مهتمٌ بالشأن الثقافي: هوية فلسطينيي “أراضي 48” تنصهر في الهوية الإسرائيلية

رام الله ـ أحمد اسماعيل ـ نورث برس

يرى فلسطينيون يقيمون في “أراضي 48″، والمعروفون باسم “عرب إسرائيل” الذين بلغ عددهم نحو مليون ونصف المليون شخص، أن حالتهم الثقافية قد تراجعت في السنوات الأخيرة، فباتت إما مشتتة أو منصهرة في الهوية الإسرائيلية.

وقال محمد مصالحة، وهو عضو الجبهة الديمقراطية في الوسط العربي بإسرائيل ومهتم بالشأن الثقافي، لـ”نورث برس”، إن الحالة الثقافية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مرَّت بفترةٍ “وردية” على صعيد بروز شعراء وسياسيين أصحاب فكر ومثقفين وممثلين، ولكن بدأت بالتراجع تدريجياً في التسعينيات مروراً بأعوام بداية الألفية الثالثة.

وأضاف: “كانت تلك الفترة تتميّز بالوعي وكان للحزب الشيوعي دور كبير في ذلك، وخاصةً في مجال التعددية الاجتماعية والسياسية (..) لكن بروز عدة أفكار في الوسط العربي بدءاً من الفكر الشيوعي ثم الوطني والإسلامي، خلق مناخات ثلاثة ساهمت بظهور التناقضات”.

ويرى “مصالحة” أن الهوية الثقافية لعرب إسرائيل اندرجت في سياق ردّات الفعل، فبرزت حالة التقليد والانصهار مع اليهودي في إسرائيل على حساب تضرر هويتهم الفلسطينية.

وأشار إلى أن الحركة الثقافية المسرحية والفنية في الوسط العربي بإسرائيل قد تضررت بموازاة الانفتاح على المجتمع الإسرائيلي، إلى جانب تنمّرٍ من بعض الأوساط المحافظة والمُؤدلجة في الوسط العربي.

وشهدت المدن والبلدات العربية في إسرائيل تبايناً في موقفها، من حيث الانفتاح والمحافظة، ما أنتج نقاشاً متضارباً بشأن الفن والمسرح والموسيقى والمرأة.

وما بين جيلين إلى ثلاثة أجيال، ظهر بشكل واضح حجم الاختلاف والتغيّر الذي طرأ على الجيل الجديد (صغير السن) الذي يعيش صراعاً بين المحافظة على هويته الثقافية الفلسطينية وبين الانخراط بالحياة اليومية وهمومها وقضية العنف المستشري في المجتمع العربي في إسرائيل.

وقال “مصالحة” أيضاً: “في السابق، كانت هناك حركة ثقافية مسرحية فنية هائلة جداً، وكان هناك مسرح الميدان في حيفا، ولطالما دغدغ أفكارنا بقضايانا السياسية بدءاً من النكبة ومروراً بصراع الوجود والمستقبل (…) لكن تم إغلاقه لأسباب إدارية ومالية”.

ووفق عضو الجبهة الديمقراطية، فإن الحالة الثقافية الفلسطينية قد تراجعت “مع الانشغال بالشجارات العائلية والحياة الاستهلاكية وثقافة الحصول على أشياء جاهزة من الإسرائيلي”.

وأضاف أن تبنّي فلسطينيين في “أراضي 48” لمدارس فكرية غريبة، لا سيما “الإخوان المسلمين” وظهور قوى وأحزاب وسياسيين ينفّذون أجندات تركية ضمن الصراعات الحاصلة في الإقليم، ألقى بظلاله أيضاً على انقسام حالة الثقافة للفلسطينيين في المناطق الخاضعة للإدارة الإسرائيلية، حسب قوله.

وخلق هذا الوضع حالة صدام داخلي في المجتمع العربي في إسرائيل تبعاً للمدرسة الإيديولوجية التي يتبنّاها كل فرد، ما ألقى بظلاله على كل مقومات الحالة الثقافية، “فالعربي في إسرائيل ليس كاليهود الذين يجلس اليميني منهم واليساري بجانب بعضهما البعض في المسرح لحضور مسرحية، بل إن العربي في إسرائيل يعيش انقساماً وانفصاماً ثقافياً”، على حدِّ تعبير “مصالحة”.

وظهر على مدى عقود سابقة فنانون ومغنون وحتى مسرحيون فلسطينيون في “أراضي 48” وقد انصهروا مع الإسرائيلي ضمن ثقافة وفن ولغة واحدة، ما جعل المشهد الثقافي يزخر بنشاطات فنية تهدف إلى تشجيع الشراكة في العمل الفني، حسب عاملين في الشأن الثقافي.

ويقول مهتمون بالشأن الثقافي إن الأمر وصل لدرجة أن هناك مغنين من عرب إسرائيل يعتبرون اليهود جمهورهم الأول مثل شريف الدرزي وأصالة يوسف وغيرهما، وهذا الانصهار جعل العديد من عرب إسرائيل يشعرون أن انتماءهم فقط هو لدولة إسرائيل لا غيرها.