مخاوف اقتصادية تركية من خطوة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد

اسطنبول ـ نورث برس

 

ما تزال ردود الفعل الغاضبة تجاه تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، هي سيدة الموقف بين عدد من الدول الغربية، وما زاد من حدة تلك المواقف هو اعتلاء رئيس الشؤون الدينية التركية المنبر أثناء صلاة الجمعة داخل آيا صوفيا وبيده "السيف" وبحضور الرئيس رجب طيب أروغان، الأمر الذي رأى فيه بعض المواطنين الأتراك أنه يحمل دلالات عديدة تحمل في طياتها مخاوف اقتصادية.

 

وأجمع عدد من الأتراك في حديث لـ"نورث برس" على أن تلك الخطوة من أردوغان "ليست في مكانها".

 

وقال فتحي رضوان أوغلو، وهو أحد الذين كانوا حاضرين لمشاهدة مظاهر تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد، إن "أردوغان بهذه الخطوة سيدخل في حالة عداء مع أوروبا من أوسع أبوابها، إذ أنه ضرب بعرض الحائط كل ردود الفعل المنددة بتلك الخطوة والرافضة لتحويل المتحف إلى مسجد".

 

وتساءل "رضوان أوغلو"، إنه "ما الذي يريده أردوغان من تلك الخطوة؟ حقيقة لا أحد يعلم ما الذي يريده ونصف الشارع التركي يتساءل مثلي".

 

أما نسرين جايا، فقالت إن "مخاوفنا الآن اقتصادية أكثر منها سياسية، فأتوقع أن ينعكس تصرف أردوغان هذا على الاقتصاد في ظل نقمة الغرب عليه وعلى تركيا، لذلك ربما تكون ليرتنا هي الضحية واقتصادنا أيضا".

 

وأضافت "لم أفهم سبب تحويل المتحف لمسجد، علماً أن المنطقة التي يتواجد فيها آيا صوفيا، فيها مسجد كبير ومشهور هو السلطان أحمد، لذلك أعتقد أن الخطوة الأردوغانية خطوة شخصية وليس لها علاقة بدغدغة مشاعر المسلمين ولا تحمل في طياتها أي رسائل دينية".

 

وحضر أردوغان صلاة الجمعة في آيا صوفيا، وبدأ بترتيل بضع آيات من القرآن الكريم، رافقه عدد من المسؤولين في الرئاسة التركية، إضافة لجموع المصلين من الموالين له الذين حضروا لإقامة الصلاة.

 

وكان اللافت في خطبة الجمعة هو اعتلاء رئيس الشؤون الدينية علي أرباش، المنبر وبيده "سيف"، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع التركي أيضاً.

 

وفي هذا الصدد قال سردار ديمير، إن "أردوغان بتحويله المتحف إلى مسجد لن يلم بعد اليوم بدخول الاتحاد الأوروبي، واعتلاء خطيب الجمعة للمنبر وبيده السيف ستزيد من عداوة الغرب ضد تركيا".

 

وأضاف أن "أردوغان يخطط للانتخابات القادمة وكسب الحاضنة المسلمة للوقوف إلى جانبه، لكنه نسي باقي الشعب التركي، وأعتقد أن ما قام به سينعكس عليه سلباً في الانتخابات القادمة، كونه قضى على شعبيته سياسياً، وستكون حظوظه ضعيفة جداً".

 

وبالتوجه صوب ردود الفعل الدولية والغربية، فقد كانت اليونان أول الرافضين لإقامة الصلوات في متحف آيا صوفيا، ومن أجل ذلك سارعت إلى تنكيس أعلامها، تعبيراً عن حزنها لما حل بالمتحف والكاتدرائية الأثرية.

 

وقال رئيس أساقفة الكنيسة اليونانية في تعليقه على افتتاح آيا صوفيا كمسجد وعودة الصلاة به، إن "اليوم هو يوم حداد".

 

ووجه رئيس أساقفة أمريكا للروم الأرثوذكس فلبادوفوروس‏، دعوة عامة لإعلان الحداد لمختلف دول العالم، والتي تضامن معها العديد من الكنائس من الطوائف الأخرى مثل الكاثوليكية.

 

وأعرب مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن تأييده لموقف الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية بشأن آيا صوفيا، داعيا عقب لقائه رئيس أساقفة أمريكا للروم الأرثوذكس إلبيذوفوروس، إلى "بقاء آيا صوفيا متاحاً كمصدر للإلهام والتأمل لكافة المعتقدات".

 

وقال رئيس المركز الدومينيكي للحوار بين الأديان والثقافات في اسطنبول، الأب كلاوديو مونجي في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الجمعة، إن "أردوغان يحاول صرف الانتباه عن ملفات أكثر أهمية بكثير، كالوضع الاقتصادي الصعب أصلاً، والذي أصبح أكثر درامية بسبب الوباء".

 

بدوره، أعلن عبد الجواد أحمد رئيس المجلس العربي، لحقوق الإنسان​، عن أن "تحويل أيا صوفيا إلى مسجد هو أمر مسيء للمسلمين وللإسلام، وهي بوابة الرئيس التركي ​رجب طيب أردوغان​ للعب بمشاعر المسلمين لأغراض سياسية وشغل الرأي العام التركي عن انتهاكات حقوق الشعب التركي ودغدغة لمشاعر المسلمين".

 

وشدد على أن "جرائم أردوغان ضد الإنسانية وانتهاكاته للمواثيق الدولية المتعلقة بالتدخل بالشؤون الداخلية واحتلال الأراضي واستخدام المرتزقة بتلك الجرائم لن يمحيها أو أن اللعب على وتر المشاعر الدينية لدى المسلمين بتحويل المتحف لمسجد لن ينطلي ذلك على الشعب التركي".

 

وطالب أحمد، بضرورة الضغط على الآليات الدولية ذات الصلة بالمطالبة بالتحقيق الدولي في كل جرائم أردوغان ومحاكمته كمجرم حرب.

 

ويُعد متحف آيا صوفيا من مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، كما أنه ارتبط بالإمبراطورية البيزنطية المسيحية، ويعتبر أحد أكثر المعالم الأثرية التي يقبل الناس على زيارتها في تركيا.

 

ويوم الجمعة 10 تموز/يوليو الجاري، أصدر القضاء التركي قراراً قضائياً بتحويل آيا صوفيا لمسجد كما كان منذ فتح السلطان محمد الفاتح مدينة القسطنطينية (إسطنبول حاليا).