رغم غيابها عن الإعلام.. محللون يتحدثون عن طبيعة الدوريات الروسية التركية في منطقة كوباني
نورث برس
على الرغم من أن الدوريات المشتركة (الروسية ـ التركية) على طريق حلب ـ اللاذقية الدولي أو ما يعرف بطريق الـM4)) تتصدر واجهة التطورات والأحداث في تلك المنطقة، إلا أن دوريات مماثلة تتم شمال شرقي سوريا وتحديداً عند منطقة "كوباني" من دون أن يصرح الطرفين عن أي تفاصيل تتعلق بها.
وتطرح تلك الدوريات المشتركة عند "كوباني" العديد من التساؤلات عن أهميتها، والهدف منها، والعراقيل التي تعترضها؟.
وبدأ تسيير الدوريات "الروسية ـ التركية"، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، حيث تم تسيير أول دورية مشتركة بين الطرفين، انطلاقاً من مدينة سري كانيه وحتى مدينة القامشلي في شمال شرقي سوريا.
وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، ادعت مصادر تركية غير رسمية أن قوات سوريا الديمقراطية، تعمل بشتى الوسائل لعرقلة تلك الدوريات ومضايقتها، دون صدور أي بيانات رسمية من وزارتي الدفاع الروسية أو التركية.
وفي هذا الصدد قال المختص بالشأن الروسي سامر إلياس، لـ "نورث برس"، إن "التركيز الأساسي اليوم للقسم المتعلق بطريق (M4) الواصل بين حلب واللاذقية، حيث كانت هناك أعمال عسكرية كبيرة في الفترة القريبة الماضية، والتركيز على أن يكون هذا الطريق سالكاً كجزء من الطريق الدولي الكامل الذي يصل بين ميناء اللاذقية ومدينة الحسكة في أقصى شمال شرقي سوريا".
وأضاف أن "المنطقة هي أكثر أمناً خاصة أن الجانب الروسي يسيطر بشكل كامل على قرار النظام السوري من جهة، وهو على علاقات جيدة مع الطرف الكردي، ويستطيع ضبط المعادلة بشكل أكثر هدوءاً في مناطق شمال شرقي سوريا نظرا إلى أن قوات سوريا الديمقراطية هي المسيطرة على المنطقة".
وأشار إلى أنه "فيما يخص إدلب هناك عقدة وأزمة في هذا الموضوع لذلك التركيز الإعلامي يتم على الجزء المار بمنطقة إدلب وهو طريق M4".
وأضاف "أعتقد أن فتح الطريق الدولي وفي حال سارت الأمور بشكل جيد في منطقة إدلب وريف حلب، فليس هناك مشكلات حقيقية يمكن أن تواجه فتح الطريق الدولي شمال شرقي سوريا، كون هذا الطريق مهم جدا كونه يصل بين قاعدة حميميم من جهة وقاعدة القامشلي التي تم إنشاءها أقصى شمال سوريا، وهو يساعد في إمكانية التحايل على قانون قيصر وفي مسألة نقل البضائع التجارية والنفط بين مناطق النظام السوري ومناطق قوات سوريا الديمقراطية، لذلك روسيا مهتمة بفتح هذا الطريق بشكل أساسي".
أهمية الدوريات
وفيما يتعلق بالموقف التركي تجاه تسيير تلك الدوريات وأهمية المناطق التي تنفذ فيها الدوريات، رأى "إلياس" أن "تركيا اهتمامها يتركز حول عدم تمركز قوات سوريا الديمقراطية في مناطق قريبة من الحدود وإبعادها إلى مناطق أكثر من /30/ كم".
وفي سياق الموقف التركي أيضاً قال الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو، لـ"نورث برس"، إن "التطورات العسكرية في إدلب والعراقيل التي واجهتها الدوريات التركية الروسية في شمال شرقي سوريا خلال الأسابيع الماضية، وضعت (أنقرة وموسكو) في موقف صعب وحرج أكثر من مرة بسبب احتجاجات السكان المدنيين ضد تواجد العناصر الروسية".
وأضاف أنه "في المقابل تعرضت الدوريات التركية لمواقف استفزازية مماثلة في "كوباني"، لكن أنقرة تعاملت معها بكل حكمة من أجل المحافظة على استمرارية الدوريات بين الطرفين، لكن هناك حالة من القلق لدى الجانب التركي من الأداء الروسي في إدلب حيث يبدو أن الخلافات الجانبية بين البلدين مرشحة للتفاقم في المرحلة القادمة".
وحول أهمية تلك الدوريات قال رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، المحلل السياسي الروسي "دينيس كوركودينوف" لـ "نورث برس" إن "الدوريات الروسية التركية المشتركة في شمال شرقي سوريا تتمتع بأهمية استراتيجية كجزء من جهود البلدين للحد من الفرص الأمريكية في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدوريات التي ينظمها القادة العسكريون الروس والأتراك ، خاصة بالقرب من كوباني، دليل على أن موسكو وأنقرة، على الرغم من التناقضات الواضحة في المسرح السوري للعمليات العسكرية، قادرتين على القيام بأعمال منسقة بشأن ذلك وهو مستوى لن تعتبره دمشق الرسمية خطراً على سلامتها الإقليمية وأمنها".
وأضاف أنه "في الوقت نفسه، لا يمكن أن يسمى التعاون بين روسيا وتركيا في شمال شرقي سوريا على أساس الثقة المتبادلة. تشك أنقرة وموسكو، إلى حد ما، في صدق أعمال بعضهما البعض، لكنهما تتفقان على أن واشنطن لا تزال المنافس الرئيسي لها في مجال السيطرة الإقليمية".
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من عدد من الاستفزازات المنظمة على طرق الدوريات الروسية التركية (رمي الحجارة والزجاجات بمزيج حارق، وانفجارات المعدات العسكرية)، فإن موسكو وأنقرة لا تنويان التخلي عن مشروع السيطرة المشتركة على المنطقة، وسيزداد حجم هذا التعاون فقط، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى حقيقة أن روسيا تحاول تقييد أعمال الجيش التركي في منطقة العملية العسكرية (سري كانيه/ رأس العين وتل أبيض)، ومنع المذابح التي قد ينظمها الأتراك بحجج واهية".
زيادة الضغط
وأشار إلى أنه "من بين أمور أخرى، تهتم روسيا وتركيا بنفس القدر بزيادة الضغط على القوات العسكرية الأمريكية المتبقية في دير الزور، وبالتالي الموازنة بين مواقف اللاعبين الإقليميين في منطقة العملية العسكرية التركية، لكن لا موسكو ولا أنقرة قادرة على التعامل مع هذه المهمة بمفردها، فإن القدرة على الحد من النفوذ الأمريكي تكون فقط إذا عملت روسيا وتركيا معًا".
وأضاف الخبير الروسي أن "أراضي الجزء الشمالي الشرقي من سوريا هي التي تمثل منصة فريدة للتعاون الروسي التركي، إذ أن القوات المسلحة للبلدين لها معاقل في هذه المنطقة وتدرك مصالحها هنا والتي غالبا ما تتزامن".
ويأتي تسيير تلك الدوريات، تنفيذا لاتفاق "سوتشي" بين روسيا وتركيا، والذي تم الاتفاق عليه في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2019، بخصوص المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا من جهة، وتجنب اندلاع الصراع ما بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى.