محور القاهرة- الرياض يؤسس لمواجهة المشروع التركي ويمهد لعودة الدور العربي

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

لم تكن الجولة الخارجية التي قام بها وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، والتي زار خلالها عدد من بلدان شمال أفريقيا المتاخمة لليبيا، جولة عادية في مضمونها والرسائل التي بعثت بها، بحسب محللين وسياسيين تحدثوا عن توافق بين مصر والسعودية.

 

وعكست الجولة تأكيداً "عربياً" على مساعي القيام بدور جاد وفعّال في الملف الليبي بعدما غاب العرب عن المشهد لسنوات، ما سهّل المهمة أمام تركيا للمضي قدماً في مشروعها عبر البوابة الليبية، ومن قبلها السورية.

 

الزيارة شملت تونس والجزائر ومصر والمغرب، وعكست الاهتمام السعودي المتزايد بالملف الليبي، ودعم الموقف المصري فيما يتعلق بالوضع في ليبيا، وسط مساعٍ للرياض من أجل إحداث نوع من التوافق في وجهات النظر بين الدول العربية المجاورة لليبيا حول الملف الليبي، لمواجهة الأطماع التركيّة المتزايدة رغم تبني دول عربية من التي شملتها الزيارة مواقف رمادية أو وقوفها على الحياد من المشهد الليبي.

 

ويُعول محللون على التوافق الحادث بين مصر والسعودية في أن يكون بوابة لعودة الدور العربي في الملف الليبي والتصدي لمحاولات الهيمنة الإقليمية، وأن يسهم في تعزيز وتقوية الموقف الإقليمي المناهض للتدخلات التركية في ليبيا وشرق المتوسط، بما يعزز كفة الجانب المصري الذي هدد بمواجهة مباشرة (تدخل عسكري) في ليبيا في حال أقدمت تركيا على تجاوز الخط الأحمر في "سرت والجفرة".

 

ويؤكد ذلك مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، السفير حسين هريدي، والذي تحدث عن كلمة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته  لقاعدة "جرجوب" العسكرية غرب "مرسى مطروح" قرب حدود ليبيا، والتي أعلن خلالها عن موقف بلاده والخط الأحمر الذي حددته، باعتبار أن تلك الكلمة كانت محركاً رئيساً لعودة الدور العربي، بعد الموقف المصري القوي إزاء التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، لاسيما التركية، خاصة وأن أنقرة تنطلق من مشروع خاص تسعى لاستعادته في المنطقة.

 

وطبقاً لـ"هريدي"، فإن زيارات وزير الخارجية السعودي لعددٍ من الدول العربية بشمال أفريقيا تؤكد ذلك الدور العربي العائد إلى الملف، بعد الموقف المصري، الرافض للتدخلات التركية. 

 

وأشار، في السياق ذاته، إلى ما يمثله ذلك الدور من أهمية قصوى، لاسيما بعد أن غاب الدور العربي عن أزمات وقضايا المنطقة لسنوات عديدة منذ الربيع العربي.

 

وتقود القاهرة والرياض مواجهة المشروع التركي في ليبيا والمنطقة، وقد بدا ذلك من خلال اتفاق البلدين على رفع درجة التنسيق فيما بينهما بشأن قضايا المنطقة. وينظر محللون إلى المحور المصري السعودية بوصفه نواة لتحركات عربية أقوى خلال الفترة المقبلة، بعد تصاعد الخطر في ليبيا، فضلاً عن ما يمثله ذلك الدور من ثقل وعامل ضغط مؤثر ومهم بالنظر إلى قوة السعودية الاقتصادية، وحجم مصر وجيشها المصنف الأول في الشرق الأوسط.

 

وهو ما يؤكده مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمود حجازي، والذي شدد على ما يمثله الدور المصري السعودي -في ظل توافق وجهات النظر والتنسيق المشترك حول قضايا وأزمات المنطقة- من أهمية قصوى، لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، عبر التصدي لمحاولات إقليمية لفرض الهيمنة، في إشارة إلى التدخلات التركية ومساعي أنقرة للسيطرة على ليبيا.

 

واعتبر الدبلوماسي المصري السابق أن هذا التكاتف (المصري- السعودي) من شأنه صد تلك التدخلات بشكل مباشر، وحماية أمن واستقرار المنطقة، ودرء المخاطر التي تلف المنطقة، وقد بعث البلدان برسائل عديدة من خلال تنسيقهما المشترك معاً بأنهما قادران من خلال التعاون والتنسيق على المواجهة وتشكيل موقف عربي متكامل وضاغط للتصدي لمحاولات فرض الهيمنة.