محلل سياسي: مصر أربكت التوازن الإقليمي لتركيا في ليبيا

اسطنبول ـ نورث برس

 

حالة من الإرباك والتوتر ما تزال تلقي بظلالها على الديبلوماسية التركية، عقب تفويض البرلمان المصري للرئيس عبد الفتاح السيسي بإرسال جيش بلاده للقتال في ليبيا ضد الأطراف المتدخلة هناك بشكل سافر، وفق ما يرى مراقبون.

 

وقبل نحو أسبوع أعلن البرلمان المصري، في جلسة سرية تفويضه وموافقته على تدخل القوات المسلحة المصرية لحماية الأمن القومي المصري على خلفية الأوضاع في ليبيا.

 

ومنذ ذلك الحين، ومكاتب وزارات الدفاع والخارجية والقصر الرئاسي في تركيا لم تهدأ، وهي تشهد عقد لقاءات تريد من خلالها حشد مزيد من الدعم لصالحها.

 

فتارة يعقد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، اجتماعات مع نظيره القطري، وتارة يعقد اجتماعات مع وزير خارجية مالطا، وتارة أخرى مع وزير الخارجية في حكومة "الوفاق الوطني" الليبية.

 

كما يعقد وزير الخارجية التركي اجتماعات مماثلة، مع شخصيات ديبلوماسية رفيعة المستوى، ودائماً الملف الليبي هو الحاضر الأبرز على طاولة المجتمعين.

 

وآخر تلك الاجتماعات ما عقده الرئيس التركي مع رئيس وزراء إيطاليا، إضافة لرئيس حكومة "الوفاق" الليبية، فايز السراج، وكلها تحركات مكوكية خشية من إقدام مصر على أي خطوة لم تكن في حسبان تركيا، بحسب مراقبين.

 

وتعليقاً على حالة "الإرباك" التي تمر بها تركيا إزاء التحركات المصرية، قال محمد البنداري، الباحث السياسي المختص في العلاقات الدولية لـ "نورث برس"، إنه "لا شك أن المؤتمر الأخير للقبائل الليبية في القاهرة وإعلان البرلمان الليبي تفويض الجيش المصري للدخول في ليبيا، وأيضاً تفويض البرلمان المصري للجيش بإرسال عناصر قتالية خارج حدود الدولة أربك على الأقل التوازن الاستراتيجي لأنقرة في ليبيا، وجعلها تصدر تصريحات سياسية رسمية عن المتحدث باسم الرئاسة التركية وغيره، بأن تركيا لا تريد مواجهة مصر في ليبيا وبالتالي خدمت هذه الخطوات المسار المصري في الأزمة الليبية".

 

وأبرز حالات "الإرباك" التي سببها الجانب المصري للطرف التركي، جاءت على لسان ياسين أقطاي مستشار أردوغان، والذي قال في تصريحات صحفية مؤخراً إن "أنقرة تنظر بجدية لتفويض البرلمان المصري للسيسي بالتدخل عسكرياً في ليبيا، وستراقب عن كثب التحركات المصرية كافة داخل الأراضي الليبية".

 

وكشف "أقطاي" أن "هناك لقاءات تجري على مستوى الخبراء بين تركيا ومصر، وهي ذات علاقة أيضاً بالحيلولة دون حصول أي مناوشات ميدانية بين البلدين في ليبيا".

 

وقال "البنداري" إنه "واقعياً هذه الخطوات التي اتخذت من قبل المؤسسات المصرية وكذلك الليبية ستنفذ بشكل مباشر عندما يتعدى الطرف الغربي الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ليبيا، وهي عدم تخطي الجفرة وكذلك سرت، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء رسمي يتحدث عن تعدي هذه الخطوط الحمراء".

 

وأشار إلى أنه "لو تطورت الأحداث على الأراضي الليبية وخصوصاً في الشرق الليبي ستكون القاهرة في المقدمة كما عبرت في مناسبات كثيرة للدفاع عنها، وذلك للحفاظ على الأمن الوطني المصري وكذلك القومي العربي".

 

وبحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس السبت، في اتصال هاتفي مع رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، كيفية تفعيل مفاوضات التسوية السياسية حول ليبيا، في إطار مسار برلين ومبادرة إعلان القاهرة، سعياً لتقويض مخاطر الإرهاب والميليشيات المسلحة والتدخلات الخارجية التي باتت تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.

 

من جانبهما، شدد كل من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مباحثات بمدينة اسطنبول، السبت، على ضرورة الحل السياسي للأزمة الليبية في إطار قرارات الأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر برلين.

 

ويشهد الملف الليبي حالة من الهدوء والترقب الحذر، في ظل استعداد الجيش الليبي "لساعة الصفر" التي ستعلن بدء معركة سرت والجفرة لطرد القوات المدعومة من تركيا والتي تتمركز بالقرب من تلك المحاور، حيث يرى مراقبون ومحللون سياسيون ليبيون أن تلك المعركة ستكون "معركة كسر عظم" وإنهاء للأحلام التركية على الأرض الليبية.