منبج – صدام الحسن – نورث برس
صباح كل يوم، يقوم محمد الجابر(24عاماً) من سكان مدينة منبج، شمالي سوريا، بربط ساقه المركبة صناعياً بواسطة حزام بخصره، فيقوم بعد تثبيتها بإحكام، بتشغيل دراجته النارية بيديه بدلاً من قدمه للذهاب إلى عمله.
ويعمل الجابر في مطعم بالمدينة ويقوم بتوصيل الطلبات للمحال والمستشفيات لقاء أجر يومي يبلغ /3000/ ليرة سورية، يعيل به والدته، بعدما أفقدته الحرب ثلاثة من إخوته.
وكان الجابر قد نزح مع عائلته إلى الريف الشرقي للمدينة عام 2016، أثناء اشتداد المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) في مدينة منبج، ليعودوا إليها بعد نحو شهرين من طرد تنظيم "الدولة"، من المدينة في آب/ أغسطس من العام ذاته.
في هذه الأثناء قرر الجابر مع ثلاثة من إخوته الذهاب إلى منزل أختهم في حي الحزاونة في الجهة الجنوبية من المدينة لتفقد أوضاعها وخاصة بعد نزوحهم من المدينة لفترة شهرين وانقطاع أخبارها عنهم.
"طرقنا الباب، لم يجب أحد، راودتنا مخاوف، اقترح أخي الصغير أن ندخل إلى المنزل للاطمئنان على أختي، دفعنا الباب بقوة ودخلنا إلى المنزل. لكن حياتي تغيرت منذ تلك اللحظة، لقد انفجر اللغم".
فتح الجابر بعد مدة قصيرة عينيه ليجد اثنان من إخوته وقد فارقا الحياة، بينما رأى الثالث وهو ينازع الموت، فما كان منه إلا أن حاول الوقوف لإنقاذه، "المشهد كان مريعاً عندما دخلنا إلى المنزل وانفجر اللغم، حاولت الوقوف لإسعاف أخي، فوجدت ساقي وقد سقطت بالقرب من رأسي ولا أقوى على الحراك".
"جربت كل أنواع العلاج، لكن ذلك لم يُجد نفعاً، أجريت لساقي قرابة \13\ عملية دون جدوى، ازرقت ساقي من شدة الالتهابات، ليأتي بعدها قرار الأطباء بالبتر، شعرت حينها أن الموت أفضل لي من العيش بساق واحدة".
ويبلغ عدد الضحايا من المتوفين والمصابين في مناطق شمال وشرقي سوريا بسبب الألغام حتى الآن حوالي/12/ ألف شخص، "المناطق التي سجلت أكبر عدد من الضحايا هي مدينة الرقة وريفها"، بحسب عدنان حسن، مدير منظمة "روج" لإزالة الألغام.
لاحقاً انتقل الجابر إلى مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، لاستكمال علاجه كون الأطباء في مدينة منبج قرروا بتر ساقه ولكنهم لم يضمنوا نسبة جيدة لنجاح العملية، بسبب قرب الإصابة من الحوض ورجحوا انتقال الالتهاب إلى كامل جسمه بسبب قِصرِ المسافة المتبقية بعد البتر.
"كلفت العمليات الجراحية قرابة /3/ ملايين ليرة سورية، ولعدم قدرتي على دفع هكذا مبلغ، قام أحد أقاربي بتحمل تكاليف العلاج، لكن لم يعد هو الآخر يستطيع أن يدفع المزيد".
بعد ذلك بفترة تم تركيب ساق صناعية "بدعم من منظمة أطباء عبر القارات"، لكن تم تركيب طرف صناعي "بطريقة بدائية مؤلفة من سيليكون وجبصين، كون تكلفة زراعة ساق في العظم تقدر بـ \10\ آلاف دولار، وهو مبلغ كبير بالنسبة لي ولا يوجد من يدفع عني هذا المبلغ".
ويعاني الجابر من مشكلة سقوط ساقه المركبة بشكل مستمر، "فالساق المركبة وضعت فقط تحت العظم دون أسياخ وبراغي لتثبيتها وأقوم الآن بربطها بحزام على خصري لتثبيتها".
ويعيش الجابر حالياً مع والدته في منزل تعود ملكيته للعائلة، وقام الجابر بتجهيزه على عدة مراحل، حيث كان المنزل يفتقر للأبواب والنوافذ والاكساء.
وبالرغم من الصعوبات التي يواجها الشاب في حياته وطول ساعات عمله، "إلا أنني أكافح لأستطيع الاستمرار في الحياة وإكمال بقية حياتي كأي شاب في سني".
ومنذ قرابة أسبوع تقدم الجابر لإحدى الفتيات في مدينته لخطبتها "سيكون عرسي بعد قرابة شهرين من الآن، أشعر بالفرح كثيراً لأنني سأصبح رب أسرة وهو ما سيعوضني عن كل ماحل بي".