جرحٌ لم يهدأ.. ذوو ضحايا يتذكرون “مجزرة السويداء” في ذكراها الثانية
السويداء – نورث برس
لم يدرك خالد الجباعي (45 عاماً)، من سكان قرية الشبكي شرق السويداء، ذات الغالبية الدرزية جنوبي سوريا، أنه سيفقد عائلته في ذلك اليوم، حين أيقظته زوجته فجراً وهي تبكي وترتعد من شدة خوفها بعد ما هاجم عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" قريتهم قبل عامين.
الآن وبعد عامين، تستذكر عائلات ضحايا هجوم لعناصر تنظيم (داعش) فجر الـ /25/ من تموز/ يوليو عام 2018، فقدان /291/ شخصاً على الأقل حياتهم وإصابة المئات جراء الهجوم على قرى شرقي السويداء، ليبقى ذلك الفجر "الدامي" أو "المشؤوم" كما يسميه سكان تلك القرى جرحاً لم يندمل في قلوب من نجوا.
وقال "الجباعي"، لـ "نورث برس": "سمعت تكبيرات ترافقها أصوات تنادي علينا من الخارج، وتطلب منا تسليم أنفسنا وإلا سوف يقتلوننا جميعاً".
وأضاف أنه في تلك اللحظة حاول ضم ابنته الصغيرة (6 أعوام) إلى صدره وانطلق بها رفقة زوجته باتجاه غرفة المونة بغية حمايتهم من أي هجوم قد يطال منزلهم في أي لحظة.
" انهالت زخات متتالية من الرصاص عبر النافذة باتجاهنا فأصيبت زوجتي وتلقت طفلتي طلقة نارية في رأسها الصغير وأنا تعرضت لإصابة في صدري فقدت بعدها وعيي".
استيقظ رب الأسرة ليجد نفسه ممدداً على سريرٍ داخل المشفى الوطني في مدينة السويداء، ولم يكن يعلم تماماً ما حصل له، فأخبره أخوه أنه فقد طفلته وزوجته في ذاك الفجر.
يتذكر الآن: "كان عدد مسلحي داعش المهاجمين لقريتنا يقدر بـ /50/ مقاتلاً (..) اقتحموا منازلنا وذبحوا أطفالنا وشبابنا ونساءنا على حين غرة".
واقتاد عناصر التنظيم المتشدد، عقب ذلك، قسماً من العائلات إلى مدرسة القرية الابتدائية كرهائن، "ليسيطروا في ذلك الفجر على كامل القرية" كما يقول سكانها.
وقال أيسر أبو عمار (47 عاماً)، من سكان قرية الشريحي شرق السويداء، إن ثلاثة عناصر من التنظيم هاجموا منزله في التوقيت ذاته، ليكون المستهدف الأول هو والده.
"في تلك اللحظة كان والدي يجلس في المضافة وهو يحضّر القهوة المرة، وسرعان ما أطلقوا عليه وابلاً من الرصاص فسقط أرضاً مضرجاً بدمائه".
وقال "أبو عمار" إنه استيقظ من نومه، بعد سماعه إطلاق الرصاص، ليتوجه صوب خزانته التي تتواجد فيه بندقيته بهدف ردع المهاجمين، وأغلق على زوجته وأطفاله داخل الخزانة حرصاً على سلامتهم.
وأضاف: "أطلقت النار تجاه أحدهم فسقط أرضاً، وعندما شاهد عناصر التنظيم رفيقهم قتيلاً وعلموا أنني مسلح داخل المنزل، قاموا برمي قنبلة يدوية إلى داخل المنزل فأصبت جراء انفجارها وغبت عن الوعي جراء الصوت المدوي للانفجار".
لدى استيقاظه بعد ساعات من الحادث، أعلمه ذووه أن عناصر التنظيم دخلوا المنزل وقتلوا زوجته وأطفاله، وهو الخبر الذي يصفه بـ"صاعقة" نزلت عليه، على حد تعبيره.
أما بستان عمار (62 عاماً)، وهي أم فقدت ابنها الوحيد وزوجها وهما يدافعان عن أهلهم وجيرانهم في القرية، تقول لـ"نورث برس"، إنها لم تستطع الانتظار والصبر بعدما سمعت بمقتل زوجها وابنها، فهرعت وراء عناصر التنظيم حاملة بندقية في يديها، وأردت أحدهم قتيلاً بعد أن حاول الإمساك بها، وفق قولها.
وأضافت وهي لا تستطيع حبس دموعها: "تابعت السير فرأيت ابني الوحيد مضرجاً بدمائه على الأرض أمام بيت جارنا الذي استشهد أيضاً بعد أن دخلوا إلى منزله وقتلوا من بداخله وأحرقوه".
تقول "بستان" أيضاً: "لن أنسى طوال عمري المجزرة المروعة التي وقعت على أسرتي وأبناء قريتي".
وطبقاً لشهود عيان من المنطقة، هاجم ما يقارب /300/ عنصر لتنظيم "داعش" المتشدد في ذلك الفجر القرى الشرقية من السويداء "الشبكي، والشريحي، ورامي، والرشيدة، والمشنف، والغيضة، ودوما الشرقية" بعد أن تسللوا من البادية السورية.
وتقع هذه القرى بمحاذاة بعضها البعض على طول الشريط الشرقي لبادية الحماد الواسعة والتي تمتد إلى الشرق في العراق وإلى شمال شرقي العاصمة دمشق.
ويرى فاضل مقلد (35 عاماً)، وهو من سكان قرية رامي وآخرون من المنقة، أنه "تم نقل الدواعش إلى بادية السويداء بعد تسويات مع الحكومة السورية".
وكانت عدة صحف عربية قد اتهمت آنذاك الحكومة السورية بتدبير الهجوم وتقديم تسهيلات له.
وأضاف "مقلد"، في حديثه لـ "نورث برس"، أن الحكومة السورية لم ترسل قواتها في الوقت المناسب لمؤازرة سكان السويداء في محنتهم تلك، "ولولا مساندة سكان السويداء ودعم فصائل السويداء الأحرار لكان تنظيم داعش يسيطر الآن على المحافظة بأكملها".