دمشق – أحمد كنعان – نورث برس
تنتشر في حارات دمشق القديمة، وخصوصاً في أيام عطلة نهاية الأسبوع، سهرات لمجموعات من الشباب يعزفون فيها الموسيقا ويغنون ويرقصون على الأرصفة، ورغم الانتقادات والرفض من البعض يدافع هؤلاء الشباب عن مساحاتهم وسط عدم قدرتهم على الدخول إلى المطاعم وأماكن السهر السياحية والمعروفة بأسعارها المرتفعة قياساً بقدرة الشباب المادية.
وقال فادي ضاحي (18 عاماً)، وهو طالب في المرحلة الثانوية وعازف ومغن يقوم بكتابة أغانيه وتلحينها، إنه لا يمتلك إمكانات مادية لدخول مكان عام، ولا القدرة لإقامة حفل، "لذلك وجدت في أرصفة دمشق القديمة مكاناً مناسباً".
وأضاف أنهم غالباً ما يتعرضون للطرد من قبل السكان، "مع أنّ اصوات الحفلات في المطاعم تملأ الفضاء وبأغان رديئة للغاية، وأحياناً يستدعون لنا الشرطة".
لكن "ضاحي" يقول "رغم أن الناس تنظر لنا نظرة سيئة بسبب اختلافنا شكلاً وفكراً، لكننا لا نشكل أي أذى لأحد".
وأوضح أنّه يكتب أغانياً عن الفرح وعن الأمل، وهذا ما يدفع الشباب لانتظاره على أرصفة دمشق القديمة في عطلة نهاية الأسبوع، " لأن الفرح والأمل مفقودان في حياتنا منذ زمن، ولعل من يتابعونني قد لمسوا شيئاً من ذلك فيما أغنيه".
ويختار الشباب الأرصفة مكاناً لسهراتهم التي أنتجت مغنين وعازفين صار لبعضهم جمهورهم الخاص، وفي حين يبدو لبعض الناظرين أنّ هؤلاء الشباب السهارى يعيشون ضياعاً وانعداماً في الرؤية ومشروع للحياة، يرى البعض الآخر صورة مختلفة لهواة وأصحاب إمكانات لم تجد متنفساً آخر لها.
أمّا نهاد سالم (17 عاماً)، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، فقالت لـ "نورث برس" إنها حتى لو كانت تملك النقود لارتياد الأماكن العامة فلن تذهب إليها، "لأن أجواء هذه الأماكن لا تشبهني، فالموسيقا رديئة والأغاني هابطة وبلا معنى".
وأضافت: "لن نموت رغم أنّ الناس تنظر لنا نظرة سيئة، وهم يتخيلون عنا أشياء كثيرة، وأتمنى أن تصل صورتنا الحقيقة للناس، فلسنا عبدة شيطان كما يظنون ولا نتعاطى الممنوعات رغم انتشارها".
وتشدد "سالم" أنّها وأصدقاؤها يعانون ضغوطاً كبيرة، وسهرات الأرصفة هي وسيلة لتفريغ الطاقة السلبية عبر الغناء والعزف والرقص.
وقالت دانة الشيخ (18 عاماً)، وهي طالبة في المرحلة الثانوية أيضاً، إن الفرصة أتيحت لاكتشاف كل من المشاركين لنفسه واكتشاف الآخرين، والاستماع لموسيقاهم وأغانيهم.
وأضافت: "نحن نجتمع لنستمع للموسيقا ولنغني، فأنا أتحدث كما أشاء، وأمشي كما أشاء، وأغني كما أشاء، وأفتقد هذه الحرية في أجواء أخرى".
وترى "الشيخ" أنه يجب توفير مساحة لحرية التعبير عن الرأي، "فلماذا لا نستطيع الإفصاح عن أفكارنا دون أن نتلقى هذا الهجوم القاسي من الجميع لمجرد أن اخترنا الأرصفة لإقامة سهراتنا".