المنصات الإلكترونية ترسم مستقبل الإعلام بأشكال جديدة تعتمد التفاعل

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس

برزت في الآونة الأخيرة منصات إلكترونية تعتمد الفيديو كوسيلة لتقديم الأخبار والتقارير، كما باشرت بعض هذه المنصات بعرض الأعمال الدرامية التلفزيونية، وبعضها أنتج أعمالاً خاصةً على هذه المنصات التي يعتبرها الكثيرون الوسيلة العصرية وأنها ستكون الوحيدة في المستقبل القريب، بمعنى أنها قد تزيح محطات التلفزة وتحتل مكانتها كما استطاعت المواقع الإلكترونية أن تؤثر في حضور الجرائد الورقية.

 وتشير الأرقام، وفق مختصين، إلى أنّ المنصات أصبحت اليوم وسيلة الإعلام الأولى من حيث المتابعة، وفي العالم العربي، هناك منصات يدخلها قرابة /250/ مليون شخص شهرياً، وهذه الأرقام تفوق بكثير أعداد متابعي شاشات محطات التلفزة المختلفة.

وقالت مديرة المكتب الصحفي لشركة أفاميا، وكيل منصة “وياك”، بدور موسى، لـ”نورث برس” إن أرقام متابعي المنصات موثّقة لدى شركات عالمية شهيرة، وتقارير الأرقام لم تعُد سراً، وهي موجودة على الكثير من المواقع الإلكترونية.

ورأت “موسى” أنّ من يقوم بعرض أعماله الدرامية على المنصات، يضمن وصولها لأكبر عدد من الشرائح المنحدرة من ثقافات مختلفة في العالم العربي، ونحن نقوم دورياً بمتابعة أرقام متابعي المنصة، ونجري تحليلات إلكترونية لدى شركات عالمية مختصة في مجال الإحصاءات، لنقوم بتحديد أهدافنا ونوعية الدراما التي ننشرها.

وأضافت: “اختيار المواد الدرامية مرتبط بنوع المنصة والشريحة العمرية المتابعة لها، بالإضافة لثقافة هذه الشريحة، إنّ اختيار الوقت الصحيح خلال اليوم لتحميل الدراما على درجة بالغة من الأهمية، إضافة لعملية الترويج عبر روابط لدى الشركاء”.

وأشارت إلى أن أهم الشروط التي تهتم بها المنصات المشهورة هو “عدم إجبار المشترك على دفع اشتراكات قبل متابعة كل حلقة، فالمنصات هي عبارة عن صفحات يملك الداخل إليها كل الحق والحرية بالبقاء فيها أو الانتقال لمنصة أخرى، لذلك لا يمكن إجبار المتابع على اتباع شروط قاسية لمشاهدة حلقة دراما أو برنامج ما والاكتفاء بتحصيل اشتراك عند البدء باستخدام التطبيق وهذه الطريقة تؤمن للمنصة جزءاً من الأرباح”.

وقالت إن الإعلانات تلعب الدور الرئيس في تأمين الموارد الربحية للمنصات، كما أن شركات الإنتاج تقوم بدفع بعض الأموال للمنصة، لنشر الدراما.

أمّا السيناريست والشاعر محمود إدريس، والذي يحضّر لإطلاق منصة (choice) قريباً، فقد قال لـ”نورث برس” إنّ المنصات تخضع كأي وسيلة عرض لشرط التمويل، ولكن التمويل هنا يتركز في نقطتين أساسيتين هما: المحتوى الذي سيُبثُّ عن طريق هذه المنصات، وهو الأمر الذي يفاضل بين المنصات اليوم، بالإضافة إلى عملية الترويج للمنصة كي تصل لأوسع شريحة من المستخدمين.

وأضاف أن “تمويل هذه المنصات يتم ضمن منظومة متعددة الأهداف، فثمة منصات عالمية تكون مُموّلة من قبل جهات أو حكومات يعنيها بالدرجة الأولى إيصال رسائل لشرائح واسعة من المستخدمين، وهناك نوع آخر، وهو الأكثر شيوعاً، ويتعمّد التمويل بغرض المتاجرة، وهناك نماذج كثيرة لهذا النوع الذكي من الاستثمار الرقمي”.

وعن أسباب توجّه المنصات لتقديم المواد الدرامية، قال إدريس إن “الهدف هو تحرير المادة من سطوة الأقنية التلفزيونية التي تفرض شروطها على المشاهد، من حيث التوقيت وطريقة طرح الحلقات المتسلسلة، وهذا الأمر طرحته المنصات بطريقة مغايرة، ووجد قبولاً لدى المشاهد الذي لن يختار القيد، إن وجد من يعطيه الحريّة في خياراته وجدولتها”.

فيما قال الصحفي وسام كنعان، الذي عمل كمدير تحرير لعدد من المنصات كمنصة (كيو ميديا)، لـ”نورث برس”، “إن التلفزيون التقليدي سيتلاشى تدريجياً  خلال بضعة أعوام، كما تلاشت الصحف الورقية، وستكون المنافذ الإعلامية عبارة عن مواقع إلكترونية، مرتبطة بحزمة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضاف: “سيقتصر عرض الدراما على منصات مثل نيتفليكس وأمازون العالميتين، وشاهد وويّاك العربيتين، وبالتأكيد ستنطلق منصات كثيرة جديدة، وعلى هذه المنصات أن تتبنى خطاباً إعلامياً جديداً وفعّالاً، ينسجم مع مفردات الحياة الراهنة”.

وأشار إلى أنّ “المادة الخبرية في هذه المنصّات يجب ألّا تنحدر للغة السوشيال ميديا ولا تذهب للغة الخطاب الإعلامي التقليدي المحنّط، ويجب الانتباه إلى أنّ  مادة الفيديو هي الأكثر تداولاً ومشاهدةً، حتى لو كانت مادة صحافية تقليدية، يمكن صناعتها على شكل فيديو غرافيك”.

أمّا منصات عرض الدراما، فإن منصّة (choice) السورية، ستنفرد بمكانة خاصة، كونها تؤسس لصيغة عصرية وجديدة وتفاعلية في عرض الدراما، التي تعتمد على خيار الجمهور عند الوصول لكل ذروة، بحسب رأيه.

وأضاف أن المشاهد “سيختار الحل الذي يجب أن يتّبعه بطل الحكاية، وبناء على هذا الخيار ستكتمل الحكاية، وعند الوصول للنهاية سيكون المشاهد هو المسؤول عن هذه الخواتيم، وفي حال رغبته بالعودة للبداية، وتغيير خياراته، يمكنه ذلك لمشاهدة حلول مختلفة ونهايات مغايرة، هي دراما جديدة ومختلفة”.