“أسئلة مسرَّبة وتعديل لنتيجة الامتحان”.. عمليات غش ورشاوي في امتحانات الثانوية بحلب
حلب – نورث برس
قال طلاب نجحوا في امتحانات الشهادة الثانوية في مدينة حلب، شمالي سوريا، إنهم دفعوا مبالغ مالية ضخمة أثناء تقديمهم لامتحاناتهم الثانوية (البكالوريا) في حزيران/يونيو الماضي، من أجل تحصيل نتيجة بطرق غير نزيهة عبر تأمين تسهيلات لوسائل غش امتحاني في القاعة أو تسريب أجوبة لداخلها أو تغيير أوراق الإجابات في بعض المواد حتى بعد الانتهاء من تقديمها.
وقال الطالب حنان سليم (اسم مستعار)، وهو طالب بكالوريا علمي، إنه لجأ إلى شراء الشهادة الثانوية بمبلغ وصل لثمانية ملايين ليرة سورية، وذلك عبر إيصال الأجوبة الصحيحة له إلى داخل قاعة الامتحان.
وبرّر تصرفه بأنه كان يعيد امتحانات البكالوريا للعام الثالث على التوالي، وهي المرة الأخيرة التي يحق له فيها التقدّم للامتحانات، وفي حال رسب للمرة الثالثة وجب عليه ترك الدراسة والالتحاق بالخدمة العسكرية في صفوف القوات الحكومية. “استنفاذي لسنوات تقديمي للامتحانات كان سيجبرني على الالتحاق بالخدمة العسكرية “.
وأضاف “سليم” أنه نجح بمجموع جيد يسمح له بالتسجيل في الجامعة ونيل وثيقة موجهة لشعبة التجنيد تثبت أنه طالب جامعي، “وبهذه الطريقة نجوت من الالتحاق بالجيش لمدة تتجاوز عشرة أعوام”.
وبلغت نسبة النجاح في الشهادة الثانوية في سوريا للعام الدراسي 2019/2020 في الفرع العلمي /71,78/ % وفي الفرع الأدبي /60,21/ %.
وتركت هذه الأحاديث وقعاً شديداً في نفوس طلبة آخرين درسوا جاهدين ليتمكنوا من تحقيق طموحاتهم في الالتحاق بفرع جامعي يناسبهم، حيث شعروا بالإجحاف حين سمعوا عن أشخاص سلبوهم المقاعد الجامعية عبر المحسوبيات والرشاوي.
واشتكت الطالبة زينب كوشك، وهي طالبة من حلب تقدّمت لامتحانات الثانوية هذا العام، من الفوضى التي شهدتها قاعتها ومن تسريب الأوراق لطالبات كانوا معها بالقاعة.
وقالت: “بعض الطالبات بدّلن أوراقهن بأوراق أُدخلت من خارج القاعة، وقد خرجن من القاعة ما إنْ مضى نصف الوقت المقرر للمادة”.
وأضافت: “هذا ليس عدلاً”.
وزادت: “هذا الأمر يضرُّ بالطلاب الدارسين والذين يريدون أن يصلوا لمستوى الجامعات كالطب وغيرها، وما رأيته من غش وفساد في الامتحانات جعلني أفقد رغبتي في متابعة دراستي، كما جعلني أشك بالشهادات الجامعية فلا أدري لربما يحصل الأمر نفسه للنجاح في مادة ما مقابل مبالغ مالية معينة”.
وقال مصدر من داخل مديرية التربية بحلب، رفض كشف اسمه، لـ”نورث برس”، إن “هناك من يقوم بتقديم الأجوبة الصحيحة للطلاب الذين يدفعون مبالغ مالية قد تتجاوز سبعة ملايين”.
وأضاف: “هناك بعض الطرق الأرخص تكلفة كفتح المجال للطلاب بإدخال مصغرات (أوراق غش) لداخل الامتحانات وهذه تسعيرتها تكون أقل من أربعة ملايين ليرة”.
ومن الطرق الأخرى لمساعدة الطلاب في الامتحانات، أن “يتم تعديل نتيجة المادة عبر اللجنة التي تقوم بإعادة جمع العلامات مرة أخرى بعد تقديم طلب اعتراض، وهناك تقوم اللجنة بإضافة أجوبة لم يكتبها الطالب، وباستخدام القلم ذاته الذي استخدمه الطالب في الامتحان”، وفقاً للمصدر نفسه.
لكن وزارة التربية في الحكومة السورية تعلن في كل عام عن إجراءات لمنع عمليات الغش الامتحاني، وذلك عن طريق نشر مندوبين عن الوزارة ومديرياتها لتنفيذ جولات رقابية على المراكز الامتحانية، وإيقاف شبكات الهواتف الخليوية خلال فترة تقديم بعض المواد الامتحانية.
وقال فهد ملا (37 عاماً)، والذي عمل كمراقب في أحد المراكز الامتحانية بحلب خلال فترة تقديم امتحانات الشهادة الثانوية لهذا العام، إن العملية الامتحانية جرت بشكل “جيد” وسط الضوابط التي وضعتها وزارة التربية.
لكنه أضاف أن “بعض المراكز شهدت تسهيلات للطلبة بحجة مراعاة الظروف الصعبة التي مرّوا بها نتيجة تفشّي فيروس كورونا”.
ورفض “ملا” الأحاديث عن حالات غش على نطاق واسع، لأن الأوضاع كانت تختلف من مركز إلى آخر، “وكل مدرّس كان يتعامل مع الطلاب بطريقته الخاصة لا بحسب التعليمات التي وضعتها الوزارة من ناحية كيفية التعامل مع الطلاب”.