دمشق.. انتقادات تشكك بنزاهة الانتخابات وتعتبرها “مسرحية مكررة”

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس
 

مع اقتراب موعد إجراء انتخابات برلمانية في سوريا، تمتلئ شوارع مدينة دمشق بإعلانات وصور مرشحين ضمن حملات دعائية تشهد ذروتها هذه الأيام، وسط انتقادات حادة للحكومة السورية والمرشحين على حدّ سواء، تشكك بنزاهة الانتخابات وتصفها على أنها "مسرحية مكررة وباهتة"، مع غياب أي برنامج انتخابي للمرشحين.

 

وكان من المقرر إجراء انتخابات مجلس الشعب في 13 نيسان/أبريل، لكن بمرسومين منفصلين من الرئيس السوري بشار الأسد تم تأجيل الانتخابات بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، ليُرسي القرار الأخير على إجرائها في 19 تموز/يوليو الجاري.

 

ويتسأل عدد من الفنانين والكُتاب في مدينة دمشق عن جدية الدورة الانتخابية ونزاهتها، مشككين بدور مجلس الشعب في سوريا في سن القوانين وطبيعة الدور الموكل للنواب المشاركين فيه دورياً.

 

"مرشحون دون كفاءة"

 

وقال أحمد الصوفي، وهو فنانٌ تشكيلي من دمشق، "المجلس غير مؤثر وليس له أي دور حقيقي، وأعضاءه يقومون فقط بما يطلب منهم".

 

واستشهد صوفي على رأيه بالقول أن :"ملفات الفساد في وزارة الثقافة ملأت صفحات التواصل الاجتماعي"، متسائلاً "لماذا لم يقم المجلس باستدعاء ومحاسبة المسؤولين؟".

 

وأضاف: "غياب السلطة التشريعية أسس الفساد والتخلف فالفراغ يملأه التخلف والأصولية والفقر، وإذا قمنا بتقييم أعضاء مجلس الشعب فالقلة القليلة منهم لديهم مشروع أو رؤية وهم أصوات ضائعة والباقي سماسرة واسطات"، على حد تعبيره.

 

"قائمة الجبهة"

 

وأشار إلى أنه طوال حياته لم يشارك بأي انتخابات، "ولن أنتخب أيضاً طالما هناك قائمة كانت تسمى الجبهة الوطنية وصارت تسمى مؤخرا قائمة الوحدة الوطنية ويمكن اعتبارها قائمة معيّنة ومفروضة كونها فازت في جميع الأدوار التشريعية منذ العام 1973".

 

وتجري انتخابات مجلس الشعب مرة واحدة كل أربع سنوات، ويعتبر هيئة تتولى السلطة التشريعية في البلاد منذ عام 1971، ويتألف من /250/ عضواً موزعين على فئات وشرائح، وغالباً ما كانت قوائم الحكومة تفوز دون الحاجة إلى دعاية انتخابية.

 

أما محمد عيسى، وهو شاعر وصاحب دار بعل للطباعة والنشر، فوصف ما يجري من انتخابات بأنها تجري لأجل "مجلس شعب بالإكراه"، مضيفاً أنه من البديهي القول إن "هذا المجلس لا يمثلنا".

 

و قال "عيسى" حول قائمة الوحدة الوطنية التي يترأسها حزب البعث الحاكم وتضم /166/ مرشحاً من الحزب، "هذه القائمة ستدخل المجلس بكاملها حتى لو لم ينتخبها أي شخص".

 

"قوات رديفة"

 

ووصف بقية المرشحين المستقلين منهم شيوخ العشائر وقادة حواجز التفتيش ورجال أعمال صيارفة وسيدات أعمال وآخرين بـ "القوات الرديفة" لقائمة الوحدة الوطنية.

 

ورأى محمد عيسى، أن المشكلة الكبرى هي أن "القيادة السورية" تعلم بكل هذه الأمور وتعلم جيداً أن الشعب على أدراك بهذا الوضع، ورغم ذلك ترفض أي تعديل في قوانين الانتخابات، "كأنهم يجاكرون الشعب".

 

واعتبر شعارات وهتافات المسؤولين حول، "الصمود والممانعة" على أنها "ممانعة ضد الشعب" وتعني رفض التغيير والإصرار دائماً على تقديم الأسوأ والاعتزاز به، على حد وصفه.

 

وألقى بعض اللائمة على الشارع، معتقداً أنهم رغم احتجاج الناس على أداء المجلس، لكنهم يسارعون لانتخاب المرشحين لأنهم أما من قريتهم أو أبناء عشيرتهم، وعلى الأغلب من طائفتهم، "هذا ما يُطمئن المسؤولين في القيادة".

 

ويخوض انتخابات هذا العام الآلاف من المرشحين من /15/ دائرة انتخابية في سوريا، غالبيتهم في مناطق سيطرة الحكومة السورية، تتصدرهم قائمة "الوحدة الوطنية" برئاسة حزب البعث الحاكم.

 

"ابتزاز"

 

ويسترجع علي صقر، وهو كاتب ومخرج مسرحي في دمشق، فصلاً من ماضي الانتخابات، "كانوا يضعون بطاقة قائمة الجبهة الوطنية في كيس ربطة الخبز، وبالنسبة لي كان لهذا السلوك بعداً أعمق من كونه جزء من الحملة الاعلانية"، مضيفاً "كنت أرى رابطاً خفياً بين أن ننتخب هذه القائمة وأن نأكل الخبز".

 

وأضاف على نحوٍ ساخر: "هناك نائب يحمل الشهادة الإعدادية وهو من سيقوم بسن القوانين والتشريعات"، وأكد أنه لم ينتخب ولن ينتخب أحداً على هذا النحو ذلك أن القصة كلها "لعبة باسم الديموقراطية"، بحسب تعبيره.

 

"برنامج لا صور"

 

أما معن محمود، وهو نحات مقيم في مدينة صحنايا قرب دمشق فقال لـ"نورث برس": "ماذا نتوقع من أشخاص يعلقون صورهم على جدران المدينة ضمن حملاتهم الانتخابية ليساهموا بزيادة تلوثيها بصرياً وهذا يخالف القوانين".

 

وأضاف أن الناخب يحتاج إلى برنامج انتخابي وليس إلى صورة، "نريد برنامجاً انتخابياً لنعرف ماذا سيفعل هذا المرشح إذا انتخبناه"، مضيفاً "لو قدموا تكاليف حملاتهم الانتخابية للأسر المحتاجة لكنت صدقت نواياهم!".

 

وطبقاً لبيانات صادرة عن دوائر الخدمات في دمشق، يتعهد المرشحون قبل البدء بحملاتهم الدعائية بعدم ارتكاب مخالفات جراء توزيع صورهم ويخالف كل مرشح بقيمة /50-100/ ألف ليرة سورية لكل صورة أو لافتة توضع في مكان غير مخصص لها.

 

وترفض الهيئات الدولية ومعظم البلدان الغربية نتائج الانتخابات في سوريا، وينص قرار الأمم المتحدة /2254/ على تعديل الدستور السوري قبل إجراء الانتخابات، وسط تعثر اجتماعات "اللجنة الدستورية" وتوقعات بانعقادها مجدداً في أغسطس/آب القادم.