خبير فلسطيني لنورث برس: واشنطن أجلت إعلان صفقة القرن بسبب إيران

رام الله – NPA
خلافاً لما كان يُعتقد ويُستشف من تصريحات سابقة لمسؤولين أمريكيين، فإن واشنطن ستكتفي بإعلان الشق الإقتصادي لخطة السلام في الشرق الأوسط المعروفة بإسم “صفقة القرن” على هامش “ورشة عمل إقتصادية” ستُنظم في البحرين نهايةالشهر القادم، دونما الإعلان عن مضمونها السياسي حيث سيكون مؤجلاً لأجل غير مسمى.
ويقول البيت الأبيض إنه سيكشف النقاب عن الجزء الأول من خطة ترامب التي طال انتظارها للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما يعقد “ورشة عمل اقتصادية” في البحرين يومي 25 و26 حزيران/ يونيو لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة. 
وتستضيف العاصمة البحرينية المنامة “المؤتمر-ورشة عمل” لتشجيع الاستثمار في المناطق الفلسطينية، بمشاركة مسؤولين سياسيين ورجال أعمال اقليميين وعالميين.
وسيترأس هذه الورشة صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، ومبعوث البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط, جيسون غرينبلات، اللذين أمضيا أكثر من سنتين في تطوير الاقتراح.
لكن مسؤولاً أمريكياً أحجم عن القول عما إذا كان مسؤولون إسرائيليون و فلسطينيون سيشاركون في المؤتمر المرتقب، وفق وكالة “رويترز”، على الرغم أن مصادر تحدثت عن مشاركة وزير المالية الإسرائيلي موشي كحلون في ذلك المؤتمر.
الكاتب الفلسطيني المتابع لشأن السياسة الأمريكية د.حسين الديك قال لـ”نورث برس” إنه بناء على المستجدات الجديدة خلال الثماني والأربعين الساعة الأخيرة، فإن هناك وضوح بأن صفقة القرن سيتم تأجيلها ولن تُعلن الشهر القادم.
الكاتب الفلسطيني المتابع لشأن السياسة الأمريكية د.حسين الديك

ورأى الديك أن ثمة أكثر من دافع قد أدى إلى تأجيل الإعلان عن صفقة القرن؛ أولها تزاحم الملفات الإقليمية وخاصة الإيراني أمام طاولة الإدارة الأمريكية، ناهيك أن طرحها في ظل الرفض الفلسطيني “القوي” سيخلق كثيراً من المشاكل في الشارع العربي وسيُحرج الأنظمة العربية التي تؤيد الصفقة الأمريكية خلف الأبواب المغلقة.
ولهذا، “قد يؤدي إعلان الصفقة إلى الإضرار بالحلف السني-الإسرائيلي الذي يتم بلورته في المنطقة لمواجهة إيران.”
ويضاف إلى ما سبق عامل ثالث تسبب بتأجيل إعلان الصفقة الذي كان مقرراً الشهر القادم، ويتمثل في التلكؤ الحاصل في تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، في ظل صعوبات في مفاوضات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع احزاب اليمين التي من المفترض أن تشكل ائتلافه الحكومي القادم.
وفي هذا المضمار، هناك تخوفات من تشكيل نتنياهو لحكومة يمينية تكون قوتها البرلمانية فقط بـ61 عضواً، وهو عدد يعني ان تكون الحكومة الجديدة في إسرائيل عرضة للإنهيار في حال أُعلنت صفقة القرن وخلقت غضباً وجدلاً في صفوف أحزاب اليمين.
ولهذا ارتأت واشنطن لتلافي كل هذه المشاكل ولمعالجة الملف الإيراني، أن تُرجئ الإعلان عن خطتها للسلام دون أت صرح بذلك حرفياً، والإستعاضة عنها بإطلاق مبادرة “إقتصادية” حتى تقول إن الصفقة تسير بخطى ثابتة وأن المؤتمر الإقتصادي في البحرين هو جزء منها، كما يعتقد حسين الديك.
وحتى الشق الإقتصادي من الصفقة الأمريكية، يرى الديك أنه لن يُكتب له النجاح ما دام هناك رفض فلسطيني رسمي وشعبي.
متى سيُعلن الشق السياسي من صفقة “القرن”؟
يجيب الديك “حتى اللحظة لا تاريخ محدد. ترى الإدارة الأمريكية أنه يجب ان تنضج الظروف. والآن هناك أكثر من عقبة، وبخاصة الموقف الفلسطيني الرافض للتعاطي معها وبجابنها بعض المواقف العربية مثل الأردن التي ترفضها بالمُطلق”. 
ولم يستبعد الديك أن يتم تأجيل إعلان صفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية التي ستجري في عام 2020، خاصة إذا ما فاز دونالد ترامب بولاية رئاسية جديدة.
من ناحيته، قال الباحث الإسرائيلي في معهد “بغين-السادات” للسلام د.مردخاي كيدار لـ”نورث برس” إن الرؤية الامريكية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وكأن ما يجري بمثابة مشكلة إقتصادية بحتة، مشيراً إلى أن هذه الطريقة في التوجه الأمريكي للحل غير مقبولة في الشرق الأوسط.
وتابع مردخاي “السيد جاريد كوشنير يعتقد أن المشكلة إقتصادية وحلها يكون كذلك، لكن أنا لا أشاركه هذا الاعتقاد”.
ومع ذلك، يرى مردخاي كيدار أهمية للشق الإقتصادي في تكريس الحل السياسي والمتمثل بعقد “روشة عمل” في البحرين، داعياً الطرف الفلسطيني للمشاركة والتعاطي ايجابياً مع هذا الشق. 
واعتبر أن “الكيانات والدول الفاشلة إقتصادياً لن تنجح في الوصول إلى مبتغاها في الحل السياسي”، على حد تعبيره.
ويعتقد كيدار أن “الحل يمكن أن يبدأ من الإقتصاد؛ فهو ليس نهاية المطاف، وانما بدايته لخلق نوع من الثقة والقاسم المشترك”.