الاتفاق الإيراني الصيني.. سياسيون إيرانيون: الاتفاق لن يتم بسبب العقوبات الأمريكية
نورث برس
شكك سياسيون إيرانيون، السبت، بمدى إمكانية تطبيق الاتفاق بين الصين وإيران، مرجعين السبب في ذلك إلى أن الصين لن تتورط في اتفاقات مع بلد يخضع لعقوبات أمريكية، إضافة لتوتر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
ونشرت بعض المواقع الإيرانية، مسودة اتفاقية بين إيران والصين، تأتي في فترة تشهد فيها علاقات كلا البلدين مع واشنطن توتراً ملحوظاً، وفي وقت تعاني فيه إيران من سطوة العقوبات وتعثر الاتفاق النووي فيما طموحات الصين ومشروعها الاستراتيجي "الحزام والطريق" يهيئان أرضية صلبة لتعاون البلدين.
وحول الأسباب الداعية لتوقيع هذه الاتفاقية في حال تمت، قال وجدان عبد الرحمن ـ عضو قيادي بحزب التضامن الأهوازي، في حديث لـ"نورث برس"، إن الاتفاقية الجديدة هي من ضمن المشروع الصيني القديم الهادف للاستفادة من الثروات الإيرانية".
وفي 2016 بعد الاتفاق النووي، عرضت الصين على إيران هذه الاتفاقية حيث كانت الأخيرة بحاجة إلى المال وبالمقابل تحقق بكين استفادة كبيرة من الثروات الاقتصادية، فتشكلت رغبة بين الطرفين لإتمامها، بحسب "عبد الرحمن".
وكان محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أشار في حديث تليفزيوني إلى أبعاد متعددة بشأن الاتفاق، وتناول بعض القضايا التي أُثيرت بشأنه في وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني.
وقال "واعظي"، إنه في مرحلة ما، وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين /50/ مليار دولار سنوياً، وخلال زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى طهران في 2016، جرت محادثات تناولت الجوانب الاقتصادية والقضايا الإقليمية والعلاقات الثقافية بين البلدين.
وخلال المؤتمر الصحفي لتلك الزيارة أعلن الرئيسان، الإيراني والصيني، عن بيان مشترك تضمن العمل على وثيقة ترتب مستقبل العلاقة ضمن رؤية استراتيجية للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
"الاتفاقية لن تتم"
وفيما يتعلق بمدى إمكانية أن يتوصل البلدين إلى إعلان رسمي عن الاتفاقية الجديدة، قال "عبد الرحمن"، "لا أعتقد أن تتم هذه الاتفاقية لعدة أسباب وأهمها العقوبات الاقتصادية المفروضة على كامل القطاعات الإيرانية، ناهيك عن الشركات المرتبطة بين الصين والولايات المتحدة، وبالتالي لا يمكن للصين أن تقدم على هذا الأمر تحسباً من ألا تشملها العقوبات الأمريكية".
وأرجع "عبد الرحمن"، السبب لإعادة الإعلان الصيني طرح هذا الموضوع، "للتخفيف من التحرك الأمريكي في البحر الجنوبي للصين، حيث أن الولايات المتحدة تحاول الانسحاب من بشكل كبير من الخليج العربي وبحر عمان باتجاه بحر الصين"، ما يجبرها على إعادة القوات الأمريكية إلى الخليج باعتبار أنه سيكون هناك تواجد كبير للقوات الصينية في الخليج، بحسب "عبد الرحمن".
وأضاف، أن السبب الآخر لعدم تنفيذ هذا الاتفاق، يتمثل من قلق الصين على مصلحها مع الدول العربية، حيث أن إيران في حال تم الاتفاق ستكون قوة عسكرية بفضل السلاح الصيني المتطور التي تنوي الحصول عليه، والصين لديها علاقات كبيرة مع الدول العربية وخاصة الخليجية كالسعودية والإمارات، والأخيرة لديها مشاكل مع إيران، ولذلك لا يمكن للصين أن تجازف بالتخلي عن علاقاتها مع هاتين الدولتين، وترتبط بنظام تعلم أنه آيل للسقوط".
وأوضح أن التعاون الأمني بين الصين وإيران مفهوم، "لأنهما يعرفان تماماً أنهما مشروع معادٍ للولايات المتحدة، وإيران هي الخط الأمامي لمعركة الولايات المتحدة مع الصين".
وأضاف، "لذلك يحاولان أن يكون لديهم تعاون أمني واستخباراتي فيما بينهم، والجميع يعرف قدرة الولايات المتحدة على تفكيك هذا التحالف الذي لن يتم بسبب إصرار أمريكا"، خاصة بعد خطاب بومبيو حول إصرار واشنطن على عدم امتلاك إيران أي سلاح متطور أو نووي.
"خيانة عظمى"
بدوره، قال علي نوري زادة، مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن، في حديث لـ"نورث برس"، إن "الاتفاق لا يزال مذكرة تفاهم مع الصين، تعتبرها القوى الوطنية في إيران (خيانة عظمى)".
وأشار إلى أن "هناك نظرة سلبية بخصوص الاتفاقية خاصة فيما يتعلق بمنح الصين حق الصيد في الخليج الفارسي وبحر عمان بلا حدود، بمعنى أن الصين قادرة على أخد ما تريد من الثروات البحرية".
وأضاف "زادة"، الاتفاقية ستسمح للصين بإرسال /5000/ من العسكريين إلى إيران لضمان سلامة مشاريعها هناك، "منذ القرن التاسع عشر لم تكن في إيران منطقة خاضعة لسيطرة الأجانب وهو مصدر قلق للإيرانيين".
وأشار إلى أن "تنازل إيران عن جزء كبير من بحر قزوين لمصلحة روسيا وتركمانستان وقاغاستان وأذربيجان يعتبر اتفاق خيانة والآن تريد التخلي عن الحقوق في بحر الخليج وعمان، وأن شعار (استغلال) الذي كان الخميني قد رفعه هو شعار كاذب ولا سلطة له، بحقيقة ما يدور في إيران".
وكان من المقرر أن يزور وفد صيني إيران لبحث تفاصيل الاتفاقية، علماً أن رئيس البرلمان الإيراني السابق علي لاريجاني كان قد سافر إلى الصين بأمر من خامنئي وبتكليف منه برفقة خمسة من الوزراء حيث وقعوا على مسودة المذكرة، بحسب "زادة".
ولكن الآن بسبب الاحتجاجات الشعبية، "يبدو أنهم إما سيوقعون عن الاتفاقية سراً دون الإعلان عنها أو ستضطر حكومة روحاني إرسال مسودة الاتفاقية للبرلمان لدراسة مضامينها وإبداء رأيه"، لأن الدستور الإيراني يكلف بإرسال كافة الاتفاقيات مع الأجانب إلى البرلمان وبلا تصويته لا يمكن اعتبار هذه الوثيقة قانونية.
ويعتمد نشر تفاصيل الاتفاق الإيراني-الصيني على ما إذا كان يتضمن بنودًا سرية وهذه السرية لا علاقة لها بمجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور ومؤسسات أخرى.
وبحسب اعتقاد علي نوري زادة، مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن، فإنه في حال تم تقديم الاتفاق إلى البرلمان الإيراني، فسيتم دراسة الأمر بعناية خاصة الآن بعد معارضة الولايات المتحدة الشديدة، إضافة إلى أن الأجواء السائدة بين البلدان الثلاثة ليست مناسبة".
وبالرغم من كل العقبات فإن علاقة إيران المتنامية مع الصين لها أهمية قصوى في مجمل المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية.
وتحتاج إيران في علاقاتها على المستوى الاستراتيجي مع الصين إلى إطار شامل يغطي مختلف مجالات السياسة الاقتصادية والعسكرية والأمنية، وعدم الاقتصار على الاقتصاد فقط.
لدى إيران أسباب كثيرة تجعلها تسعى بشكل حثيث لمثل هذه الاتفاقية؛ فهي تعاني من العقوبات وانخفاض أسعار النفط، وتواجه فيروس كورونا، وتعرضت لسلسلة من الانفجارات الغامضة كان أخطرها في مفاعل نطنز المحوري في البرنامج النووي الإيراني، ومع رفعها لشعار "اقتصاد المقاومة" تحتاج إلى تعزيز آليات تماسكها أمام التصعيد الأمريكي. والتسارع في تعزيز العلاقة مع الصين هو واحد من نتائج "سياسة الضغط الأقصى" التي انتهجها ترامب منذ انسحابه من الاتفاق النووي.
وبالنسبة للصين فقد تكون هذه المعاهدة حلقة من حلقات كثيرة ضمن خطة لتمهيد الطريق لانتقال الصين من مرحلة التجارة إلى مرحلة السيادة، خاصة مع صعودها كقوة منافسة للولايات المتحدة الأمريكية، بحسب مراقبين.