حلب – نورث برس
خلّف تفشّي فيروس كورونا على نطاق واسعٍ خلال الفترة الأخيرة، تأثيراً كبيراً على القطاع التجاري في مدينة حلب شمالي سوريا، الذي عانى سابقاً من حالة ركود، ما تسبب بخسائر كبيرة للتجار الذين تكدّست كميات كبيرة من بضائعهم في المستودعات دون تصريفها.
وقال عمر عبد الكافي العقاد (50 عاماً)، وهو تاجر مواد غذائية في حي حلب الجديدة، إن تفشّي فيروس كورونا على نحوٍ سريع شكّل “ضربة مؤلمة” للتجار وحمَّلهم خسائر تُضاف إلى سلسلة خسائر تجرعوها بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على الحكومة السورية.
وأضاف لـ”نورث برس”: “لم أعد قادراً على تصريف البضائع المخزّنة سابقاً في مستودعاتي، بعد تراجع حركة البيع والشراء بشكلٍ ملحوظ وعزوف الكثيرين عن شراء المواد الغذائية لصالح الأدوية والعلاجات الطبية”.
ولفت إلى أن تفشّي الفيروس أدى إلى توقف الكثير من المصالح والأعمال إلى حدٍّ كبير، ما شكّل تأثيراً سلبياً على العمال وأصحاب الدخل المحدود ممن يعتمدون على أجر عملهم اليومي.
وتابع “العقاد” أن خياره الوحيد هو انتظار انحسار هذه الموجة المرضية وهبوط خطها البياني الذي يواصل صعوده في الوقت الحالي، حيث لا تزال أعداد المصابين والمتأثرين بالفيروس في ارتفاع.
وأردف: “ليس كورونا وحده من تسبب بتراجع الحركة التجارية، بل كان لانفجار مرفأ بيروت أيضاً تأثيره القوي علينا، فالكثير من التجار خسروا كميات كبيرة من البضائع كانت في المرفأ لحظة وقوع الانفجار”.
وفي حديثٍ سابقٍ لـ”نورث برس”، قدَّر الخبير الاقتصادي السوري، الدكتور عمار يوسف، خسائر التجار السوريين في مرفأ بيروت، بأكثر من مليار دولار أمريكي جراء تضرر بضائعهم الموجودة على أرض المرفأ.
وقال غازي عبد الحميد (60 عاماً)، وهو تاجر قطع سيارات أوروبية مستعملة، إن معظم المصالح التجارية في حلب نالت نصيبها من الركود الاقتصادي الذي سببه تفشي فيروس كورونا.
وأضاف في حديثٍ لـ”نورث برس” أن الأسواق التجارية والمخازن الكبرى على اختلافها تشهد إقبالاً ضعيفاً من قبل المتسوقين، ما عدا قطاع الأدوية الذي يشهد حركة نشطة جراء زيادة الطلب من قبل السكان على الأدوية تفادياً للإصابة بالفيروس.
وتابع: “اعتدنا كتجار أن نتأثر بأي تطور أو كارثة تحصل سواء في بلادنا أو في البلدان المجاورة، كما اعتدنا على تحمّل الخسائر ومواجهة التبعات لوحدنا”.
وأشار إلى “غياب دور الحكومة السورية في دعم الحركة التجارية، واقتصار دورها فقط على فرض الضرائب وسنِّ القوانين المُعيقة لحركة المال والأعمال”، حسب قوله.
وبحسب “عبد الحميد”، فقد كان لانفجار مرفأ بيروت “وقع كارثي” على التجار وحركة الأسواق عموماً، حيث كانوا يقصدونه لاستيراد البضائع ذات المنشأ الأوروبي بسبب العقوبات المفروضة على سوريا.
وتفرض الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية منذ عام 2011، الأمر الذي جعل عجلة الاقتصاد السوري تتجاوز مرحلة التعثّر إلى مرحلة الركود الحاد.
وتوقع محمد أمير ميرا، نائب رئيس غرفة التجارة بحلب، عودة النشاط التجاري قريباً وبالتالي تعافي الأسواق تدريجياً مع انحدار موجة الفيروس وانخفاض الإصابات.
وفيما يتعلق بخسائر التجار ودور الحكومة في دعم الحركة التجارية، اكتفى بالقول إن للتجارة حقيقة واضحة وهي أن “السعي للربح ممكن أن يتسبب بالخسارة”.
وأضاف لـ”نورث برس”: “نحن في ظرف صحي استثنائي ومن الطبيعي أن يتأثر القطاع التجاري وحركة السوق ونقدِّر خسائرهم ومعاناتهم”.
ومنذ مطلع الشهر الفائت، بدأ كورونا ينتشر تدريجياً في مدينة حلب، وسط تكتم حكومي حول حقيقة تفشّي الفيروس وضعف المنظومة الصحية التي تمتلكها الحكومة السورية في مواجهة الوباء.
وسجَّلت حلب حتى الآن /185/ إصابة بالفيروس التاجي، منها /18/ حالة تماثلت بالشفاء و/3/ حالات وفاة، في حين وصل العدد الاجمالي للإصابات في سوريا إلى /1593/ إصابة، طبقاً لبيانات وزارة الصحة الحكومية في دمشق.