بالتزامن مع انهيارها.. تجار وسكان في إدلب يفقدون ثقتهم بالليرة التركية

إدلب ـ نورث برس

يثير انهيار الليرة التركية، على غرار الليرة السورية، ونزيفهما الحاد أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار، الكثير من التساؤلات عن الفائدة المرجوة من تلك العملة المنهارة لسكان شمال غربي سوريا في إدلب وريفها.

ويبقى تأرجح الليرة التركية وعدم استقرارها والتوقعات بأن تواصل النزيف الحاد الذي تمر به، هاجساً يقلق السوريين في الشمال السوري، خاصة وأن ضخ العملة التركية في هذه المنطقة جاء لإنعاشها في ظل تدهور الليرة السورية والتي لا قيمة لها مقابل العملات الصعبة وخاصة الدولار الأمريكي.

وتشير مصادر مهتمة بالشأن الاقتصادي إلى فقدان الثقة بالليرة التركية في مناطق إدلب “بنسبة كبيرة”.

وقال صاحب إحدى شركات الصرافة في الشمال السوري والذي اكتفى بالتعريف عن نفسه بـ”مصطفى الشمالي” في حديث لـ”نورث برس” إن: “الهدف من ضخ العملة للشمال هو دعم الاقتصاد التركي وإضعاف قيمة الليرة السورية، وإرسال رسالة للعالم بتتريك هذه المناطق، إضافة إلى أن الخطوة هدفها طبعاً تنفيذ مخطط سابق متفق عليه دولياً”.

وأضاف: “من الصعب جداً قلب العملة وإنهاء التعامل بالليرة السورية. بنظري هو قرار خاطئ في ظل غياب بنك مركزي في شمال سوريا يقوم بسحب الليرة السورية وضخ الليرة التركية”.

وأشار “الشمالي” إلى أن “الثقة بالليرة التركية نسبتها 50%، وذلك حسب ميول الشخص بين مؤيد ومعارض، حيث أصبحت العملة تعكس ميول الشخص، لكن في هذه الفترة وفي ظل انخفاض قيمة الليرة التركية، فإنها فقدت الكثير من الثقة لدى التجار”.

ورأى “الشمالي” أن “قرار إلغاء ضخ الليرة بالشمال السوري صعب جداً، فطرح الليرة التركية هدفه رسائل سياسية أكثر مما هو إنقاذ للشعب السوري كما تم الترويج له”.

وأعرب عن توقعاته “بأن تواصل الليرة التركية انهيارها مقابل الدولار بعد أن تخطت عتبة الـ /7.45/ للدولار الواحد، وأنه من الممكن أن يصل سعر صرف الدولار إلى /10/ ليرات تركية للدولار الواحد”.

وكان مركز البريد التركي الرسمي في تركيا “PTT” والذي له فرع في شمال سوريا بدأ، في 10 حزيران/ يونيو الماضي، قد قام بضخ كميات كبيرة من العملة المعدنية (فئة ليرة تركية) في مسعى لتأمين الطلب المتزايد عليها بعد قرارات المجالس المحلية لاستبدال الليرة السورية بالتركية.

وكانت أوساط تركية معارضة قد أعربت عن سخطها الشديد من خطوة ضخ العملة التركية في الشمال السوري، في ظل الظروف التي تمر بها الليرة التركية.

وفي هذا الجانب قال مصطفى الشمالي إن لضخ العملة التركية في الشمال السوري إيجابيات وسلبيات، وأضاف: “من إيجابيات هذا الأمر هو منع المستغلين من رفع الأسعار بشكل عشوائي، وضبط الأسواق بشكل أكبر، والحصول على الدولار بسهولة من خلال بيع الليرة التركية للمركزي التركي”.

وزاد “الشمالي” أن “عدم استقرار الليرة التركية يأتي بسبب استراتيجية تركيا الخارجية مما يسبب خسارات للشعب بسبب التقلب، وصعوبة التعامل مع فئات الناس كافة خاصة أن هناك أشخاص تريد عملة تركية وآخرين يريدون العملة السورية وغيرهم يريد الدولار، مما أدى إلى إجبار المواطن إلى التصريف من دولار إلى تركي وبشكل مستمر”.

ووسط تلك الأزمة الاقتصادية، التي تعاني منها الليرة التركية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخراً في تصريحات صحفية، إلى عدم القلق من وعلى الاقتصاد التركي.

وقال إن “تركيا ليس عليها أي ديون خارجية، وإذا نظرنا إلى أمريكا والدول الأوروبية فجميعها تحارب آثار أزمة كورونا الاقتصادية”.

وأضاف أردوغان أن الاقتصاد التركي “يستمر بالنمو وينمو أكثر مما كان عليه بأضعاف”.

وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي “سمير طول” لـ “نورث برس”، إن “الخطأ الأكبر كان فرض العملة التركية في الشمال السوري، خاصة وأن العملة التركية باتت مثل العملة السورية وتشهد تقلبات كبيرة بسعر الصرف أمام الدولار”.

وقال أيضاً إن “السبب أن موارد تركية من الدولار تراجعت بسبب كورونا وتوقف السياحة، وفي حال لم يتحسن الوضع الاقتصادي بكل دول العالم ويتم وضع حد لتفشي كورونا، فلن  يتحسن الاقتصاد التركي ولا أي اقتصاد في المنطقة”.

وأضاف: “الليرة التركية ما تزال متأثرة بأزمة كورونا، كون تركيا تعتمد بشكل كبير على السياحة سواء العادية أو العلاجية، وبنفس الوقت تعتمد على عملية التبادل التجاري سواء مع الداخل السوري أو مع الدول، وفي هذه الأزمة تراجعت السياحة وتراجعت كافة المؤشرات الاقتصادية”.

وأعربت الحكومة السورية في 13 حزيران/ يونيو الماضي، عن غضبها وسخطها الشديد من ضخ العملة التركية في الشمال السوري، متهمةً تركيا بأنها تسعى لما أسمته بـ”تتريك المنطقة واحتلالها اقتصادياً”.

ومنذ عدة أسابيع تشهد الليرة التركية انهياراً واضحاً أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار، بعد وصول سعر صرفه إلى /7.30/ ليرة تركية للشراء، و/7.50/ ليرة تركية للمبيع، في انهيار غير مسبوق.

ووصل سعر صرفها مقابل الليرة السورية ما بين /280/ ليرة سورية للشراء، و/290/ ليرة سورية للمبيع، وفي كثير من الأحيان تتخطى عتبة الـ /300/ ليرة سورية لليرة التركية الواحدة.