الدبلوماسي الأميركي بيتر جالبرت : الحرب السورية انتهت و"قسد" من المنتصرين القلائل فيها

واشنطن  – هديل عويس – نورث برس.

 

على هامش ندوة استضافتها ممثلية "مسد" في واشنطن قالت السيدة سينم محمد، ممثلة مجلس سوريا الديموقراطية لـ"نورث برس" أن الشراكة الأميركية مع قسد والقائمة أساساً على محاربة تنظيم "الدولة الاسلامية" تتطور بشكل أفضل لتشمل جوانب أخرى في إطار التواصل ودعم تجربة الحكم في المنطقة.

 

وأشارت "محمد" إلى هذا الدعم يتم من خلال "تثقيف الناس حول الانخراط والمشاركة في العملية الديمقراطية والنهوض بقطاعات الصحة والتعليم والإعلام والتربية وهي أمور لا تنفصل عن هدف هزيمة تنظيم داعش بشكل نهائي والقضاء على الفكر الراديكالي".

 

وأضافت، أن من الهواجس الأخرى للولايات المتحدة في سوريا، تمدد الوجودين الإيراني والروسي وهي ما يحدث للأسف بسبب توجه أميركا الأخير  نحو الابتعاد عن المنطقة ليس فقط في شمال وشرق سوريا ولكن في عموم الشرق الأوسط.

 

وأردفت أنه على الرغم من رغبتنا الشديدة في ألا تكون لإيران اليد الطولى في سوريا يستمر التواجد الايراني على الحدود السورية العراقية كما سعى النظام وحلفاءه لملء بعض النقاط التي انسحبت منها إدارة الرئيس ترمب في نوفمبر العام ٢٠٢٠.

 

"تجربة فريدة"

 

وقال "ديفيد فيليبس" مدير برنامج بناء الإنسان في معهد دراسات حقوق الإنسان في جامعة كولومبيا الأميركية العريقة، أثناء مشاركته في الندوة، إن الحل اللامركزي لسوريا وتجربة الادارة الذاتية نموذج رائد وفريد ليس فقط في الإطار السوري ولكنها تعتبر تجربة ملهمة للشرق الأوسط حيث تقوم التجربة على أساس التعددية واللامركزية والعلمانية والاهتمام بالتوازن البيئي وهو أمر فريد في المنطقة.

 

"الحرب السورية انتهت"

 

من جانبه قال السفير الأميركي السابق الى كرواتيا، بيتر “جالبرت” على هامش الندوة، وهو باحث مطّلع على القضية الكردية إن الحرب السورية انتهت  حتى وإن كان القتال مستمراً في بعض المناطق.

 

 وأضاف "أقول انتهت لأن الحدود الجديدة للمناطق والنفوذ رسمت تقريباً بشكل نهائي، فالنظام انتصر في غرب وجنوب سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية لا تزال تسيطر على ثلث البلاد من خلال شكل حكم سياسي أثبت فاعليته وعدم تبدله في السنوات الأخيرة على الرغم من كل التحديات، مثل المحاولات التركية لغزو المنطقة".

 

ويرى “جالبرت” إن  "نجاح تجربة الإدارة الذاتية وانتصار "قسد" وإن كان للتواجد الأميركي دور فيه إلا أنه دور محدود، بالمقارنة مع أهمية وجود مشروع سياسي في هذه المنطقة، وهو أمر غير موجود في مناطق المعارضة والسبب الأساسي لهزيمة المعارضة المدعومة تركياً، وبالتالي أعتبر أن النهاية بالنسبة لمن أراد تغيير مصير شمال شرق سورية هي نهاية سعيدة" ، بحسب تعبيره.

 

"تركيا محاصرة بالتناقضات"

 

ويشير "جالبرت" الى أن الجيوب التي تملكها تركيا هنا وهناك، لا تعتبر انتصاراً لصالح المعارضة ولا تؤسس لنفوذ سياسي بيد المعارضة السورية، فهذا الوجود المهدد بالتناقضات الكثيرة ما بين المصالح المتشعبة لتركيا وروسيا وإيران والنظام لا يصنع من المعارضة صانعة قرار وتأثير في مستقبل سوريا.

 

ويؤكد “جالبرت” على أهمية الأفكار التي تقوم عليها تجربة الإدارة الذاتية لتجعلها تجربة حكم متينة تتمتع بشعبية دولية وتعاطف مجتمعي في أميركا والعالم.

 

ويشير إلى  كتب المفكر الاميركي "موري بوكشن" الذي تعمّق عبدالله اوجلان في قراءته ودراسته في منفاه، حيث يرى “جالبرت” تطابقاً كبيراً في أفكار بوكشن وتجربة الإدارة الذاتية.

"موالون للإدارة بأمريكا"

 

 ويقول "في ولاية فيرمونت الأميركية التي أسكن فيها، يملك "بوكشن" مجموعات كبيرة من المعجبين بأفكاره وهؤلاء متعاطفين مع تجربة الادارة الذاتية ونموذج الحكم فيها، وهذا ما أقصده حين أقول أن وجود مشروع سياسي هو أحد أهم نقاط القوة لتجربة قسد والتي تجعلها من المنتصرين" .

 

ويردف “جالبرت” : "هذا المجتمع المؤيد لتجربة شمال شرق سوريا هنا في فيرمونت الأميركية وللمفارقة، تجده يؤيد خروج الولايات المتحدة من كل منطقة ذهب إليها الجيش الأميركي إلا أنه يؤدي بقائنا في سوريا وهذا ينطبق تقريباً على كل المنتمين للحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة الأميركية".

 

"مستقبل الإدارة الذاتية"

 

ويشرح "جالبرت" احتمالات ما يحمله المستقبل من سياسات أميركية لمنطقة شمال وشرق سوريا، حيث يقول أن جو بايدن هو من بين السياسيين الديمقراطيين الأكثر معرفة بقضية الكرد والمنطقة وكل تطوراتها حيث كان عضواً في مكتب العلاقات الخارجية للكونغرس، وكان شاهداً على أهم المراحل التي مرّت بها المنطقة".

 

كما يؤكد أن  توني بلينكن، وهو المستشار السياسي الأول لجو بايدن، كان قد صرّح بأن بايدن ينوي إبقاء كل القوات الأميركية في شمال شرق سوريا ويمنع أردوغان بشكل حازم من غزو المنطقة.

 

وأما اذا كان ترمب فائزاً في الانتخابات المقبلة، فيرى "جالبرت" أن المنطقة تملك عدة أوراق لا بد من أن تستخدمها لتضغط على الإدارة الأميركي لمنع تركيا من ارتكاب هجمات وحشية وعنيفة، ولكن المنطقة ايضاً تملك الكثير من الأوراق لضمان استقرارها ومنع تركيا من الهجمات العنيفة وبقاء أميركا حتى في ظل وجود ترمب ومن هذه الأوراق ضرورة تعزيز التنسيق والتفاهم مع إقليم كردستان العراق.

 

"حملات في أمريكا"

 

ويرى الدبلوماسي الأمريكي السابق أن، هناك أهمية بالغة لتفعيل الحملات الخاصة بتعريف المجتمع الأميركي وخاصة المسيحيين المحافظين في الولايات المتحدة بالوجود المسيحي الاثني وتنوعه وقدمه في منطقة شمال شرق سوريا التي يطلق أردوغان الغزوات الوحشية فيها.

 

ويلفت إلى أن تحقيق ذلك يجب أن يتم من خلال العمل في أميركا على هذا الملف، "فالمهتمين بهذا الجانب هم من الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس ترمب، ونائب الرئيس ترمب نفسه "مايك بينس" يقدّم نفسه على أنه حامل لواء الدفاع عن المسيحيين في هذه الادارة، وبالتالي الضغط في هذا الجانب بكل الأشكال الممكنة من شأنه التأثير في إدارة ترمب.

 

ويؤكد أن الضغط في هذا الملف يمكن أن يلعب دور أكبر بتدعيم حكم الإدارة الذاتية من خلال تعريف المجتمع الاميركي بما تفعله تركيا بقيادة أردوغان بهذه الجماعات المسيحية المنتمية لشمال شرق سوريا.

 

"إبراز مميزات الإدارة"

 

ويتابع “جالبرت” أن من نقاط القوة المهمة جداً والأوراق التي يمكن أن تفعلها "قسد" لتدعيم تجربتها بدعم غربي وأميركي هي مسألة المساواة بين المرأة والرجل والتجربة النادرة في تمكينها للمرأة من كل الجوانب، وهذا أمر له بالغ الاهمية أيضاً في الولايات المتحدة وأوروبا وفي مجتمعات مؤثرة للغاية في سياسات حكوماتها وبالتالي تثقيف العالم وتعريفه عن اهتمام الادارة الذاتية بهذا الملف بشكل غير مسبوق في المنطقة له أهمية سياسية ستعود بالنفع الكبير على "قسد".

 

و يشير  الى أهمية شرح تطورات الحرب التي يقودها العالم برمته ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" للمجتمع الأميركي، ودور "قسد" كرأس حربة في الدفاع عن العالم في هذه الحرب.

 

 ويلفت “جالبرت”  إلى أن من الأهمية بمكان أن يعرف الرأي العام الأميركي أن "داعش" لم تنته وأن المعركة معها طويلة وخطيرة وشاقة وأنه ثمة اليوم في مناطق "قسد" مخيمات تضم الآلاف من السجناء والمحتجزين الخطيرين.

 

 كما يشدد على ضرورة التأكيد على وجد مئات الأطفال لمقاتلين كانوا تابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) ترفض حتى اليوم دولهم الغربية اعادتهم الى بلدانهم وبالتالي يجب أن يتوقّع العالم كيف سيكبر هؤلاء الأطفال وكيف يجب التفكير بجدية في هذا الأمر وفي مقدمة ذلك عدم مناقشة مسألة الخروج الاميركي من سوريا بل السعي لتدعيم دولي أكبر لتجربة "قسد" المدنية والعسكرية.