدينا الكثير من العمل مع تركيا في إدلب”، تساؤلات حول الرسالة التي تريد روسيا إيصالها.

وكان لافروف قد أشار إلى أن المهم في تلك المنطقة، شمال غربي سوريا، هو “عدم وجود أحداث دموية.”

وجاء كلام لافروف في تصريحات صحفية، الثلاثاء الماضي، من العاصمة موسكو، عقب اجتماعه بوفد رفيع المستوى من الخارجية التركية.

وكان ملف منطقة خفض التصعيد الرابعة بإدلب، على رأس القضايا والملفات التي تم التباحث فيها.

وأثار كلام لافروف العديد من التساؤلات حول الرسالة التي تريد روسيا إيصالها خاصةً في هذا التوقيت، وماهية العمل الذي تريد إكماله مع تركيا في إدلب.

وقال مأمون سيد عيسى، وهو معارض سوري، لنورث برس، إن “سوريا منطقة مهمة لروسيا،  فهي منطقة ذات حساسية عالية في السياسات الدولية.”

وعملت روسيا على استخدام سوريا والشرق الأوسط ساحات لتوسيع النفوذ الروسي على الصعد العسكرية والدبلوماسية، بحسب “عيسى”.

ترسيخ نفوذ

وترغب روسيا بترسيخ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً بعد توارد أخبار عن وجود مخزون هائل من الغاز في المتوسط.

وأحد الاستراتيجيات المهمة في هذا بالنسبة لروسيا، هو زيادة شراكتها مع تركيا، واحتواء أي خلافات أو توترات قد تثيرها قوات الحكومة السورية والفصائل الإيرانية، بحسب “عيسى”.

ورأى أنه ليس هناك توافق حقيقي بين الدولتين روسيا وتركيا في سوريا، “بل الأقوى أوراقاً من يفرض نفسه على الآخرين.”

وأشار “عيسى” إلى أن الحل السياسي مؤجل إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، “وسيختلف الموقف في حال فاز جو بايدن الذي سيكرّس انتخابه النفوذ الإيراني في المنطقة.”

من جهته، قال دينيس كوركودينوف، وهو رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، إنه “يُنظر إلى تصعيد الصراع في إدلب على أنه السبب الرئيسي وراء تحرك روسيا وتركيا بشكل متضافر.”

وأضاف أن الفصائل المسلّحة تقوم بخلق توتر إضافي وزيادة الضغط على روسيا، “من خلال الهجمات على الدوريات التي تنظمها.”

وأشار إلى أن ما سبق “لا يساهم” في التقيّد بوقف إطلاق النار المُعلن في الخامس من آذار/مارس الماضي في إدلب.

وقال “كوركودينوف” إنه يمكن لتركيا أن تستغل هذه الظروف “لبدء عملية عسكرية جديدة في شمال غربي سوريا.”

وستزيد هذه الخطوة من تعقيد الموقف بالنسبة لموسكو ودمشق، غير المهتمين بتعزيز الوجود التركي في إدلب، بحسب “كوركودينوف”.

وأشار رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي إلى أنه “من المرجّح أن يدرك الرئيس أردوغان أن تعزيز موقعه في إدلب سيكون له نتيجة مباشرة لتعزيز مواقف موسكو في مسرح العمليات العسكرية الليبية.”

ويمكن أن يشكل مثل هذا التطور في الأحداث تهديداً للمصالح التركية، وقد يعني في الواقع “الإذلال العلني لرجب أردوغان”، بحسب المحلل السياسي.

تطورات متداخلة

وما يجري في إدلب مرتبطٌ بشكل كبير بالتطورات الجارية في شرقي المتوسط وليبيا وغيرها من الملفات التي تنشط فيها روسيا وتركيا.

ومن أجل ذلك، رأى “كوركودينوف” أن “روسيا لا تريد أن تكون الساحة فارغة لتركيا وحدها.”

وأضاف أن “المشكلة هي أن تعزيز المواقف الروسية في ليبيا ينطوي على خطر عرقلة سياسة تركيا في شرقي البحر المتوسط.”

وأرجع ذلك للدور المتزايد لليونان وقبرص ومصر وإسرائيل المستعدة للانضمام إلى التحالف المناهض لتركيا، “لتلبية احتياجاتها من الطاقة.”

واعتبر “كوركودينوف” أن هذه المرحلة “حاسمة” بالنسبة لأردوغان لمواصلة تسيير دوريات روسية-تركية مشتركة في محافظة إدلب.

وقال إنه من شأن رفض أنقرة القيام بدوريات مشتركة “أن يشير لموسكو إلى أن تركيا لا تمتثل لشروط اتفاقيات سوتشي بشأن إنشاء منطقة أمنية.”

وأوضح “كوركودينوف” أن مثل هذه الإشارة ستكون بمثابة أساس للتوترات المتزايدة بين موسكو وأنقرة، مما قد يؤدي إلى هجمات جديدة على القوات الروسية.

وكان لافروف قد أشار خلال لقائه الوفد التركي إلى أن الدوريات المشتركة مستمرة مع تركيا في محافظة إدلب.

وأضاف: “النتائج ليست سيئة إن لم تكن /100/ %، لكن الأعمال متواصلة وتتقدم.”

وحول ذلك، قال “كوردودينوف” إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يدرك أن تركيا تكبح إلى حدٍّ ما هجوم الإرهابيين في إدلب، “وبالتالي فإن مشاركة العسكريين الأتراك في دوريات مشتركة بمثابة ضمان للأمن.”

لذلك، وعلى الرغم من سلسلة الهجمات، ستستمر موسكو وأنقرة في إجراء عمليات مشتركة في شمال غرب سوريا، بحسب المحلل الروسي.

وكان وفد تركي من وزارة الخارجية التركية قد توجَّه، الاثنين الماضي، إلى العاصمة موسكو حاملاً معه الملف السوري.

وتم الاتفاق مع الوفد الروسي على مواصلة العمل المشترك بموجب الاتفاق الموقّع في الخامس من آذار/مارس الماضي، والذي يقضي بوقفٍ لإطلاق النار في إدلب، وتسيير دوريات مشتركة على طريق حلب-اللاذقية.

إعداد وتحرير: معاذ الحمد